الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وفسد ) الخيار إن وقع ( بشرط مشاورة ) شخص ( بعيد ) ، وهو الذي لا يعلم ما عنده إلا بعد فراغ مدة الخيار بأمد بعيد [ ص: 95 ] ( أو ) بشرط ( مدة زائدة ) على مدته بكثير ( أو ) مدة ( مجهولة ) كإلى أن تمطر السماء ، أو يقدم زيد ووقت قدومه لا يعلم ويستمر الفساد في الثلاثة ، ولو أسقط الشرط ( أو ) بشرط ( غيبة ) من بائع ، أو مشتر زمن الخيار ( على ما ) أي مبيع ( لا يعرف بعينه ) ، ولو قال على مثلي كان أخصر وأحسن ; لأن من غير المثلي ما لا يعرف بعينه مع أن شرط الغيبة عليه جائز ومحل المنع والفساد في المثلي ما لم يطبع عليه ، أو يكن ثمرا في أصوله ، وإلا لم يفسد ولم يمنع ، واعترض على المصنف في ذكر الفاسد بالشرط مع عدم الطبع بأن نص اللخمي المنع فقط ، وأنه إن وقع مضى ولم يفسخ وقبله ابن عرفة ولم يحك خلافه ، وعلة المنع التردد بين السلفية والثمنية ، وهو ظاهر في غيبة المشتري ، وأما في غيبة البائع فيقدر أن المشتري كأنه التزم شراء المثلي وأخفاه في نفسه وحين شرط البائع الغيبة عليه أسلفه له فيكون بيعا إن لم يرده وسلفا إن رده ( أو ) بشرط ( لبس ثوب ) زمن الخيار إن لم يكن لقياسه عليه ( و ) إذا فسخ ( رد أجرته ) ; لأن اللبس الكثير المنقص ; لأن الغلة في بيع الخيار للبائع . .

التالي السابق


( قوله وفسد الخيار ) أي فسد البيع المحتوي على الخيار بشرط مشاورة إلخ وضمانه من بائعه كما في بيع الخيار الصحيح على الراجح وقيل من المشتري إذا قبضه حكم البيع الفاسد ، وحاصل ما ذكره الشارح أنه قد تقدم أن أمد الخيار في العقار شهر ويلحق به ستة أيام فإذا بعتك الدار على مشاورة زيد وكان في مكان بعيد على أكثر من أمد الخيار كأربعين يوما كان البيع باطلا أما لو كان على [ ص: 95 ] مسافة ثمانية وثلاثين يوما فلا يضر ; لأن اليومين يلحقان بأمد الخيار ، وكذا لو كان على مسافة تسعة وثلاثين ; لأن المضر كما قال الشارح أن لا يعلم ما عنده إلا بعد فراغ أمد الخيار وما ألحق به كما في خش بأمد فاليوم الواحد ليس بأمد بعيد ، واعلم أنهم لم يتعرضوا لقدر الأمد البعيد ولا القريب وحينئذ فيرجع فيهما للعرف ا هـ . تقرير عدوي .

( قوله ، أو بشرط مدة زائدة على مدته بكثير ) أي وأما الزيادة بيوم ، أو بعض يوم لم يضر اشتراطها لقول المصنف ورد في كالغد ( قوله ، أو مجهولة ) اعترض بأن في كلام المصنف تكرارا ; لأن المشترط مشاورته إما أن يعلم وقت الاجتماع به لكن بمدة تزيد على أمد الخيار الشرعي فهو راجع لشرط مدة زائدة ، أو لا يعلم وقت الاجتماع به فهو راجع لمدة مجهولة وأجاب بعضهم بأن مشاورة البعيد يلاحظ فيها البعد ولا يلاحظ فيها الزمان ، والمدة الزائدة يلاحظ فيها الزمان لا البعد والمدة المجهولة يلاحظ فيها الجهالة لا الزمن فلا تكرار ( قوله ، أو غيبة على ما لا يعرف بعينه إلخ ) حاصله أن من اشترى ما لا يعرف بعينه بخيار كالمكيل والموزون والمعدود وشرط البائع ، أو المشتري الغيبة مدة الخيار فإن ذلك يوجب فساد البيع لتردد المبيع بين السلفية والثمنية ; لأنه بتقدير الإمضاء مبيع وبتقدير الرد سلف لإمكان الانتفاع به ، ومفهوم شرط أن الغيبة إذا كانت بغير شرط كما لو تطوع البائع بإعطاء السلعة للمشتري وغاب عليها في زمن الخيار وكانت مثلية فإنه لا يضر بل ذلك جائز ومفهوم ما لا يعرف بعينه جواز اشتراط الغيبة على ما يعرف بعينه فإذا تنازع البائع والمشتري في تسليم ما يعرف بعينه المبيع بالخيار قضي للمشتري بتسليمه إن كان الخيار لاختبار حال المبيع ، وإن كان للتروي في ثمنه مع علمه بحاله لم يقض له بأخذه .

فإن وقع البيع على الخيار ولم يعين وقوعه لماذا ; بأن اتفقا على الإطلاق لفظا وقصدا حمل على أنه للتروي في الثمن ولا يلزم تسليمه للمشتري ، وإن اتفقا على وقوعه مطلقا في اللفظ وادعى كل واحد منهما قصدا يناقض قصد الآخر فسخ البيع قاله ح ( قوله ; لأن من غير المثلي ) أي ; لأن بعض العروض المقومة لا تعرف بعينها كالطواقي والشيلان والبوابيج والأواني الصيني ( قوله وأخفاه ) أي أخفى ذلك الالتزام في نفسه ( قوله إن لم يرده ) أي المشتري لنفسه بأن رد البيع ، وضمير يرده للمثلي وقوله إن رده أي لنفسه بأن أمضى البيع ( قوله ، أو لبس ثوب ) يعني أنه يفسد البيع الواقع على خيار بشرط لبس الثوب في مدة الخيار إذا كان اللبس منقصا ، وأما إن كان يسيرا بأن شرط لبسه لقياسه فلا يضر ( قوله ; لأن الغلة في بيع الخيار للبائع ) أي زمن الخيار وذلك ; لأن الضمان منه والحاصل أن الأجرة والغلة للبائع في بيع الخيار زمنه سواء كان صحيحا ، أو فاسدا ، ولو كان الخيار في الصحيح للمشتري وأمضى البيع لنفسه ; لأن الملك للبائع زمنه ولم يدخل في ضمان المشتري وما تقدم من أن الغلة للمشتري في البيع الفاسد والضمان منه محمول كما تقدم على ما إذا كان البيع بتا فبيع البت الفاسد ينتقل فيه الضمان بالقبض فيفوز المشتري بالغلة ، وأما بيع الخيار فالملك فيه للبائع ولا ينتقل الضمان فيه بالقبض كان صحيحا ، أو فاسدا فلذا كانت الأجرة والغلة فيه للبائع . .




الخدمات العلمية