الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ومتى عقل المجنون ، وبلغ الصبي ، ورشدا : انفك الحجر عنه ما بغير حكم حاكم ) . وهو المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . ونص عليه . وقيل : لا ينفك إلا بحكم حاكم . اختاره القاضي . وقيل : لا ينفك في الصبي إلا بحكم حاكم ، وينفك في غيره بمجرد رشده . قوله ( والبلوغ : يحصل بالاحتلام ) بلا نزاع ( أو بلوغ خمس عشرة سنة ، أو نبات الشعر الخشن حول القبل ) هذا المذهب . وعليه الأصحاب . ونقله الجماعة عن الإمام أحمد رحمه الله . وحكى عنه رواية : لا يحصل البلوغ بالإنبات . وقال في الفائق : ويحصل البلوغ بإكمال خمس عشرة سنة . وعنه : الذكر وحده . قوله ( وتزيد الجارية بالحيض والحمل ) بلا نزاع . على الصحيح من المذهب . قال في المحرر ، والفروع : وحملها دليل إنزالها . وقدره : أقل مدة الحمل . وكذا قال الزركشي ، وغيرهم . [ ص: 321 ] وعنه لا يحصل بلوغها بغير الحيض . نقلها جماعة . قال أبو بكر : هذا قول أول .

فائدة :

لو وجد مني من ذكر خنثى مشكل : فهو علم على بلوغه . وكونه رجلا . وإن خرج من فرجه أو حاض : كان علما على بلوغه ، وكونه امرأة . هذا الصحيح من المذهب . وجزم به في الكافي . وقدمه في المغني ، والشرح . وصححه في التلخيص . قال في الرعاية : والصحيح : أن الإنزال علامة البلوغ مطلقا . وقدمه ابن رزين في شرحه . وقال القاضي : ليس واحدا منهما علما على البلوغ . قال في عيون المسائل : إن حاض من فرج المرأة ، أو احتلم منه ، أو أنزل من ذكر الرجل : لم يحكم ببلوغه ; لجواز كونه خلقة زائدة . وإن حاض من فرج النساء ، وأنزل من ذكر الرجل : فبالغ ، بلا إشكال . انتهى .

وإن خرج المني من ذكره ، والحيض من فرجه : فمشكل . ويثبت البلوغ بذلك . على الصحيح من المذهب . قال القاضي : يثبت البلوغ به . وجزم به في الفصول ، والتلخيص ، والرعايتين ، والحاويين ، والفائق ، وتذكرة ابن عبدوس ، والفروع . وذكره في باب ميراث الخنثى . وقدمه ابن رزين في شرحه . وتقدم كلامه في عيون المسائل . وقيل : لا يثبت بذلك البلوغ . وأطلقهما في المغني ، والشرح . وإن خرج المني والحيض من مخرج واحد : فمشكل بلا نزاع . وهل يثبت البلوغ بذلك ؟ فيه وجهان . وأطلقهما في الرعاية الصغرى ، والفروع ، والفائق .

أحدهما : لا يحصل البلوغ بذلك . وقدمه في الرعاية الكبرى . والثاني : يحصل به . [ ص: 322 ] قلت : وهو أولى ; لأنه إن كان ذكرا فقد أمنى . وإن كان أنثى فقد أمنت وحاضت . وكلاهما يحصل به البلوغ . ثم وجدت صاحب الحاوي الكبير قطع بذلك . وعلله بما قلنا . قوله ( والرشد : الصلاح في المال ) . يعني لا غير . وهذا المذهب . وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به كثير منهم . وقال ابن عقيل : الرشد الصلاح في المال والدين . قال : وهو الأليق بمذهبنا . قال في التلخيص : ونص عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية