الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن تعيب ) المغصوب عند الغاصب بسماوي ( وإن قل ) العيب ( ككسر نهديها ) .

[ ص: 454 ] أي انكسارهما خير ربه بين أن يضمن الغاصب القيمة يوم الغصب وبين أخذه معيبا ولا شيء له في نظير العيب السماوي ولو الكثير ( أو جنى هو ) أي الغاصب ( أو أجنبي ) على المغصوب بأن قطع يده ، أو فقأ عينه مثلا ( خير ) المالك ( فيه ) أي في المعيب ، وهذا جواب قوله ، وإن تعيب فهو راجع للمسائل الثلاث إلا أن كيفية التخيير مختلفة ، ففي السماوي ما تقدم وفي جناية الغاصب بين أخذ قيمته يوم الغصب ، وأخذ شيئه مع أرش النقص ، وفي جناية الأجنبي بين أخذ قيمته من الغاصب فيتبع الغاصب الجاني بالأرش ، وأخذ عين شيئه واتباع الجاني بالأرش لا الغاصب ( كصبغه ) بفتح الصاد ; لأن المراد المعنى المصدري يعني لو غصب ثوبا أبيض وصبغه فمالكه يخير ( في ) أخذ ( قيمته ) أبيض يوم الغصب ( وأخذ ثوبه ودفع قيمة الصبغ ) بكسر الصاد أي المصبوغ به ، وهذا إن زادت قيمته مصبوغا عن قيمته أبيض ، أو لم تزد ولم تنقص فإن نقصت عن قيمته أبيض خير بين أخذ قيمته أبيض ، وأخذه مصبوغا ولا شيء عليه .

التالي السابق


( قوله ، وإن تعيب المغصوب عند الغاصب بسماوي إلخ ) أي وكذا إن تعيب بغيره ومن ذلك الغيبة على العلية مع الشك في وطئها فإن ذلك عيب يوجب لربها الخيار بين أخذها وتضمين الغاصب قيمتها عند الآخرين وقال ابن القاسم إن ذلك غير عيب فليس لربها أن يضمنه القيمة بذلك ( قوله ، وإن قل ) أي هذا إذا كان العيب كثيرا كالعمى ، والعور ، بل ، وإن قل فلا فرق بين القليل ، والكثير كما حققه التلمساني في شرح تفريع ابن الجلاب خلافا لنقل المواق عن التفريع التفرقة بين القليل فلا يضمنه الغاصب ، والكثير فيضمنه وكذا نسب اللخمي هذا التفصيل لتفريع ابن الجلاب ، قال التلمساني ما أدري من أين أخذ اللخمي هذا التفصيل من التفريع مع أن [ ص: 454 ] كلامه مطلق حيث قال فإن نقصت قيمته بعيب حدث به فربه بالخيار ، نعم ذلك التفصيل موجود في كتاب محمد انظر بن ( قوله أي انكسارهما ) أي فالمصنف أطلق المصدر الذي هو الكسر ، وأراد الحاصل به ، وذلك ; لأن الكسر فعل الفاعل فلا يكون عيبا قائما بالمغصوبة ، بل العيب القائم بها أثر فعل الفاعل ، وهو الانكسار ( قوله ، أو جنى هو ) أي جناية غير متلفة للمغصوب ، بل عيبته فقط ( قوله كصبغه ) أي كتخييره في مسألة صبغه وقوله في قيمته بدل اشتمال من قوله كصبغه وما ذكره المصنف من التخيير في مسألة الصبغ هو مذهب المدونة ومقابله لا شيء للغاصب في الصبغ فجعله كتجصيص البناء وتزويقه مما لا قيمة له بعد نزعه ، وكان وجه ما فيها أن ما ذكر من التجصيص ، والتزويق مفارق يمكن إزالته بخلاف الصبغ فإنه صنعة دخلت في نفس ذات الشيء ( قوله ولا شيء عليه ) أي لا يلزمه قيمة الصبغ ، هذا ما في التوضيح خلافا لأبي عمران القائل أنه يخير على الوجه الذي ذكره المصنف ولو نقصه الصبغ .

، والحاصل أن المدونة قالت ، وإذا غصب ثوبا وصبغه خير ربه بين أخذ قيمة الثوب أبيض ، أو يأخذ الثوب ويغرم قيمة الصبغ ، وأطلقت في ذلك ولم تقيد بزيادة ولا مساواة ، وأبقاها أبو عمران على ظاهرها ، وقيدها ابن الجلاب بما إذا كان الصبغ لا ينقص القيمة .




الخدمات العلمية