الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والثالثة : هل يتعلق الدين بعين التركة مع الذمة ؟ فيه ثلاثة أوجه . وقال في موضع آخر : هل الدين باق في ذمة الميت ، أو انتقل إلى ذمم الورثة ، أو هو متعلق بأعيان التركة لا غير ؟ فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : ينتقل إلى ذمم الورثة . قاله القاضي في خلافه ، وأبو الخطاب في انتصاره ، وابن عقيل . وقيده القاضي في المجرد بالمؤجل . قال في الفروع : وفي الانتصار ، الصحيح : أنه في ذمة الميت في التركة . انتهى .

ومنهم : من خصه بالقول بانتقال التركة إليهم ، والوجه الثاني : هو باق في ذمة الميت . ذكره القاضي أيضا ، والآمدي ، وابن عقيل في فنونه ، والمصنف في المغني . وهو ظاهر كلام الأصحاب في ضمان دين الميت ، والوجه الثالث : يتعلق بأعيان التركة فقط . قالهابن أبي موسى . ورد بلزوم براءة ذمة الميت فيها بالتلف . ويأتي هذا أيضا في باب القسمة . إذا عرف هذا : فللخلاف في أصل المسألة وهو كون الدين يمنع الانتقال أم لا ؟ فوائد كثيرة . ذكرها ابن رجب في الفوائد من قواعده .

منها : نفوذ تصرف الورثة فيها ببيع أو غيره من العقود . فعلى الثانية : لا إشكال في عدم النفوذ . وعلى المذهب قيل : لا ينفذ . قاله القاضي في المجرد ، وابن عقيل في باب الشركة من كتابيهما . [ ص: 311 ] وحمل القاضي في المجرد رواية ابن المنصور على هذا . وقيل ينفذ : قاله القاضي وابن عقيل في الرهن والقسمة ، وجعلاه المذهب . قال في القاعدة الثالثة والخمسين : أصح الوجهين : صحة تصرفهم . انتهى .

وإنما يجوز لهم التصرف بشرط الضمان . قاله القاضي . قال : ومتى خلى الورثة بين التركة وبين الغرماء : سقطت مطالبتهم بالديون . ونصب الحاكم من يوفيهم منها . ولم يملكها الغرماء بذلك . وهذا يدل على أنهم إذا تصرفوا فيها طولبوا بالديون كلها . وفي الكافي : إنما يضمنون الأقل من قيمة التركة أو الدين . وعلى الأول : ينفذ العتق خاصة كعتق الراهن . ذكره في الانتصار . وحكى القاضي في المجرد في باب العتق في نفوذ العتق ، مع عدم العلم وجهين ، وأنه لا ينفذ مع العلم . وجعل المصنف في الكافي مأخذهما : أن حقوق الغرماء المتعلقة بالتركة ، هل يملك الورثة إسقاطها بالتزامهم الأداء من عندهم أم لا ؟ وفي النظريات لابن عقيل : عتق الورثة ينفذ مع يسارهم ، دون إعسارهم . اعتبارا بعتق موروثهم في مرضه . وهل يصح رهن التركة عند الغرماء ؟ قال القاضي في المجرد : لا يصح . ومنها : نماء التركة . فعلى الثانية : يتعلق حق الغرماء به أيضا . وعلى المذهب : فيه وجهان . هل يتعلق حق الغرماء أم لا ؟ وأطلقهما في القواعد . وقال في القاعدة الثانية والثمانين ، إن قيل : إن التركة باقية على حكم ملك الميت : تعلق حق الغرماء بالنماء كالمرهون . ذكره القاضي ، وابن عقيل . وينبغي أن يقال : إن قلنا : تعلق الدين بالتركة تعلق رهن يمنع التصرف فيه ، [ ص: 312 ] فالأمر كذلك . وإن قلنا : تعلق جناية لا يمنع التصرف ، فلا يتعلق بالنماء . وأما إن قلنا : لا تنتقل التركة إلى الورثة بمجرد الموت : لم تتعلق حقوق الغرماء بالنماء . ذكره القاضي ، وابن عقيل . وخرج الأدمي ، وصاحب المغني : تعلق الحق بالنماء مع الانتقال أيضا كتعلق الرهن . وقد ينبني ذلك من أصل آخر . وهو أن الدين هل هو باق في ذمة الميت ، أو انتقل إلى ذمة الورثة ، أو هو متعلق بأعيان التركة لا غير ؟ وفيه ثلاثة أوجه . وقد تقدمت قبل فوائد . قال : فعلى القول الثالث : يتوجه أن لا تتعلق الحقوق بالنماء . إذ هو كتعلق الجناية . وعلى الأولين : يتوجه تعلقها بالنماء كالرهن .

التالي السابق


الخدمات العلمية