الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن أسلف غير المشتري ) من آمر أو أجنبي كان من ناحية المقترض أم لا ( جاز إلا لكبصيرة ) الشريك ( المشتري ) المتسلف فيمنع لجره نفعا للمسلف ولذا لو كان المسلف أجنبيا وقصد نفع المأمور فقد جاز ثم ذكر شركة الجبر التي قضى بها عمر رضي الله عنه وقال بها مالك وأصحابه بقوله ( وأجبر ) المشتري ( عليها ) أي على الشركة أي تشريك الغير معه ( إن اشترى شيئا ) طعاما أو غيره ( بسوقه ) أي سوق ذلك الشيء وإن كان المشتري من غير تجاره لكن بشرط أن يشتريه للتجارة به في البلد احترازا مما إذا اشتراه ببيته أو بحانوت ليس في سوقه أو في زقاق أو لا للتجارة أو ليتجر به في بلد أخرى .

ولذا قال ( لا لكسفر ) به ولو للتجارة ( و ) لا ( قنية ) وإقراء ضيف أو عرس أو إهداء وصدق في ذلك بيمين إلا لقرينة تكذبه ( وغيره ) أي المشتري ( حاضر لم يتكلم من تجاره ) احترازا مما إذا اشتراه في غيبته ومما إذا تزايد معه أو كان الحاضر ليس من تجار ذلك الشيء فلا جبر ( وهل ) يجبر ( و ) إن اشتراها ( في الزقاق ) أي الطريق ( لا كبيته ) [ ص: 361 ] أي البائع أو المشتري ( قولان ) أرجحهما عدم الجبر

التالي السابق


( قوله جاز ) أي السلف المستفاد من أسلف أو المراد جاز أي العقد المحتوي على ذلك ( قوله إلا لكبصيرة المشتري ) أي معرفته ووجاهته وجاهه وإنما أظهر في محل الإضمار ; لأنه لو قال : إلا لكبصيرته لتوهم عود الضمير على المضاف ; لأن الأصل عوده عليه دون المضاف إليه لكون المضاف هو المقصود والمضاف إليه قيد له فقط ( قوله لجره نفعا للمسلف ) هذا ظاهر إذا كان الآمر هو المسلف ، وكذا إذا كان أجنبيا من ناحية كصديقه ; لأن نفع الآمر حينئذ نفع للمسلف ( قوله بسوقه ) هذا شروع في شروط الجبر على الشركة وهي ستة : ثلاثة في الشيء المشترى وهي أن يشتري بسوقه وأن يكون شراؤه للتجارة وأن تكون التجارة به في البلد ، وثلاث في المشترك بالفتح وهي أن يكون حاضرا في السوق وقت شراء المشتري وأن يكون من تجار تلك السلعة التي بيعت بحضرته وألا يتكلم ا هـ .

واعلم أن محل الجبر إذا وجدت هذه الشروط ما لم يبين المشتري للحاضرين من التجار ويقول لهم أنا لا أشارك أحدا منكم ومن شاء أن يزيد زاد قاله ابن الحاجب .

واعلم أنه إذا وجدت شروط الجبر المذكورة فالظاهر من إطلاقهم جبره على الشركة ، ولو طال الأمر حيث كان ما اشترى باقيا ويحتمل أن يفصل فيه كالشفعة فلا جبر بعد السنة ، ثم إن عهدة الداخل الذي أجبر المشتري على دخوله معه على البائع الأصلي لا على المشتري الذي أجبر على مشاركته كما قال ابن يونس وأشعر قول المصنف وأجبر المشتري عليها إلخ أنه لا يجبر الحاضرون لشرائه على مشاركتهم وهو كذلك عند عدم تكلمهم ، وأما إن حضروا السوم وقالوا له أشركنا فأجابهم بنعم أو سكت فإنهم يجبرون على مشاركته إن طلب كما أنه يجبر على مشاركتهم إن طلبوا .

( قوله ، وإن كان المشتري من غير تجاره ) أي من غير تجار ذلك السوق بل لا يشترط فيه كونه من أهل التجارة فضلا عن كونه من أهل السوق وإنما يشترط ذلك فيمن يريد المشتري مشاركته كما في المواق ا هـ بن ( قوله للتجارة به ) أي بذلك المبيع ( قوله احترازا مما إذا اشتراه ببيته ) أي ببيت البائع أو المشتري ( قوله أو ليتجر به في بلد أخرى ) أي ولو كانت قريبة لا يسمى السير إليها سفرا عرفا ما لم يكن البلدان في معنى البلد الواحد كمصر وبولاق كما استظهره شيخنا ( قوله إلا لقرينة تكذبه ) ككثرة ما اشتراه للقنية بدعواه أو ترك السفر لغير عذر ظاهر ( قوله من تجاره ) أي من تجار ذلك الشيء المبيع سواء كان من أهل السوق الذي بيعت به تلك السلعة أم لا [ ص: 361 ] قوله أرجحهما عدم الجبر ) أي ولو كان الزقاق نافذا




الخدمات العلمية