الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولما قدم حكم الفوات في قوله ككتابة إلخ ، وكان في حكمه بعوض تفصيل أشار له بقوله ( فإن ) ( باعه ) المشتري ( لأجنبي ) أي لغير البائع ( مطلقا ) أي بمثل الثمن الذي اشتراه به ، أو أقل ، أو أكثر بعد اطلاعه على العيب ، أو قبله ما دام لم يعد إليه فلا رجوع له بشيء على بائعه ، فإن عاد إليه رده في الأخير فقط ، وهو ما إذا باعه قبل اطلاعه على العيب ( أو ) باعه المشتري ( له ) أي لبائعه ( بمثل ثمنه ) دلس بائعه الأول أم لا ( أو بأكثر ) من ثمنه ( إن دلس ) بأن علم بالعيب حين البيع وكتمه كأن باعه مدلسا بثمانية ، ثم اشتراه بعشرة ( فلا رجوع ) للمشتري فيما قبل هذه على البائع الأول ولا للبائع الأول في هذه على بائعه ، وهو المشتري الأول بما أخذه من الزيادة وليس له رد المبيع عليه لظلمه بتدليسه وسيأتي في قوله وفرق بين مدلس وغيره ولقد أحسن رحمه الله في حذف صلة فلا رجوع لاختلاف مرجع الضمير في المسائل المذكورة ( وإلا ) يكن البائع الأول مدلسا ( رد ) المبيع على المشتري الأول [ ص: 126 ] ( ثم رد عليه ) أي على البائع الأول إن شاء وأخذ ثمنه منه ، وهو الثمانية فتقع المقاصة في الثمانية ويفضل للبائع الأول درهمان ( و ) إن باعه المشتري الأول قبل اطلاعه على العيب ( له ) أي لبائعه ( بأقل ) مما اشتراه به منه كما لو باعه بعشرة ، ثم اشتراه منه بثمانية ( كمل ) البائع الأول للمشتري ثمنه فيدفع له درهمين دلس أم لا ولما قدم أن المبيع إذا رجع ليد مشتريه بعد خروجه منها يرد ما لم يتغير ذكر أقسام التغير الحادث عند المشتري لكن لا بقيد حدوثه بعد خروجه من يده وعوده لها ، وأنها ثلاثة أقسام : متوسط ويسير وكثير واستوفاها على هذا الترتيب فقال ( وتغير المبيع ) المعيب عند المشتري بعيب آخر حدث عنده ( إن توسط ) هذا الحادث بين المخرج عن المقصود والقليل ( فله ) التمسك به و ( أخذ ) أرش العيب ( القديم و ) له ( رده ) أي المبيع ( ودفع ) أرش ( الحادث ) عنده ما لم يقبله البائع بالحادث كما يأتي . .

التالي السابق


( قوله ولما قدم إلخ ) أي ولما قدم الكلام على الفوات الحكمي في قوله ككتابة وكان فيه إذا كان بعوض تفصيل أشار إلخ ( قوله أي لغير البائع ) أي ، ولو كان ابنا لذلك المشتري ، أو أبا له ( قوله بعد اطلاعه على العيب ، أو قبله ) أي وفي كل إما أن يعود ذلك المبيع إليه أو لا فالصور اثنتا عشرة ( قوله فلا رجوع له بشيء ) أي من الأرش فهذه ست ، وحاصلها أن المشتري إذا باع ما اشتراه لأجنبي والحال أنه معيب بعيب قديم ولم يعد ذلك المبيع للمشتري فلا رجوع له على بائعه بأرش العيب سواء باعه بمثل الثمن الذي اشترى به ، أو بأقل منه ، أو بأكثر وسواء باعه بعد اطلاعه على العيب ، أو قبله وهذا الإطلاق في الثمن قول ابن القاسم وقال ابن المواز إن باعه بمثل ما اشترى به ، أو بأكثر فلا رجوع له ، وإن باعه بأقل مما اشترى به ، فإن كانت تلك القلة لحوالة الأسواق فكذلك ، وإن علم أن القلة من أجل العيب كأن يبيعه ، أو وكيله ظانا أن العيب حدث عنده فإنه يرجع على بائعه بالأقل مما نقصه من الثمن ، أو قيمته وجعل ابن رشد وابن يونس وعياض قول ابن المواز تفسيرا لقول ابن القاسم فكان على المصنف أن ينبه على ذلك ( قوله رده في الأخير ) أي في أحوال الثمن الثلاثة ، وأما في الأول فلا رد له في أحوال الثمن الثلاثة ; لأن بيعه بعد الاطلاع على العيب يعد رضا بالمبيع ( قوله ، أو باعه المشتري له ) أي قبل اطلاعه على العيب وقوله ، أو بأكثر أي ، أو باعه قبل اطلاعه على العيب لبائعه بأكثر من ثمنه الأول ، وقوله إن دلس أي إن علم به حين البيع وكتمه ( قوله فلا رجوع للمشتري ) أي بشيء من الأرش وقوله فيما قبل هذه المسألة أعني ما إذا باع المشتري لبائعه بأكثر من الثمن وكان البائع مدلسا وما قبلها ما إذا باع المشتري لأجنبي ، أو باع لبائعه بمثل الثمن ( قوله وليس له رد المبيع ) أي ليس للبائع الأول الذي اشتراه ثانيا رده على المشتري الذي باعه له ( قوله ولقد أحسن في حذف صلة ، فلا رجوع ، لاختلاف مرجع الضمير ) أي ; لأنه بالنسبة للأولى والثانية أعني ما إذا باع لأجنبي ، أو لبائعه بمثل الثمن لا رجوع للمشتري الأول على بائعه بالأرش وفي المسألة الثالثة ، وهي ما إذا باعه لبائعه بأكثر من الثمن لا رجوع للبائع الأول المشتري ثانيا على بائعه ، وهو المشتري الأول بما أخذه من الزيادة وليس المراد أنه لا رجوع للمشتري الأول على بائعه بأرش العيب كما في المسألتين قبل إذ لا يتوهم هنا رجوع بأرش لكون الفرض أن المبيع بأكثر من الثمن الأول ( قوله مدلسا ) أي والموضوع أن المشتري باعه لبائعه بأكثر من [ ص: 126 ] الثمن الذي اشترى به ( قوله ، ثم رد عليه ) أي ، ثم رده المشتري على البائع الأول ( قوله ويفضل للبائع الأول درهمان ) يدفعهما له المشتري الأول وفي بن أن ما ذكره من رجوع البائع الأول بزائد الثمن فيه نظر بل الظاهر أن البائع الأول يخير بين أن يرد ، أو يتماسك وإذا رد فليس للبائع الثاني أن يرد عليه ; لأنه باع بعد علمه بالعيب فقد رضي به ا هـ ، وقد يقال كلام المصنف مفروض فيما إذا كان البائع الثاني لم يطلع على العيب وإنما اطلع عليه البائع الأول بعد شرائه من المشتري الأول تأمل ( قوله ، وإن باعه المشتري الأول قبل اطلاعه على العيب له بأقل كمل ) أي ، وأما لو باعه له بأقل بعد اطلاعه على العيب لم يكمل سواء دلس البائع أم لا ( قوله ، ثم اشتراه منه بثمانية ) أي ، ثم بعد شرائه بثمانية اطلع فيه على عيب قديم ( قوله كمل له ) إن قلت قد تقدم أنه إذا باع المشتري لأجنبي ، ولم يعد المبيع له فلا رجوع للمشتري على البائع ولو كان المشتري باع للأجنبي بأقل مما اشترى ، وهنا قد قلتم إنه إذا باع المشتري للبائع بأقل مما اشترى به ومنه ولم تعد السلعة له فإن المشتري يرجع على البائع بكمال الثمن فما الفرق بين البيع للأجنبي والبائع قلت قال أبو علي المسناوي : يمكن الفرق بينهما بأنه لا ضرر على البائع إذا كان البيع له لرجوع سلعته إليه فليرجع لذلك ثمنه كله بخلاف ما لو باع المشتري لأجنبي فإنه لو رجع المشتري على بائعه بكمال الثمن لتضرر ومن حجته أن يقول النقص إنما هو لحوالة الأسواق لا للعيب فلذا لم يكمل له انظر بن ( قوله وأنها ) أي وذكر أنها ثلاثة ( قوله فله التمسك به إلخ ) إنما خير المشتري دون البائع ; لأن الملك له ( قوله ما لم يقبله إلخ ) أي أن محل كون المشتري إذا حدث عنده عيب متوسط وفي المبيع عيب قديم يخير على الوجه المذكور ما لم يقبله البائع بالحادث من غير أرش ومحله أيضا ما لم يكن البائع مدلسا ، فإن كان مدلسا وحدث عند المشتري عيب ففيه تفصيل يأتي في قوله إلا أن يهلك بعيب التدليس إلخ وقوله ما لم يقبله البائع بالحادث أي من غير أرش ، فإن قبله بالحادث من غير أرش صار ما حدث عند المشتري كالعدم وحينئذ فيخير المشتري بين أن يتماسك ولا شيء له ، أو يرد ولا شيء عليه . .




الخدمات العلمية