الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
، وأشار للركن الثالث بقوله ( عينا ) أي ذاتا ( لمنفعة ) أي لأجل استيفاء منفعتها فاللام للعلة ، والقول بأنها تشبه لام العاقبة لا يصح أن تكون للعلة ; لأن العلة ثواب الآخرة مما لا يلتفت إليه هنا وقوله عينا معمول لإعارة ; لأنه أضيف لفاعله ومفعوله الأول من أهل التبرع ، والأصل يصح أن يعير المالك أهل التبرع عليه عينا لمنفعة ( مباحة ) استعمالا ، وإن لم يبح بيعها ككلب صيد وجلد أضحية ، أو جلد ميتة دبغ [ ص: 435 ] ( لا كذمي مسلما ) فلا يجوز لما فيه من إذلال المسلم ، وهو محترز من أهل التبرع عليه ، وأدخلت الكاف المصحف له ، والسلاح لمن يقاتل به من لا يجوز قتاله .

التالي السابق


( قوله فاللام للعلة ) أي ومعلولها الإعارة لا الندب أي أن مالك المنفعة يعير الذات لأجل استيفاء المنفعة منها ، وهو ظاهر ، على أنه لا مانع من جعل معلولها الندب أي إنما ندبت إعارة الذات لأجل الانتفاع بها ( قوله ، والقول بأنها تشبه لام العاقبة ) أي كما قال عبق وشبهها فاللام العاقبة باعتبار الأيلولة أي ندب لمالك المنفعة أن يعير عينا يئول أمرها إلى استيفاء المنفعة منها أي عاقبة إعارة العين ومآل أمرها استيفاء المنفعة قال عبق ، وإنما لم تكن لام العاقبة ; لأنها التي يكون ما بعدها نقيضا لمقتضى ما قبلها كالعداوة ، والحزن المنافيين لمقتضى الالتقاط من المحبة ، والسرور ، وهنا ليست نقيضا له ; لأنها تجامعه فهي تشبهها من حيث الأيلولة كما مر ا هـ .

ورد عليه بأن الحق أن لام العاقبة لا يشترط فيها ذلك بدليل { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } ( قوله ; لأن العلة ) أي في الندب ثواب الآخرة ( قوله مما لا يلتفت إليه ) أي لصحة جعلها للعاقبة كما علمت ويصح جعلها للعلة ولا نسلم أن علة الندب الثواب ، بل الثواب مرتب على الانتفاع الذي هو العلة ، ولذا صرح البساطي بأن الثواب عاقبة لا علة ( قوله ومفعوله الأول من أهل التبرع ) أي وعينا مفعوله الثاني واعترضه بن بأن الصواب العكس ; لأن قوله من أهل التبرع مفعول مقيد بالجار فهو المفعول الثاني وعينا مجرد عن الجار فهو المفعول الأول كما في قوله تعالى { واختار موسى قومه سبعين رجلا } ( قوله يصح أن يعير ) أي مالك المنفعة ( قوله لمنفعة ) أي لأجل استيفاء منفعتها ( قوله مباحة ) بالنصب صفة لعينا ( قوله استعمالا ) أي من جهة الاستعمال ، كانت مباحة من جهة البيع أيضا أم لا ( قوله وجلد أضحية ، أو جلد ميتة دبغ . . . إلخ ) أي فهذه الأعيان كلها مباحة الاستعمال ، وإن لم يجز بيعها وحينئذ [ ص: 435 ] فتجوز إعارتها .

( قوله لا كذمي ) المعطوف بلا محذوف بدليل المعطوف عليه أي لا يصح أن يعير مالك المنفعة لغير أهل التبرع عليه كإعارة ذمي عبدا مسلما فهذا تصريح بمفهوم قوله من أهل التبرع ( قوله فلا يجوز لما فيه من إذلال المسلم ) الأولى فلا يصح ; لأن هذه الأمور مخرجة من الصحة وغير الجائز قد يكون صحيحا ، ثم جعل المصنف هذه العارية غير صحيحة يقتضي أنه لا يجبر على إخراجه من ملكه ويؤاجر عليه لعدم استقرار ملكه عليه ، وهذا خلاف الظاهر ، والظاهر أنها تمضي ويؤاجر عليه مثل هبة العبد المسلم للذمي كما صرح به خش وجزم به بن أيضا وحينئذ فعلى المصنف المؤاخذة في إخراج هذه الأمور من الصحة وشارحنا تمحل بقوله أي لا يجوز إلى جعل الإخراج من الجواز الذي تستلزمه الصحة تأمل ( قوله ، وأدخلت الكاف المصحف له ) أي إعارة المصحف له أي للذمي وكذا أدخلت الأواني ليستعملها في كخمر ودواب لمن يركبها لإذاية مسلم ونحو ذلك من كل ما لازمه أمر ممنوع فالكاف يلاحظ دخولها على ذمي وعلى مسلما .




الخدمات العلمية