الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ويجوز رهن المبيع غير المكيل والموزون قبل قبضه إلا على ثمنه . في أحد الوجهين ) . إذا أراد رهن المبيع للغير ، فلا يخلو : إما أن يكون قبل قبضه أو بعده . فإن كان بعد قبضه : جاز بلا نزاع . وإن كان قبل قبضه ، فلا يخلو : إما أن يكون مكيلا أو موزونا ، وما يلحق بهما ، من المعدود والمذروع ، أو غير ذلك . فإن كان غير هذه الأربعة ، فلا يخلو : إما أن يرهنه على ثمنه ، أو على غير ثمنه . فإن رهنه على غير ثمنه : صح . جزم به في الشرح . والهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، والحاوي الكبير ، والوجيز ، وتذكرة ابن عبدوس ، والمصنف هنا ، [ ص: 143 ] وغيرهم . وقدمه في الرعاية الصغرى . وصححه في الرعاية الكبرى . والفائق ، سواء قبض ثمنه أو لا . وقيل : لا يصح . وأطلقهما في الحاوي الصغير . وقيل : لا يصح قبل نقد ثمنه . وإن رهنه على ثمنه : فأطلق المصنف في صحته وجهين . وأطلقهما في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ، والمغني ، والشرح ، وشرح ابن منجى ، والرعاية الصغرى ، والحاويين .

أحدهما : يصح . صححه في التصحيح . وجزم به في الوجيز ، وتذكرة ابن عبدوس . والوجه الثاني : لا يصح مطلقا . صححه في النظم ، والرعاية الكبرى . وأما المكيل والموزون ، وما يلحق بهما من المعدود والمذروع قبل قبضه : فذكر القاضي جواز رهنه . وحكاه هو وابن عقيل عن الأصحاب . قاله في القاعدة الثانية والخمسين . واختاره الشيخ تقي الدين رحمه الله . قال في الرعاية الكبرى ، والفائق : يصح في أصح الوجهين . وقدمه في النظم ، والرعاية الصغرى ، والحاوي الصغير . وجعلها كغير المكيل والموزون . وهو ظاهر كلامه في الهداية ، والمذهب ، والخلاصة ; وغيرهم . لأنهم أطلقوا . وقال في الشرح : ويحتمل أن لا يصح رهنه . قلت : وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب . وهو ظاهر كلام المصنف هنا . واختاره القاضي في المجرد ، وابن عقيل . وجزم به في الحاوي الكبير في أحكام القبض . وقال في التلخيص : ذكر القاضي ، وابن عقيل في موضع آخر : إن كان الثمن قد قبض : صح رهنه ، وإلا فلا . وأطلقهما في الفروع في باب التصرف في المبيع وتلفه . لكن محلهما عنده : بعد قبض ثمنه . [ ص: 144 ]

تنبيه :

اقتصار المصنف على المكيل والموزون بناء منه على أن غيرهما ليس مثلهما في الحكم . وهو رواية . واختاره بعض الأصحاب ، والمصنف . والصحيح من المذهب : أن حكم المعدود والمذروع : حكم المكيل والموزون ، على ما تقدم في آخر الخيار في البيع . قال ابن منجى في شرحه : وأما كون رهن المكيل والموزون قبل قبضه لا يجوز ، فمبني على الرواية التي اختارها المصنف . وهي أن المنع من بيع المبيع قبل قبضه : مختص بالمكيل والموزون . وتقدم في ذلك أربع روايات . هذه . والثانية : مختص بالمبيع غير المعين . كقفيز من صبرة . فعليها : لا يجوز رهن غير المعين قبل قبضه . ويجوز رهن ما عداه على غير ثمنه . وفي رهنه على ثمنه الخلاف . والثالثة : المنع مختص بالمطعوم . فعليها : لا يجوز رهنه قبل قبضه . ويجوز رهن ما عداه على غير ثمنه ، وفي رهنه على ثمنه الخلاف . والرابعة : المنع يعم كل مبيع . فعليها : لا يجوز رهن كل مبيع قبل قبضه على غير ثمنه . وفي رهنه على ثمنه الخلاف . انتهى .

فعلى الأول : يزول الضمان بالرهن على قياس ما إذا رهن المغصوب عند غاصبه . قاله في القاعدة السابعة والثلاثين . وقد تقدم ما يحصل به القبض في آخر باب الخيار في البيع ، في أول الفصل الأخير . وتقدم في أواخر شروط البيع " لو باعه بشرط رهنه على ثمنه " .

التالي السابق


الخدمات العلمية