الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
[ درس ] ( واستبد ) أي استقل ( بائع ) باع ( أو مشتر ) اشترى ( على مشورة غيره ) أي جاز له أن يستقل في أخذها وردها بنفسه ولا يتوقف أمره على مشورة ذلك الغير ( لا ) إن باع ، أو اشترى ( على خياره ) ، أو الغير ( ورضاه ) فليس له أن يستبد بنفسه دون من شرط له الخيار ، أو الرضا ; لأن من شرط الخيار ، أو الرضا للغير معرض عن نظر نفسه بالكلية بخلاف مشترط المشورة فإنه اشترط ما يقوي نظره ( وتؤولت أيضا على نفيه ) أي الاستبداد ( في مشتر ) اشترى على خيار غيره ، أو رضاه دون البائع فإن له أن يستبد فيهما كالمشورة ( و ) تؤولت أيضا ( على نفيه ) فيهما ( في الخيار ) دون الرضا فلكل منهما الاستبداد كالمشورة ( و ) تؤولت أيضا ( على أنه ) أي المجعول له الخيار والرضا ( كالوكيل فيهما ) أي في الخيار والرضا فمن سبق منهما بإمضاء ، أو رد اعتبر فعله والمعتمد الأول والثلاثة بعده ضعيفة ، ثم أشار إلى رافع الخيار من الفعل بقوله [ ص: 99 ] ( ورضي مشتر ) رضي فعل ماض ومشتر فاعله ووصفه بقوله ( كاتب ) الرقيق الذي اشتراه بالخيار وأولى عتقه كلا ، أو بعضا ، أو لأجل ، أو التدبير ( أو زوج ) من له الخيار الرقيق إن كان أمة بل ( ولو عبدا ، أو قصد ) بفعل غير صريح في الرضا كتجريد ما عدا الفرج من الأمة ( تلذذا ) ولا يعلم ذلك إلا من إقراره إذ قد تجرد للتقليب ( أو رهن ) المشتري المبيع بالخيار ( أو آجر ، أو أسلم ) الرقيق ( للصنعة ) ، أو المكتب ، أو حلق رأسه ، أو حجمه ( أو تسوق ) بالمبيع أي ، أوقفه في السوق للبيع ( أو ) ( جنى ) المشتري على المبيع ( إن تعمد ) وسيأتي الخطأ ( أو نظر الفرج ) من الأمة قصدا بخلاف نظر الذكر لفرج الذكر إذ لا يحل بحال ، وكذا نظر المرأة لفرج الأمة ، أو العبد ( أو عرب دابة ) أي فصدها في أسافلها ( أو ودجها ) فصدها في ودجها ( لا إن جرد جارية ) ما عدا فرجها فلا يدل على الرضا ما لم يقر أنه قصد التلذذ ( وهو ) أي كل ما تقدم أنه رضا من المشتري ( رد ) للبيع ( من البائع ) إذا صدر منه زمن خياره ( إلا الإجارة ) فلا تعد ردا من البائع ; لأن الغلة له ما لم تزد مدتها على مدة الخيار ( ولا يقبل منه ) أي ممن له الخيار من بائع ، أو مشتر دعوى ( أنه اختار ) فأمضى البيع ( أو رد ) معطوف على أمضى المقدر لا على اختار ; لأن الرد أحد نوعي الاختيار فلا يكون قسيما له فلا يصح عطفه عليه ; لأن الشيء لا يعطف على نفسه ( بعده ) أي [ ص: 100 ] بعد مضي زمنه وما ألحق به ، وهو ظرف لدعوى المقدر أي لا تقبل دعواه بعد أمد الخيار أنه اختار أيام خيار ليأخذها ممن هي بيده ، أو يلزمها لمن ليست في يده ( إلا ببينة ) تشهد له بما ادعاه ( ولا ) يدل على الرضا ( بيع مشتر ) له الخيار في زمنه ( فإن فعل ) أي باع وادعى أنه اختار الإمضاء ( فهل يصدق أنه اختار ) الإمضاء ( بيمين ، أو ) لا يصدق و ( لربها نقضه ) وله إجازته [ ص: 101 ] وأخذ الثمن ( قولان ) واستشكل قوله ولا بيع مشتر إلخ بما مر من دلالة التسوق على الرضا فكان البيع أولى والصواب أن مسألة التسوق إنما هي لابن القاسم وعليه فالبيع أحرى في الرضا ومسألة البيع لغيره ، وعليه فالتسوق أحرى في عدم الرضا والمعول عليه قول ابن القاسم فكان على المصنف حذف مسألة البيع هذه ( وانتقل ) الخيار من مكاتب له الخيار ( لسيد مكاتب عجز ) عن أداء الكتابة زمن خياره وقبل اختياره ( و ) انتقل خيار مدين باع ، أو اشترى على خيار له ( لغريم أحاط دينه ) بمال المدين الحي ، أو الميت وقام الغريم عليه قبل انقضاء زمن خياره ولا يحتاج الانتقال إلى حكم بخلع ماله للغريم وإذا اختار الأخذ فالربح للمدين والخسارة على الغريم بخلاف ما إذا أدى الغريم الثمن الذي لزم المفلس في بيع لازم فالربح للمفلس والخسارة عليه ( ولا كلام لوارث ) مع هذا الغريم سواء قام الغريم قبل الموت ، أو بعده ( إلا أن يأخذ ) الوارث شيئا ( بماله ) الخاص به بعد رد الغريم ويؤدي ذلك للغرماء فإنه يمكن من ذلك حينئذ [ ص: 102 ] ( و ) انتقل خيار ميت غير مفلس بائع ، أو مشتر على الخيار ( لوارث ) ليس معه غريم أصلا ، أو معه غريم لم يحط دينه ، وإلا فهو ما قبله ( والقياس ) عند أشهب ، وهو نص المدونة قال في جمع الجوامع ، وهو حمل معلوم على معلوم لمساواته له في علة حكمه عند الحامل ، وإن خص بالصحيح حذف الأخير ( رد الجميع ) من ورثة المشتري بالخيار فيجبر مريد الإمضاء على الرد مع الرد ( إن رد بعضهم ) السلعة للبائع لما في التبعيض من ضرر الشركة فالمعلوم الثاني هنا هو المورث والأول الوارث والعلة ضرر الشركة والحكم التصرف بالإجازة والرد ( والاستحسان ) عند أشهب أيضا ، وهو ما في الموازية ، وهو معنى ينقدح في ذهن المجتهد تقصر عنه عبارته ، والمراد بالمعنى دليل الحكم الذي استحسنه ، وأما الحكم فقد عبر عنه ( أخذ المجيز الجميع ) أي جميع السلعة فيمكن من أراد الإجازة من أخذ نصيب الراد ويدفع جميع الثمن للبائع ليرتفع ضرر التبعيض إن شاء المجيز ذلك ، وإلا وجب رد الجميع للبائع إلا أن يرضى بالتبعيض فذلك له ( وهل ورثة البائع ) بخيار ومات قبل مضيه ( كذلك ) فيدلهم القياس والاستحسان وينزل المجيز منهم منزلة الراد من ورثة المشتري والراد منزلة المجيز ، فالقياس إجازة الجميع إن أجاز بعضهم والاستحسان أخذ الراد الجميع وإنما يدخلهم القياس فقط دون الاستحسان ، والفرق على هذا التأويل بين ورثة البائع والمشتري المجيز أن المجيز من ورثة المشتري له أن يقول لمن صار له نصيب غيره ، وهو البائع أنت رضيت بإخراج السلعة بهذا الثمن فأنا أدفعه لك [ ص: 103 ] ولا يمكن الراد أن يقول ذلك لمن صار له حصة المجيز ، وهو المشتري لانتقال الملك عنه للمشتري بمجرد الإجازة ( تأويلان ) ، ثم المعتمد القياس في ورثة المشتري والبائع . .

التالي السابق


( قوله واستبد بائع ) متعلقه محذوف أي استقل بائع بإمضاء البيع ، أو رده إذا باع على مشورة غيره كان ذلك الغير واحدا ، أو متعددا ، أو استقل مشتر بإمضاء البيع ، أو رده إذا اشترى على مشورة غيره وكذلك يستقل البائع والمشتري إذا كان كل من البيع والشراء على مشورة غيرهما فأو في كلام المصنف مانعة خلو تجوز الجمع ، وحاصله أن من باع سلعة ، أو اشتراها على مشورة غيره كزيد ، ثم أراد البائع ، أو المشتري أن يبرم البيع ، أو يرده دون مشورة زيد فإن له أن يستقل بذلك ولا يفتقر في إبرام البيع ، أو رده إلى مشورته ; لأنه لا يلزم من المشاورة الموافقة لخبر { شاوروهن وخالفوهن } وقوله على مشورة غيره ، أي والحال أن الثمن والمثمن معلومان كأشتري منك سلعة كذا بكذا ، وكذا على مشورة فلان وما مر من قوله ، أو على حكمه ، أو حكم غيره ، أو رضاه أي في الثمن فلم يكن الثمن معلوما فلا منافاة ، ثم إن ما ذكره من أن من باع ، أو اشترى على مشورة غيره فله الاستبداد هذا في المشورة المطلقة ، وأما إذا قال على مشورته إن شاء أمضى ، وإن شاء رد فكالخيار والرضا ليس له الاستبداد ; لأن هذا اللفظ يقتضي توقف البيع على إمضاء فلان انظر خش .

( قوله فليس له إلخ ) أي ولا بد من رضا فلان ، أو اختياره لإمضاء البيع ، أو رده ( قوله على نفيه فيهما ) أي على نفي الاستبداد في البائع والمشتري في الخيار أي فيما إذا باع على خيار فلان ، أو اشترى على خياره ( قوله أي في الخيار والرضى ) فإذا قال بعت بكذا على خيار فلان ، أو رضاه ، أو اشتريت بكذا على خيار فلان ، أو رضاه ففلان هذا كالوكيل ( قوله والمعتمد الأول إلخ ) وحاصله أن من اشترى سلعة على خيار فلان ، أو رضاه ، أو باع سلعة على خياره ، أو رضاه ففي المسألة أقوال أربعة : الأول ، وهو المعتمد أنه لا استقلال له سواء كان بائعا ، أو مشتريا ، وهو المشار له بقول المصنف لا خياره ، أو رضاه والقول الرابع له الاستقلال بإبرام البيع ، أو رده بائعا كان ، أو مشتريا ما لم يسبقه فلان لغير ما حصل منه والقول الثاني له الاستقلال إن كان بائعا في الخيار والرضا ، وإن كان مشتريا فليس له الاستقلال لا في الخيار ولا في الرضا ، والقول الثالث له الاستقلال في الرضا بائعا كان ، أو مشتريا وليس له الاستقلال في الخيار بائعا كان ، أو مشتريا .

( قوله إلى رافع الخيار إلخ ) الحاصل على أن الخيار المشترط لأحدهما يرتفع إما بقول ، أو فعل فأشار هنا لما يرفعه من الفعل وسيأتي يتكلم على ما يرفعه [ ص: 99 ] من القول ( قوله ورضا مشتر إلخ ) يعني أن من اشترى عبدا ، أو أمة على الخيار له وكاتبه ، أو دبره ، أو أعتقه في زمن الخيار كان العتق ناجزا ، أو مؤجلا أعتق كله ، أو بعضه فإن هذا يدل على رضاه بالمبيع ويلزمه ذلك ، وكذا إذا زوج الأمة في زمن الخيار فإنه يعد رضا منه ولا خلاف في ذلك ، وأما العبد إذا زوجه في أيام الخيار ففيه خلاف والمشهور أنه يعد رضا به خلافا لأشهب وإلى الرد على أشهب أشار المصنف بلو في قوله ، ولو عبدا ( قوله رضي فعل ماض ) أي والواو للاستئناف لا أنها للعطف ورضا مصدر معطوف على بانقضائه لإيهامه أنه لا بد من الرضا مع الكتابة وما معها وليس كذلك بخلاف الفعل فإنه لا يوهم ذلك ; لأن معناه وعد المشتري راضيا بالكتابة وما معها وإنما خص الكتابة بالذكر دون غيرها من أنواع العتق ; لأنه رجح فيها القول بأنها بيع فربما يتوهم أنها لا تدل على الرضا كما أن البيع لا يدل عليه كما يأتي فدفع هذا التوهم بالنص على أنها مفوتة بناء على ما رجح فيها أيضا من أنها عتق .

( قوله ، أو زوج ) ظاهره أن العقد كاف في عد المشتري راضيا بالبيع ، ولو كان ذلك العقد فاسدا ، وهو كذلك ما لم يكن مجمعا على فساده ( قوله ، أو قصد بفعل غير صريح تلذذا ) حاصله أنه إذا فعل فعلا ليس موضوعا لقصد التلذذ بها مثل تجريد بعضها كصدر وساق مثلا ، فإن قال قصدت به التلذذ عد ذلك رضا منه ، وإن لم تحصل لذة بالفعل ، وإن قال قصدت بذلك الفعل تقليبها فلا يعد ذلك رضا بها ، ولو حصلت له لذة بها ، وأما إن كان الفعل موضوعا لقصد اللذة مثل كشف الفرج والنظر إليه فهو محمول على قصد التلذذ والرضا أقر أنه قصد اللذة أم لا ( قوله ، أو رهن ) المشهور ، وهو مذهب المدونة أن المشتري لها رهن الأمة ، أو العبد ، أو غيرهما في أيام الخيار فإن ذلك يكون رضا منه وظاهره ، وإن لم يقبضه المرتهن من الراهن الذي هو المشتري ، وهو كذلك لكن ينبغي أن يقيد ذلك بما إذا كان الراهن قبضه من البائع أما إذا لم يقبضه من البائع ورهنه فلا يعد ذلك رضا مفوتا لخياره ( قوله ، أو آجر ) أي ، ولو كانت الإجارة مياومة وقوله ، أو أسلم للصنعة أي ، ولو كانت هينة ( قوله ، أو حلق رأسه ) أي ; لأن الأسير لا يحلق رأسه عادة إلا المشتري ( قوله أي أوقفه في السوق للبيع ) أي ، ولو مرة فلا يشترط في عده رضا تكراره كما في بن ( قوله ، أو جنى المشتري على المبيع إن تعمد ) كما لو اشترى عبدا على الخيار ، ثم إنه قطع يد ذلك العبد ، أو رجله ، أو فقأ عينه في مدة الخيار عمدا فيعد ذلك رضا منه ( قوله وسيأتي الخطأ ) أي أنه لا يدل على الرضا بل له أن يرده مع أرش الجناية ( قوله لفرج الذكر ) أي فلا يعد رضا ( قوله ، أو العبد ) أي فإنه لا يعد رضا إذ لا يحل بحال ، والحاصل أن قول المصنف ، أو نظر الفرج ; محمول على ما إذا كان المبيع أنثى والحال أنها تشتهى وكان المشتري لها ذكرا وكان نظره للفرج قصدا ; لأن النظر للفرج الذي يدل على الرضا هو النظر الذي يحل بالملك فنظر الذكر لفرج الذكر لا يحصل به الرضا إذ لا يحل بحال ، وكذا نظر المرأة لفرج امرأة ولفرج ذكر اشترته بالخيار لا يدل على الرضا ; لأنه لا يحل بالملك ( تنبيه ) لو اشترط المشتري بالخيار أن لا يكون شيء مما ذكر رضا فالظاهر إعمال الشرط في غير قصد التلذذ ونظر الفرج للتحريم كما في المج عن عج ( قوله ودجها ) بتشديد الدال ( قوله إلا الإجارة ) زاد اللخمي والإسلام للصنعة ( قوله ; لأن الغلة له ) أي غلة المبيع زمن الخيار له ( قوله ما لم تزد مدتها على مدة الخيار ) أي ، وإلا كانت ردا من البائع وهذا القيد يجري فيما إذا أسلمه البائع للصنعة بعمله مدة ; لأن هذا من الإجارة في الحقيقة ( قوله ولا يقبل إلخ ) هذا من تتمة قوله السابق ، ويلزم [ ص: 100 ] بانقضائه ، وهو يشمل من له الخيار من بائع ، أو مشتر وليس بيده المبيع ، ويشمل ما إذا كان الخيار لأحدهما ، وغاب الآخر ثم قدم بعد انقضاء أمد الخيار فادعى من له الخيار إن كان بائعا أنه أمضاه في زمنه ، أو مشتريا أنه رد في زمنه فلا يقبل منه إلا ببينة قال ابن يونس قال بعض أصحابنا إذا كان الثوب بيد البائع والخيار له لم يحتج بعد أمد الخيار إلى الإشهاد إن أراد الفسخ ، وإن أراد إمضاء البيع فليشهد على ذلك ، وإن كان الثوب بيد المشتري فأراد إمضاء البيع لم يحتج لإشهاد ، وإن أراد فسخه فليشهد وهذا بين ا هـ . فمعنى كلام المؤلف على هذا ولا يقبل من البائع ذي الخيار أنه اختار الإمضاء ، والمبيع بيده ، أو اختار الرد ، والمبيع بيد المشتري إلا ببينة ولا يقبل من المشتري ذي الخيار أنه اختار الرد والمبيع بيده ، أو اختار الإمضاء والمبيع بيد البائع إلا ببينة فهذه أربع صور يفتقر فيها إلى البينة ، فإن أراد البائع ذو الخيار الرد والمبيع بيده ، أو الإمضاء ، والمبيع بيد المشتري ، أو أراد المشتري ذو الخيار الرد والمبيع بيد البائع ، أو الإمضاء والمبيع بيده لم يحتج إلى بينة كما تقدم فالمجموع ثماني صور ، وقد حصلها أبو الحسن هكذا ا هـ . بن والحاصل أنه قد تقدم أن المبيع يلزم من كان في يده أيام الخيار من بائع ، أو مشتر بانقضاء أمده وما ألحق به ، وهو كالغد كما مر فإذا كان المبيع بيد البائع حتى انقضى أمد الخيار وما ألحق به فإنه يلزمه رد البيع كان الخيار له ، أو للمشتري ، ولو كان بيد المشتري حتى انقضى أمد الخيار وما ألحق به كان البيع لازما له كان الخيار له ، أو لغيره فلو كان المبيع بيد البائع وكان الخيار للمشتري وادعى المشتري بعد انقضاء أمد الخيار وما ألحق به أنه اختار إمضاء البيع قبل انقضاء أمد الخيار ليأخذه من البائع فلا تقبل دعواه إلا ببينة ، أو كان الخيار للبائع والمبيع بيده فبعد انقضاء أمد الخيار وما ألحق به ادعى أنه كان اختار إجازة البيع لأجل إلزام المشتري فلا تقبل دعواه إلا ببينة ، وكذلك لو كان المبيع بيد المشتري والخيار له وادعى بعد أمد الخيار وما ألحق به أنه كان اختار الرد ليلزمه للبائع فلا تقبل دعواه إلا ببينة ، أو كان الخيار للبائع والمبيع بيد المشتري وادعى بعد انقضاء أمد الخيار وما ألحق به أنه اختار الرد لأجل انتزاعه من المشتري فلا تقبل دعواه إلا ببينة .

( قوله بعد أمد الخيار ) أي وما ألحق به ( قوله تشهد له بما ادعاه ) أي من اختياره الإمضاء والرد ( قوله ، فإن فعل إلخ ) أي أن من اشترى سلعة على الخيار ، ثم باعها في زمن الخيار ولم يخبر البائع باختياره إمضاء البيع ولم يشهد به وادعى أنه اختار الإمضاء قبل البيع وخالفه البائع وأراد نقض البيع ، أو أخذ الربح فهل يصدق البائع في دعواه اختيار الإمضاء قبل البيع بيمين ، وحينئذ فلا يكون للبائع سلاطة على المشتري لا بأخذ ربح ولا بنقض بيع وهذا ما حكاه ابن حبيب عن مالك وأصحابه ، وهو قول ابن القاسم في بعض روايات المدونة وفي الموازية ولا يصدق المشتري أنه اختار الإمضاء قبل بيعه وحينئذ فيخير البائع بين نقض بيع المشتري ، وبين إجازته وأخذ ربحه وهذه رواية علي بن زياد ( قوله ، أو لا يصدق ولربها نقضه ) كذلك قال ابن الحاجب وتعقبه في التوضيح بأن سحنونا طرح التخيير في هذا القول ، وقال إن ما في رواية علي أن الربح للبائع ; لأنه لا فائدة في نقض بيعه ; لأنه لو نقضه لكان للمشتري أخذ السلعة ; لأن أيام الخيار لم تنقض ، وإنما للبائع الربح فقط ; لأنه يتهم المشتري على أنه باع قبل أن يختار فيقول له أنت بعت السلعة ، وهي في ضماني فالربح لي فالصواب أن لو قال المصنف ، أو لربها ربحه أي ربح المشتري الحاصل في بيعه قولان ، والحاصل أن بيع المشتري لما كان لا يسقط خياره يوم البيع بإقراره أنه باع بعد الاختيار ولم يكن للبائع نقضه على القولين لكنه من أجل الربح يتهم على البيع قبل الاختيار صدق بيمين على القول الأول وكان الربح للبائع على القول الثاني هذا ما يفيده كلام التوضيح [ ص: 101 ] والناصر اللقاني ، ثم قال في التوضيح وإنما يتم تضعيف التخيير في القول الثاني إذا كان النزاع في أيام الخيار ، وهي باقية أما لو كان النزاع بينهما بعد أيام الخيار ووقع البيع في أيام الخيار فالقول بتخيير البائع بين نقض البيع وإمضائه وأخذ ربحه ظاهر ; لأن المشتري لا يمكنه أخذ السلعة بعد النقض ; لأنه لم يبق له اختيار فحمل المصنف على هذا الفرض ظاهر انظر بن واعلم أن محل الخلاف إذا وقع البيع في زمن الخيار ووقع النزاع فيه ، أو بعده والحال أن الخيار للمشتري ، وأما لو كان للبائع وباع المشتري زمنه ما بيده فللبائع رد المبيع قطعا إن كان قائما ، فإن فات بيد المشتري الثاني لزم المشتري للبائع الأكثر من الثمن الأول والثاني والقيمة ، فإن باعه بعد مضي زمنه ، والخيار للبائع أيضا فليس عليه إلا الثمن فقط ، فإن باعه البائع ، والخيار للمشتري كان للمشتري الفسخ ، أو الأكثر من فضل القيمة والثمن الثاني على الأول ( قوله وأخذ الثمن ) أي ربحه ( قوله والمعول عليه قول ابن القاسم ) أي في المدونة من أن التسوق وأحرى البيع دال على الرضا وحاصل ما في المسألة أن مذهب ابن القاسم في المدونة أن كلا منهما لا يدل على رضاه ، وإن وقع وباع قبل انقضاء زمن الخيار وادعى أنه إنما باع بعد اختياره الرضا ، فإن كان نزاعهما بعد مضي أيام الخيار فقولان الأول يقبل قوله بيمين ، والثاني أن البائع يخير في نقض البيع وإمضائه وأخذ الربح ، وإن كان نزاعهما قبل فراغ أمد الخيار فقولان أيضا الأول أنه يقبل قول المشتري بيمين والثاني لا يقبل قوله وللبائع أخذ الربح والمعتمد طريقة ابن القاسم ، وأما الطريقة الثانية مع ما انبنى عليها من الخلاف فضعيفة ( قوله وانتقل لسيد مكاتب ) أي أن المكاتب إذا باع سلعة بخيار له ، أو اشترى سلعة بخيار له ، ثم عجز عن أداء نجوم الكتابة قبل انقضاء زمن الخيار فإنه ينتقل ما كان له من الخيار لسيده ، فإن شاء السيد أمضى البيع ، وإن شاء رده ولا كلام للمكاتب بعد عجزه ; لأن اختياره بعد عجزه يؤدي لتصرف الرقيق بغير إذن سيده .

( قوله وانتقل خيار مدين إلخ ) أشار الشارح إلى أن قوله ولغريم متعلق بمقدر ويكون من عطف الجمل وليس عطفا على لسيد مكاتب المعمول لانتقل الأول ; لأن فاعله خيار المكاتب ، وكذا يقال في قوله ولوارث ( قوله وقام الغريم عليه إلخ ) أشار بهذا إلى أن مجرد إحاطة الدين لا تكفي في انتقال الخيار الذي للمدين للغريم بل لا بد من تفليسه ، ولو بالمعنى الأعم ( قوله ولا يحتاج الانتقال إلى حكم إلخ ) أي الذي هو التفليس بالمعنى الأخص بل ينتقل خيار المدين لغرمائه بمجرد تفليسه بالمعنى الأعم ، وهو قيام الغرماء عليه ، وإن لم يحكم الحاكم بخلع ماله للغرماء ( قوله وإذا اختار ) أي الغريم الأخذ أي للسلعة التي اشتراها المدين بخيار ( قوله بخلاف ما إذا أدى إلخ ) أي بخلاف السلعة التي اشتراها المدين على البت وفلس قبل أن يؤدي ثمنها فأداه الغريم فإن ربحها للمفلس وخسارتها عليه والفرق بينهما أن ما اشتراها المدين على البت ثمنها لازم له فلذا كان له ربحها وخسارتها عليه ، وأما التي اشتراها بخيار فإنه لا يلزمه ثمنها إلا بمشيئة الغرماء ; لأن الخيار صار لهم فليس لهم أن يدخلوا عليه ضررا ( قوله ولا كلام لوارث ) أي أن من مات وعليه دين محيط بماله ، وقد اشترى بخيار ومات زمن الخيار فالكلام في ذلك لغرمائه ولا كلام لوارثه وقوله قام الغريم قبل الموت ، أو بعده هذا هو الصواب خلافا لما في عج من أن محله حيث قام الغرماء عليه قبل الموت انظر بن ( قوله إلا أن يأخذ الوارث شيئا بماله ) حاصله أن المدين إذا اشترى سلعة بخيار له وأدى ثمنها لبائعها ، ومات قبل انقضاء زمن الخيار فرد الغرماء تلك السلعة فأراد الوارث أخذ تلك السلعة بماله ويؤدي ثمنها للغرماء فإنه يمكن من ذلك وكذلك إذا كان الميت باع بخيار له ومات ورد الغرماء بيعه وأراد الوارث أخذها ودفع الثمن لهم فإنه يمكن من ذلك فصح قول الشارح ويؤدي ذلك أي الثمن للغرماء ، وأما لو كانت السلعة [ ص: 102 ] التي اشتراها المدين بخيار ولم يؤد الثمن لبائعها ورد الغريم البيع وأخذها الوارث بثمن من ماله فإنه يؤدي الثمن لبائعها ولا يؤديه للغرماء ويحتمل أن يكون مراده ويؤدي الربح للغرماء ، وهو صواب لقول ابن عرفة إذا أخذ الوارث بماله فالربح للميت ونقله ابن غازي ( قوله وانتقل لوارث ) أي ، فإن اتفقوا على الإجازة ، أو الرد فالأمر ظاهر ، وإن اختلفوا فالقياس إلخ ( قوله والقياس رد الجميع ) أي يقتضي رد الجميع ، أي قياس الوارث على المورث وأن ما كان للمورث يكون للوارث يقتضي رد الجميع فكما أن المورث إذا اشترى بالخيار ، ثم إنه في زمن الخيار أجاز البيع في البعض ورد البيع في البعض فإنه يجبر على رد الجميع حيث لم يرض البائع بالشركة فكذلك ورثته إذا رد بعضهم البيع وأجازه بعضهم ، فإن المجيز يجبر على الرد كغيره قياسا على مورثه ; لأنه لما كان الخيار للمشتري وانتقل الحق في الخيار لورثته ، وقد أسقط بعضهم حقه منه وطلب الرد فللبائع أن يقول للمجيز إن صاحبك أسقط حقه وصار الآن لا حق لأحد في السلعة إلا أنا وأنت ; لأن نصيب الراد يعود لملك البائع وقيامك أنت بحقك موجب لضرري من تبعيض السلعة وليس لك أخذها كلها ; لأن صاحبك لم ينتقل حقه لك بل أسقطه وانتقل لي فحينئذ يقضي برد الجميع .

( قوله حمل معلوم ) أي علم تصور لا علم تصديق إذ لو كان هناك حكم معلوم لم يصح القياس ( قوله ، وإن خص ) أي التعريف بالقياس الصحيح وقوله حذف الأخير أي القيد الأخير ، وهو قوله عند الحامل ; لأن الصحيح مساو في الواقع ( قوله على الرد ) أي على رد ما بيده لأجل أن يكمل جميع المبيع لبائعه ( قوله من ضرر الشركة ) أي بين البائع وبين الذي لم يرد السلعة للبائع ( قوله والحكم إلخ ) الأولى والحكم عند التبعيض ( قوله والاستحسان ) أي والذي يقتضيه الاستحسان أخذ المجيز الجميع ( قوله معنى ينقدح ) كأن يصرح المجتهد بالحكم وتنقدح العلة في ذهنه ولكن لا يقدر على التعبير عنها وقوله تقصر عنه عبارته أي ، أو لا ينافي ذكر التوجيه في قوله بعد والفرق إلخ فإن هذا دليل للحكم الذي استحسنه ; لأن المراد بالدليل العلة قاله شيخنا ( قوله أخذ المجيز الجميع ) أي ولو لم يرض البائع بمضي البيع ; لأن للمجيز أن يقول للبائع : الخيار كان لمورثي وأنت ليس لك إلا ثمن سلعتك فأنا أوفيه لك ( قوله إن شاء المجيز ذلك ) شرط في قوله أخذ المجيز الجميع ( قوله كذلك ) أي كورثة المشتري المتقدم فيدخلهم القياس والاستحسان إذا اختلفوا في الإجازة والرد ( قوله وينزل المجيز منهم ) أي من ورثة البائع منزلة الراد أي ; لأن المجيز هنا أراد عدم أخذ السلعة ، والراد للبيع من ورثة المشتري أراد أيضا عدم أخذها .

( قوله فالقياس إجازة الجميع ) أي فقياس ورثة البائع على مورثهم يقتضي إجازة الجميع إن أجاز بعضهم وذلك ; لأن المورث إذا باع بخيار له ، ثم إنه في زمن الخيار أجاز البيع في البعض وامتنع المشتري لضرر الشركة فإنه يمضي البيع في الجميع وتدفع السلعة بتمامها للمشتري لدفع ضرر الشركة فكذلك ورثته إذا أجاز بعضهم البيع ورده بعضهم ( قوله بين ورثة البائع والمشتري ) أي حيث كان ورثة المشتري يدخلهم الاستحسان كما يدخلهم القياس ، وأما ورثة البائع فلا يدخلهم الاستحسان بل القياس فقط ( قوله نصيب غيره ) أي الذي هو الراد [ ص: 103 ] وقوله ، وهو البائع بيان لمن يصير له نصيب الراد ( قوله ولا يمكن الراد ) أي الذي هو من ورثة البائع وقوله عنه أي عن المجيز وقوله لانتقال الملك عنه علة لصيرورة حصة المجيز للمشتري ( قوله تأويلان ) الأول لابن أبي زيد والثاني لبعض القرويين ( قوله ، ثم المعتمد القياس في ورثة المشتري ) ، وهو رد الجميع السلعة للبائع إن رد بعضهم وإن من طلب إمضاء البيع يجبر على أن يرد مع غيره ( قوله والبائع ) أي وفي ورثة البائع ، وهو إجازة الجميع للبيع ودفع السلعة للمشتري إن أجاز بعضهم . .




الخدمات العلمية