الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وملك ) الشقص أي ملكه الشفيع بأحد أمور ثلاثة ( بحكم ) من حاكم له به ( أو دفع ثمن ) من الشفيع [ ص: 488 ] للمشتري ( أو إشهاد ) بالأخذ ولو في غيبة المشتري ( واستعجل ) الشفيع أي استعجله المشتري بالأخذ ، أو الترك لا بطلب الثمن خلافا للتتائي ( إن قصد ) الشفيع التأخير ( ارتياء ) أي التروي في الأخذ ، أو الترك ولا يمهل لذلك ( أو ) قصد ( نظرا للمشترى ) بالفتح أي قصد النظر بالمشاهدة للشقص المشترى فلا يمهل لذلك ( إلا ) أن يكون بين محل الشفيع ومحل الشقص مسافة ( كساعة ) ، والكاف استقصائية ، والظاهر أن المراد بها الساعة الفلكية لا أكثر فلا يمهل ، بل يستعجل ولكن لا بد من وصفه له ليصح له الأخذ إذ لا بد عن علم المشتري بما اشتراه ولو بالوصف وليس مراده أن تكون مدة النظر ساعة كما هو ظاهره ; لأنه مخالف للنقل فإن كانت المسافة أقل من ساعة أمهل بقدر ذلك فقط فيما يظهر ، والاستثناء راجع لقوله ، أو نظرا فقط لا لما قبله ، وهذا كله إذا طلبه المشتري ، وأوقفه عند الحاكم فإن ، أوقفه عند غيره فهو على منفعته إذا لم يسقطها فعلم أن قولهم له الأخذ بالشفعة ولو بعد سنة محله إذا لم يستعجله عند حاكم ولم يسقط الشفيع حقه .

وحاصله أنه على شفعته ما لم يمض شهران بعد سنة من يوم الشراء ، وهو حاضر عالم وما لم يوقفه المشتري عند حاكم ، أو لم يسقط حقه .

التالي السابق


( قوله بأحد أمور ثلاثة ) أي فعلى هذا إذا باع الشفيع [ ص: 488 ] الشقص قبل أن يأخذه بواحد من هذه الأمور الثلاثة كان بيعه باطلا ( قوله للمشتري ) أي ، وإن لم يرض المشتري به ( قوله ، أو إشهاد بالأخذ ) أي بالشفعة ، وأما الإشهاد بأنه باق على شفعته فلا يملكه بذلك سواء أشهد بذلك خفية ، أو جهرا فلو أشهد أنه باق على شفعته ، ثم سكت حتى جاوز الأمد المسقط حق الحاضر ، ثم قام يطلبها فلا ينفعه ذلك وتسقط شفعته كما لأبي عمران العبدوسي ( قوله ولو في غيبة المشتري ) أي عند ابن عرفة خلافا لابن عبد السلام حيث قيد كون الإشهاد بحضرة المشتري ولا يعرف ذلك لغيره ، ولعل هذا الخلاف مخرج على الخلاف في أن الشفعة شراء ، أو استحقاق فكلام ابن عرفة على الثاني وكلام ابن عبد السلام على الأول ( قوله فلا يملك لذلك ) ، بل إن لم يأخذ بالشفعة حالا ، أو يسقطها حالا حكم الحاكم بإسقاطها .

وحاصله أن المشتري إذا رفع الأمر للحاكم ، وأحضر الشفيع وقال له إما أن تأخذ هذا الشقص الذي اشتريته ، أو تسقط شفعتك فقال أمهلوني حتى أتروى في الأخذ وعدمه فإنه لا يمهل ويستعجل بالأخذ حالا ، أو الإسقاط حالا فإن لم يأخذ حالا ، أو يترك حالا حكم الحاكم بإسقاط شفعته ( قوله أي قصد النظر إلخ ) أي أن المشتري إذا طلب الشفيع بالأخذ ، أو الترك فقال أمهلوني حتى أنظر الشقص المبيع فإنه لا يمهل ، بل يستعجل فإما أن يأخذ حالا ، أو يسقط شفعته حالا فإن لم يأخذ بالشفعة حالا ولم يسقطها حالا حكم الحاكم بإسقاط شفعته ( قوله إلا كساعة ) أي فإنه يمهل حتى ينظر إليه بعد مدة المسافة ( قوله الساعة الفلكية ) أي ، وهي خمس عشرة درجة لا الزمانية التي تختلف باختلاف الزمان من مساواة الفلكية تارة ، أو نقص ، أو زيادة عنها تارة أخرى ( قوله لا أكثر ) أي لا إن كان بين محل الشفيع ومحل الشقص أكثر من ساعة ( قوله ; لأنه مخالف للنقل ) أي ; لأن النقل أن مدة النظر ، والإحاطة بمعرفته بعد مدة المسافة ، وهي الساعة ومدة النظر بقدر حال المنظور فيه فلا تحد بساعة ( قوله بقدر ذلك ) أي بقدر مدة المسافة ومدة النظر لا أنه يمهل ساعة ومدة النظر ( قوله ، والاستثناء راجع لقوله ، أو نظرا فقط ) أي كما قال ح والبساطي وقوله لا لما قبله أي أيضا كما قال ابن غازي إذ لا إمهال في المسألة الأولى أصلا ( قوله ، وهذا كله ) أي استعجاله إذا طلب ارتياء ، أو طلب النظر إليه .




الخدمات العلمية