الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثانية : لو اتفقا على أنه قال " أحلتك بالمال الذي قبل فلان " ثم اختلفا . فقال المحيل : إنما وكلتك في القبض لي . وقال الآخر : بل أحلتني بديني . فقيل : القول قول المحيل . قدمه في الرعايتين ، والحاويين ، والفائق . قال في الفروع : جزم به جماعة . وقيل : القول قول مدعي الحوالة . لأن الظاهر معه . وقدمه ابن رزين في شرحه . وأطلقهما في المغني ، والشرح ، والفروع . ويأتي عكسها . فعلى الأول : يحلف المحيل . ويبقى حقه في ذمة المحال عليه . قاله المصنف والشارح . قال في الرعاية الكبرى ، والفروع : لا يقبض المحتال من المحال عليه ، لعزله بالإنكار . وفي طلب دينه من المحيل وجهان . وأطلقهما في الرعاية ، والحاويين ، والفائق . والفروع . وقال : لأن دعواه الحوالة براءة . أحدهما : له طلبه . وهو الصحيح من المذهب . صححه المصنف والشارح . وعلى الثاني : يحلف المحتال . ويثبت حقه في ذمة المحال عليه . ويستحق مطالبته . ويسقط عن المحيل . قال المصنف ، والشارح ، وعلى كلا الوجهين : إن كان المحتال قد قبض الحق من المحال عليه ، وتلف في يده ، فقد برئ كل واحد منهما من صاحبه . ولا ضمان عليه . سواء تلف بتفريط أو غيره . وإن لم يتلف احتمل أن لا يملك المحيل طلبه ، ويحتمل أن يملك أخذه منه ، ويملك مطالبته بدينه . وهو الصحيح . قال في الفروع تفريعا على القول الأول وما قبضه المحتال ، ولم يتلف : فللمحيل أخذه في الأصح . وجزم به في الرعاية الكبرى . وأطلقهما في المغني ، والشرح . [ ص: 233 ] وقيل : يملك المحيل أخذه منه . ولا يملك المحتال المطالبة بدينه ، لاعترافه ببراءة المحيل منه بالحوالة . وقد تقدم . قال المصنف ، والشارح : وليس بصحيح . انتهيا . وإن كانت المسألة بالعكس ، بأن قال المحيل " أحلتك بدينك . فقال : بل وكلتني " ففيها الوجهان . وأطلقهما في المغني ، والشرح ، والفروع .

أحدهما : يقبل قول مدعي الوكالة . وهو الصحيح . جزم به في الرعاية الصغرى ، والحاويين ، والفائق . والوجه الثاني : القول قول مدعي الحوالة . فإن قلنا : القول قول المحيل ، فحلف : برئ من حق المحتال . وللمحتال قبض المال من المحال عليه لنفسه . وإن قلنا : القول قول المحتال ، فحلف : كان له مطالبة المحيل بحقه ، ومطالبة المحال عليه . فإن قبض منه قبل أخذه من المحيل ، فله أخذ ما قبض لنفسه . وإن استوفى من المحيل دون المحال عليه : رجع المحيل على المحال عليه في أحد الوجهين . قال القاضي : وهذا أصح . والوجه الثاني : لا يرجع عليه . وأطلقهما في المغني ، والشرح ، والرعايتين ، والحاويين ، والفائق . وإن كان قبض الحوالة ، فتلفت في يده بتفريط ، أو أتلفها : سقط حقه على كلا الوجهين . وإن تلفت بغير تفريط . فعلى الوجه الأول : يسقط حقه أيضا . وعلى الوجه الثاني : له أن يرجع على المحيل بحقه . وليس للمحيل الرجوع على المحال عليه . قاله المصنف ، والشارح . قوله ( وإن قال : أحلتك بدينك . فالقول قول مدعي الحوالة وجها واحدا ) . [ ص: 234 ] يعني : إذا اتفقا على ذلك ، وادعى أحدهما : أنه أريد به الوكالة ، وأنكر الآخر . فالقول قول مدعي الحوالة . لا أعلم فيه خلافا . وقطع به الأصحاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية