الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
[ درس ] ( وكالنجش ) بفتح النون وسكون الجيم أي بيعه ; لأن هذا من جملة البياعات المنهي عنها والنهي يتعلق بالبائع [ ص: 68 ] أيضا حيث علم بالناجش وإلا تعلق بالناجش فقط وهو الذي ( يزيد ) في السلعة على ثمنها من غير إرادته شراءها ( ليغر ) غيره بأن يقتدي به ، كذا فسره في الموطإ وقال المازري هو الذي يزيد في السلعة ليقتدي به غيره فلم يقيده بالزيادة على الثمن فظاهره العموم وعليه حمله ابن عرفة والأظهر أن كلام المازري مساو لكلام الإمام بحمل الثمن في كلام الإمام على الثمن الذي وقع في المناداة لا القيمة وقول المازري يزيد أي على ثمن المناداة وقول المصنف ليغر أي ليئول أمره للغرر ، ولو لم يقصده فاللام للعاقبة والمدار على أنه لم يقصد الشراء ( فإن علم ) البائع بالناجش ( فللمشتري رده ) أي المبيع إن كان قائما وله التماسك به ( فإن فات فالقيمة ) يوم القبض إن شاء ، وإن شاء أدى ثمن النجش

التالي السابق


( قوله : لأن هذا من جملة البياعات المنهي عنها ) أي [ ص: 68 ] لما في الموطإ عن ابن عمر أن { رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النجش } وقوله : لأن هذا إلخ تعليل لتقدير بيعه أي ، وإنما قدرنا ذلك لأن هذا إلخ ثم إن هذا التقدير مع الالتفات لقوله بعد " يزيد " ليغر يؤذن بأن النجش مراد به الناجش وأن المراد بالبيع المقدر الزيادة ، ولو حمل النجش على حقيقته أعني الزيادة ورجع ضمير " يزيد " للفاعل المستفاد من الحديث كان في غنية عن تقدير بيع ( قوله : أيضا ) أي كالناجش ( قوله : حيث علم بالناجش ) أي وأقره على فعله ( قوله : على ثمنها ) أي الذي شأنه

أن تباع به تلك السلعة وهو القيمة ، وعلى هذا فإذا بلغها بزيادته قيمتها فلا حرمة عليه بل قال ابن العربي هو مندوب ( قوله : فلم يقيده بالزيادة على الثمن ) أي الذي شأنه أن تباع به ( قوله : فظاهره العموم ) أي فظاهره سواء زاد على الثمن الذي شأنه أن تباع به أو زاد على أقل منه بلغها القيمة بزيادته أم لا .

( قوله : وعليه ) أي على العموم حمله ابن عرفة وهو المعول عليه ( قوله : الذي وقع في المناداة ) أي سواء كان ذلك الثمن قيمتها وزود الناجش عليها أو أقل من قيمتها وبلغها الناجش قيمتها بزيادته أم لا والحاصل أنه إذا زاد على قيمتها فالمنع اتفاقا وإذا لم يزد على القيمة بل ساواها بزيادته أو كانت زيادته أنقص منها فهو ممنوع على ظاهر كلام المازري وجائز على ظاهر كلام الإمام ومندوب على كلام ابن العربي وعلى تأويل كلام الإمام وكلام المازري فهو ممنوع كالزيادة على القيمة تأمل .

( قوله : والمدار ) أي في الحرمة ( قوله : على أنه لم يقصد الشراء ) أي سواء قصد أن يغر غيره أم لا ( قوله : فإن علم البائع بالناجش ) أي وسكت حتى حصل البيع فللمشتري رده إلخ ، وأما إن لم يعلم فلا كلام للمشتري ولا يفسد البيع والإثم على من فعل ذلك انظر المواق ( قوله : فللمشتري رده وله التماسك ) هذا ظاهر في أن البيع صحيح وحينئذ فالقيمة إذا فات تعتبر يوم العقد لا يوم القبض وفي إيراد هذه المسألة مع أمثلة الفاسد شيء ومثلها مسألة التلقي الآتية وشارحنا تبع عج في قوله : القيمة يوم القبض انظر حاشية شيخنا ( قوله : فالقيمة يوم القبض إن شاء ، وإن شاء أدى ثمن النجش ) ، كذا قال ابن حبيب قال ابن يونس قول ابن حبيب إن شاء يريد إن كانت القيمة أقل يدل على ذلك قوله : وإن شاء أدى الثمن إذ لا يشاء أحد أن يؤدي أكثر مما عليه فظهر أن الذي يلزمه الأقل من الثمن الذي اشتراها به والقيمة ا هـ بن والحاصل أن المشتري يخير في حالة قيام المبيع وحالة فواته ففي حالة قيامه يخير إما أن يجيز البيع أو يرده ، فإن فات ، فإنه يلزمه الأقل من الثمن والقيمة وليس المراد أنه يخير بينهما في حالة الفوات كما هو ظاهر العبارة




الخدمات العلمية