الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
وشبه في عدم التبعيض عاطفا على قوله كتعدد المشتري قوله ( وكأن أسقط بعضهم ) أي الشفعاء حقه من الأخذ فيقال للباقي إما أن تأخذ الجميع ، أو تترك الجميع وليس له أخذه حقه فقط ( أو غاب ) البعض قبل أخذه فليس للحاضر أخذ حقه فقط جبرا ، بل إما أن يأخذ الجميع ، أو يترك الجميع فإن قال الحاضر أنا آخذ حقي فقط فإن قدم الغائب ولم يأخذ حقه أخذته لم يجبر المشتري على ذلك ، والصغير كالغائب وبلوغه كقدوم الغائب ( أو أراده ) أي التبعيض ( المشتري ) ، وأباه الشفيع فالقول للشفيع فعلم أن القول لمن أراد عدمه فإن رضيا به جاز وعمل به ( ولمن حضر ) أي قدم من سفره من الشفعاء ، أو بلغ بعد أخذ الحاضر ، أو البالغ الجميع ( حصته ) على تقدير لو كان حاضرا مع الآخذ فقط إلا حصته على تقدير حضور الجميع فلا ينظر لنصيب من بقي غائبا فإن حضر ثالث أخذ منهما على تقدير أن الشفعة للثلاثة ويقطع النظر عن غائب رابع فإذا قدم أخذ منهم على تقدير أن الشفعة لأربعة ، وهكذا [ ص: 491 ] ( وهل العهدة عليه ) أي على الشفيع الآخذ لجميع الحصة عند غيبة القادم ( أو على المشتري ) المأخوذ منه أي هل يخير القادم في كتابة العهدة على الشفيع ، أو المشتري ، وهو قول أشهب ( أو ) يتعين كتبها ( على المشتري فقط ) ، وهو قول ابن القاسم فأو الأولى للتخيير ، والثانية لتنويع الخلاف تأويلان كما يأتي ( كغيره ) أي غير الغائب ، وهو الحاضر ابتداء فإنه يكتبها على المشتري ( ولو أقاله البائع ) فإن إقالته لا تسقط الشفعة وعهدة الشفيع على المشتري بناء على أن الإقالة ابتداء بيع ملاحظا فيها إتهامها بالإقالة على إبطال حق الشفيع ، وإلا لكان للشفيع الخيار في كتبها على من شاء منها ( إلا أن يسلم ) الشفيع شفعته للمشتري أي يتركها له ( قبلها ) أي قبل الإقالة فإن سلمها قبلها ، ثم تقايلا فله الشفعة ، والعهدة على البائع ، وهذا كله إذا وقعت الإقالة بالثمن الأول فإن وقعت بزيادة ، أو نقص ولم يحصل من الشفيع تسليم فإنه يأخذ بأي البيعتين شاء ويكتب العهدة على من أخذ ببيعته اتفاقا وقوله ( تأويلان ) راجع لما قبل الكاف ، .

التالي السابق


( قوله وكأن أسقط بعضهم أي الشفعاء حقه من الأخذ ) أي قبل أن يأخذ الباقون بشفعتهم كما لو كانت الدار المشتركة بين ثلاثة أثلاثا فباع واحد حصته لأجنبي ، وأسقط الثاني حقه من الأخذ بالشفعة قبل أن يأخذ الثالث فيقال للثالث إما أن تأخذ الثلث المبيع بتمامه ، أو تتركه للمشتري بتمامه وليس له أن يأخذ نصفه فقط إلا إذا رضي المشتري فقوله إما أن تأخذ الجميع أي جميع الشقص ( قوله ، أو غاب البعض ) أي بعض الشفعاء قبل أخذه أي أنه إذا كان بعضهم حاضرا وبعضهم غائبا ، وأراد الحاضر أن يأخذ حصته فقط بالشفعة ويترك الباقي فليس له ذلك ، وإنما له أن يأخذ جميع الشقص ، أو يترك جميعه للمشتري فإن قلت ما ذكره المصنف هنا مناف لقوله سابقا ، وهي على الأنصباء ; لأن مقتضاه أنه إذا أسقط أحد الشفعاء شفعته قبل أن يأخذ الباقي كان لغيره أن يأخذ حصته فقط بالشفعة وكذا إذا غاب بعضهم فلمن حضر أن يأخذ قدر حصته فقط قلت لا منافاة ; لأنها بأخرة الأمر على أنصبائهم ، وإما ; لأن ما مر مخصوص بما إذا حضر جميع الشركاء ولم يحصل إسقاط من أحدهم بدليل ما هنا .

( قوله لم يجبر المشتري على ذلك ) أي ، بل أن يقول لمن أراد الأخذ بالشفعة إما أن تأخذ الجميع ، أو تترك الجميع ( قوله ، والصغير كالغائب ) فإذا كانت الدار لثلاثة أثلاثا أحدهم صغير وباع أحد الكبيرين حصته ، وأراد الكبير من الشفيعين أن يأخذ من المشتري بالشفعة حصته في الشقص فقط فلا يجبر المشتري على ذلك ، بل له أن يقول الشفيع إما أن تأخذ الجميع ، أو تترك الجميع ، وإذا أخذ الجميع كان للصغير إذا بلغ أخذ حصته من ملك الشفيع مثل ما لو كان أحد الشفيعين غائبا ، وأخذ الحاضر جميع الشقص وقدم شريكه الغائب ( قوله ، أو أراده ) كما إذا اشترى شقصا شفعاؤه غيب إلا واحدا منهم فإنه حاضر فأراد أن يأخذ جميع الشقص فمنعه المشتري وقال له لا تأخذ إلا بقدر حصتك فالقول قول ذلك الشفيع الحاضر في أخذ جميع الشقص إلى أن يقدم أصحابه ( قوله أي قدم من سفره ) أي وليس المراد ولمن كان حاضرا لأنه يأخذ الجميع كما مر وقوله حصته أي في الشقص المأخوذ ( قوله ، وهكذا ) فإذا كانت دار لأربعة لواحد نصفها اثنا عشر قيراطا ولآخر ربعها ستة قراريط ولآخر ثمنها ثلاثة ولآخر ثمنها أيضا ثلاثة .

[ ص: 491 ] فباع صاحب النصف لأجنبي مع حضور صاحب الثمن فأخذ صاحب الثمن ذلك النصف بالشفعة ، ثم قدم صاحب الربع فإن المأخوذ يقسم بينه وبين الذي قبله على الثلث ، والثلثين ، لصاحب الربع ثمانية ، ولصاحب الثمن أربعة ، فإذا قدم الشريك الثالث ، وهو صاحب الثمن الثاني أخذ من صاحب الثمانية اثنين ، ومن صاحب الأربعة واحدا ( قوله ، وهل العهدة ) المراد بها هنا ضمان الثمن أي ، وهل ضمان ثمن هذا القادم إذا استحق هذا المبيع أو ظهر به عيب يكون على الشفيع الأول ، أو على المشتري إلخ ؟ وفي الكلام حذف أي ، وهل كتابة ضمان ثمن هذا القادم إذا استحق هذا المبيع عليه ، والمراد بكتابة ضمان الثمن على الشفيع أو على المشتري أن يكتب اشترى فلان ومن لوازم ذلك ضمانه الثمن عند ظهور عيب المبيع ، أو استحقاقه لا أنه يكتب الضمان من فلان ( قوله ، أو يتعين كتبها على المشتري فقط ) الأولى حذف قوله يتعين وقوله فقط لأن عليها يكون قول ابن القاسم نصا في مخالفة أشهب فلا يتأتى التأويل بالوفاق ( قوله تأويلان ) أي في كونهما متوافقين كما قال ابن رشد الصواب أن قول أشهب بالتخيير تفسير لقول ابن القاسم فقول ابن القاسم ، يكتب القادم العهدة على المشتري أي إن شاء أو متخالفين كما قال عبد الحق وقول ابن القاسم يكتب القادم العهدة على المشتري يعني فقط ( قوله كغيره ) ذكر هذا ، وإن كان معلوما ; لأن من المعلوم أن العهدة على البائع ، والبائع للشفيع هو المشتري لأجل أن يرتب عليه قوله ولو أقاله البائع ( قوله ولو أقاله البائع ) أي ولو أقال البائع المشتري من الشقص الذي فيه الشفعة ، وهذا مذهب المدونة ، وأشار بلو لرد قول مالك أيضا إن الشفيع يخير في مسألة الإقالة في كتب العهدة على البائع ، أو على المشتري ( قوله وعهدة الشفيع على المشتري ) أي يكتبها على المشتري ( قوله بناء على أن الإقالة ابتداء بيع ) أي لا على أنها نقض للبيع ، وإلا لم يكن للشريك شفعة أصلا إذ كأنه لم يحصل بيع ( قوله ، وإلا ) أي وإلا يلاحظ فيها ذلك الإتهام ( قوله لكن للشفيع الخيار ) أي لما يأتي من أن الشقص إذا تعدد بيعه فإن الشفيع يخير في أخذه بثمن أي بيع ويكتب العهدة على من أخذ بثمنه ؟ وأشار الشارح بقوله بناء إلخ لدفع ما يقال إن أخذ الشفيع للشقص بالشفعة بعد الإقالة فيه وكتابة العهدة على المشتري لا ينبني على أن الإقالة ابتداء بيع ، وإلا لكان للشفيع الأخذ بأي البيعتين شاء ويكتب عهدته على من أخذ بالثمن الذي باع به ولا على أن الإقالة نقض للبيع ، وإلا لم يكن للشفيع شفعة إذ كأنه لم يحصل بيع ، وحاصل ما أجاب به الشارح اختيار الشق الأول وإنما لم يخير في الأخذ بأي البيعتين ويكتب العهدة على من أخذ بثمنه لاتهامها بالإقالة على إبطال حق الشفيع ، وقال شيخنا الأحسن أن يقال إن الإقالة هنا كالعدم كما هو مفاد حكم المالك عليها بالبطلان والمعدوم شرعا كالمعدوم حسا ( قوله إلا أن يسلم إلخ ) أي أن محل كون الشفيع يكتب العهدة على المشتري إذا حصلت الإقالة من البائع له ما لم يترك الشفيع الشفعة للمشتري قبل الإقالة فإن ترك له الشفعة ، ثم حصلت الإقالة فإنما له الأخذ من البائع ويكتب العهدة عليه لا على المشتري ( قوله فله الشفعة والعهدة على البائع ) أي ولا يلزم من إسقاطه شفعته عن المشتري إسقاطها عن البائع لأنه لما أسقط الأخذ من المشتري صار شريكا فإذا باع للبائع فله الأخذ منه بالشفعة لأنه تجدد ملكه ( قوله ، وهذا كله ) أي ما تقدم من أن الشفيع يكتب العهدة على المشتري ولو أقال البائع المشتري من الشقص حيث لم يحصل من الشفيع ترك للشفعة قبل الإقالة محله إذا وقعت الإقالة بالثمن الأول ( قوله فإنه يأخذ بأي البيعتين شاء ) أي اتفاقا ; لأن الإقالة بزيادة ، أو نقص بيع قطعا .




الخدمات العلمية