الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وصح مشاع ) أي رهنه من عقار وعرض وحيوان كما يصح بيعه وهبته ووقفه وسواء كان الباقي للراهن أو لغيره ( وحيز ) الجزء المشاع ليتم الرهن ( بجميعه ) أي مع جميع ما يملكه الراهن الذي من جملته الجزء المرهون ( إن بقي فيه ) شيء ( للراهن ) لئلا تجول يد الراهن في الرهن فيبطل ، فإن كانت البقية لغير الراهن اكتفى المرتهن بحوز الجزء المرهون ( ولا يستأذن ) الراهن للجزء المشاع ( شريكه ) أي ليس عليه ذلك إذ لا ضرر على الشريك ; لأنه يتصرف مع المرتهن لعدم تعلق الرهن بحصته هذا قول ابن القاسم المشهور نعم يندب الاستئذان لما فيه من جبر الخواطر ( وله ) أي للشريك الذي لم يرهن ( أن يقسم ) بإذن الراهن ( ويبيع ) منابه ولو من غير إذن شريكه ( ويسلم ) للمشتري ما باعه له بغير إذن شريكه ، فإن نقصت حصته ببيعها مفردة جبر الراهن على البيع معه وكان ثمنه رهنا إن بيع بغير جنس الدين [ ص: 236 ] وإلا قضي الدين منه إن لم يأت برهن ثقة ( وله ) أي للراهن ( استئجار جزء غيره ) أي حصة الشريك غير الراهن ، ولا يمنعه من ذلك رهن جزئه لكن لا يمكن من جولان يده عليه كما أشار له بقوله ( ويقبضه ) أي أجرة الجزء المستأجر ( المرتهن له ) أي للشريك الراهن المستأجر لا هو لئلا تجول يده عليه فيبطل حوزه والمرتهن ( ولو ) رهن أحد الشريكين حصته من أجنبي و ( أمنا ) أي الراهن والمرتهن ( شريكا ) أي جعلا الشريك الذي لم يرهن أمينا لهما على الرهن ووضعا الحصة تحت يده ( فرهن ) الشريك الأمين ( حصته للمرتهن ) أيضا أو لغيره ( وأمنا ) أي الأمين والمرتهن ( الراهن الأول ) على هذه الحصة الثانية وهي شائعة ( بطل حوزهما ) للحصتين معا لجولان يد الراهن الأول على ما رهنه ; لأنه أمين على حصة شريكه الراهن الثاني وهي شائعة فيلزم منه أن حصته تحت يده والثاني يده جائلة أو لا على حصة شريكه بالاستئمان الأول فلو جعلا حصة الثاني تحت يد أجنبي بطل رهن الثاني فقط .

التالي السابق


( قوله وصح مشاع ) أي صح رهن جزء مشاع كنصف وثلث وربع خلافا لمن قال لا يصح رهن المشاع ولا هبته ولا التصدق به ولا وقفه كالحنفية ( قوله وسواء كان الباقي ) أي الجزء الباقي بلا رهن للراهن أو لغيره لكن إن كان الباقي لغير الراهن اقتصر المرتهن في الحوز على حصة الراهن وإن كان الباقي له حاز ماله كله ما رهن وما لم يرهن كما قال المصنف بعد ذلك ( قوله أي مع إلخ ) أشار إلى أن الباء بمعنى مع ويصح جعلها للسببية ، وأشار الشارح بجعل ضمير جميعه لما يملكه الراهن لا للمرهون منه الجزء للإشارة إلى أن الراهن لو كان يملك النصف ورهن الربع فإنه يكتفي بحوز ما يملكه الراهن فقط وهو النصف ولو جعل الضمير راجعا للمرهون منه الجزء لاقتضى أنه لا بد من حوز الجميع في القرض المذكور وليس كذلك .

( قوله ولا يستأذن شريكه ) أي في رهنه لذلك الجزء المشاع ( قوله لأنه ) أي الشريك يتصرف مع المرتهن أي ولا يمنعه من التصرف بالبيع وغيره رهن الشريك لعدم إلخ ( قوله هذا قول ابن القاسم ) ومقابله قول أشهب يجب على الشريك إذا أراد رهن الجزء الشائع أن يستأذن شريكه في رهنه ; لأنه يمنعه من بيعه ناجزا وابن القاسم يرى أن ذلك لا يمنع الشريك من بيع حظه ( قوله نعم يندب إلخ ) أي كما صرح به المصنف في التوضيح حيث قال ينبغي أن يستأذنه على قول ابن القاسم واعترض ابن غازي على المصنف حيث قال تأمل ما هنا مع قوله في توضيحه ينبغي أن يستأذنه ، ورد عليه بأن غاية ما نفى المصنف هنا الوجوب وهذا لا ينافي انبغاء استئذانه كما في التوضيح وليس المنفي هنا الوجوب والندب حتى تحصل المعارضة ، وإنما ندب استئذان الشريك لعدم تميز الأقسام ومن ثم ذكر عج هنا أن ما غصب باسم أحد الشريكين مع الشيوع يوزع عليهما على الأصح ولا يختص به من غصب باسمه كغصب حصة أحد شريكين في دابة أو عبد أو قمح وذكر أيضا خلافا في براءة مدين أخذه منه ظالم وقوي القول بعدم البراءة لعدم تعيينه ، وأما لو كان المأخوذ وديعة أو عارية فالبراءة لتعينها ( قوله أن يقسم ) أي المشترك إن كان مما يقبل القسمة ويبقى الرهن كما هو بيد المرتهن ولا يخرج من يده ( قوله بإذن الراهن ) هذا هو الصواب دون قول عبق بغير إذن الراهن والمرتهن قال في المدونة إذا كان الشيء مما ينقسم من طعام ونحوه فرهن أحد الشريكين حصته منه جاز ذلك ، فإن شاء الشريك البيع قاسمه فيه الراهن ، والرهن كما هو بيد المرتهن لا يخرجه من يده ، فإن غاب الراهن أقام الإمام من يقسم له ، ثم تبقى حصة الراهن في الوجهين رهنا ويطبع على كل ما لا يعرف بعينه ا هـ بن وأجاب شيخنا بأن مراد عبق بقوله بغير إذن الراهن أي بغير رضاه أي أنه لا تتوقف القسمة على رضاه بل يجبره الحاكم على ذلك وهذا لا ينافي أنه لا بد من حضور الراهن ومقاسمته له ا هـ وبن قد التفت لظاهر العبارة فاعترض بما ذكر ( قوله ويبيع ) أي وله أن يبيع منابه أي قبل القسمة ولو [ ص: 236 ] بغير إذن شريكه وأن يسلمها للمشتري ولو بغير إذن شريكه ولا يكون رهن الشريك مانعا من ذلك ; لأن الرهن لم يتعلق بحصته وهذا بخلاف الدابة تكون مشتركة بين شخصين فإنه لا يجوز لأحدهما بيع حصته منها وتسليمها للمشتري بغير إذن شريكه الحاضر أو اطلاع الحاكم إن غاب كما في المدونة وغيرها على ما قاله ابن عرفة وذلك لأنه تصرف في حصة شريكه بغير إذنه ; لأن كل جزء منها بينهما ، ولهذا التعليل قال بعضهم بعدم صحة رهن المشاع وإن كان المشهور ما قاله المصنف من الصحة ، فإن وقع وباع أحد الشريكين حصته في الدابة وسلمها للمشتري بغير إذن شريكه وتلفت فقال في الذخيرة مقتضى القواعد أن يضمن البائع حصة الشريك ; لأن أقل أحوال هذا الشريك البائع أن يكون كالمودع والمودع إذا وضع يد أجنبي على الأمانة بغير إذن ربها فإنه يضمن لتعديه ( قوله لكن لا يمكن من جولان يده عليه ) أي على الجزء المستأجر ( قوله ويقبضه المرتهن له ) أي ويقبض أجرته المرتهن ويسلمها له وكذا يؤاجر له الجزء المرتهن ولا يؤاجره هو ; لأنه في حكم الجولان ( قوله ولو أمنا شريكا ) أي الشريك الثاني ( قوله فرهن الشريك الأمين ) أي الذي هو الشريك الثاني ( قوله للمرتهن ) أي الذي هو الأجنبي ( قوله أي الأمين ) أي وهو الراهن الثاني ، وقوله والمرتهن أي الذي هو الأجنبي ( قوله بطل حوزهما ) أي حوز الراهن الأول والثاني قال عبق وفسدت العقدة أي عقدة الرهن من أصلها وفيه نظر بل الذي بطل إنما هو الحوز فقط لجولان يد كل من الراهنين في حصته التي رهنها فإذا قام المرتهن بحقه وطلب حوز الرهن حوزا صحيحا قبل المانع قضي له بذلك كما يفيده التوضيح وغيره انظر بن إلا أن يحمل كلام عبق على ما إذا حصل مانع والحالة هذه .

( قوله والثاني ) أي والراهن الثاني هو الأمين الأول ( قوله بالاستئمان الأول ) أي وهي شائعة فيلزم منه أن حصته تحت يده ( قوله بطل رهن الثاني ) أي لجولان يده في حصته بالاستئمان على حصة الأول وهي شائعة فيلزم أن حصته تحت يده .




الخدمات العلمية