الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( ولا يجبر ) أحد من الشركاء ( على قسم مجرى الماء ) أي محل جريه بجعله قناتين أو أكثر فيجاب إلى عدمه من أباه ; لأنه قد يقوى الجري في محل دون الآخر بسبب ريح أو علو محل أو خفض آخر وغير ذلك فلا يصل لكل ذي حق حقه على الكمال .

وأما قسمه مراضاة فجائز ومن قال مراده الماء الجاري فالمراد بالمجرى الجاري ، وهو من إضافة الصفة للموصوف وأن معناه أي بغير القلد [ ص: 510 ] بدليل ما يأتي فقد تكلف بلا فائدة ; لأن المراد على كل حال أن القناة المتسعة لا تجعل قناتين أو أكثر جبرا وجاز مراضاة فإن قال بل معناه أن الماء الجاري أي الذي شأنه الجري كالعين والغدير لا يقسم بجعل حاجز فيه بين النصيبين ، قلنا هذا ممنوع مطلقا بالجبر وبالمراضاة لما فيه من النقص والضرر .

( و ) إذا كان لا يجبر على قسم المجرى ( قسم ) عند المشاحة ( بالقلد ) بكسر القاف وسكون اللام ، وهو في الأصل جرة أو قدر تثقب ثقبا لطيفا من أسفلها وتملأ ماء ثم يرسل ماء النهر مثلا إلى الأرض للسقي فإذا فرغ ماء الجرة أرسل إلى أرض الشريك الآخر ومراد الفقهاء به الآلة التي يتوصل بها إلى إعطاء كل ذي حظ حظه فيشمل الرملية التي يستعملها الموقتون وغيرها والمصنف في باب الموات أراد به معناه الأصلي فلذا عطف غيره عليه حيث قال قسم بقلد أو غيره وهنا أراد به المعنى المراد عند الفقهاء فلذا أطلق ، وشبه في عدم الجبر قوله ( كسترة بينهما ) أي بين اثنين ، وهي لأحدهما فإذا سقطت لم يجبر صاحبها على إعارتهما بل يقال للجار استر على نفسك إن شئت فإن كانت مشتركة بينهما أجبر من أبى إقامتها منهما على إقامتها فقوله بينهما متعلق بكون عام أي موضوعة أي كائنة بينهما ولا يصح تقديره مشتركة ; لأن المشتركة يجبر الآبي عليهما كما علمت وكلامه رحمه الله تعالى في غاية الإجمال وحق العبارة كحائط بين جارين سقطت ، وهي لأحدهما

التالي السابق


( قوله ولا يجبر إلخ ) يعني أنه إذا كانت أرض تسقى من عين أو من نهر فقسمت الأرض فاتفقوا على أن العين أو النهر لا يقسم لا مراضاة ولا جبرا وأن مجرى الماء المسمى بالقناة لا تقسم جبرا فإذا طلب أحد الشركاء قسمتها وأبى الآخر فلا يجبر الآبي ، وإن تراضوا على قسمتها قسمت وإذا لم يتراضوا على قسمتها وقلتم لا يجبر الآبي على قسم المجرى قسم الماء بالقلد ( قوله على قسم مجرى الماء ) [ ص: 510 ] أي بالقرعة بأن يجعل قناتين وتضرب القرعة ( قوله بدليل ما يأتي ) أي ، وهو قوله وقسم أي الماء بالقلد إذ لو لم يحمل ما هنا على القسم بغير القلد لنافى ما بعده وذلك ; لأن قوله ولا يجبر على قسم مجرى الماء أي الماء الجاري أفاد نفي الجبر على قسمه وقوله بعد وقسم أي الماء الجاري بالقلد ظاهره جبرا عن الآبي فإذا حمل قوله ولا يجبر على قسم الماء الجاري أي بغير القلد اندفعت المنافاة ( قوله فقد تكلف ) هذا جواب من قال ( قوله على كل حال ) أي سواء فسرنا مجرى الماء بالماء الجاري أو بمكان جري الماء ( قوله من النقص ) أي نقص الماء ( قوله ماء النهر مثلا ) أي أو العين ( قوله معناه الأصلي ) أي ، وهو الذي أشار له بقوله سابقا ، وهو في الأصل جرة أو قدر إلخ ( قوله فإذا سقطت ) أي بنفسها أو بأمر سماوي ، وأما لو هدمها صاحبها فإنه يجبر على إعادتها ، كذا قيل وانظره




الخدمات العلمية