الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( بجزء قل ، أو كثر )

                                                                                                                            ش : لا مفهوم لقوله بجزء ، وإنما نبه به على أنه لا تجوز المساقاة بكيل مسمى من الثمرة ، ولم يرد أنه لا بد أن يكون المأخوذ جزءا من الثمرة بل تجوز المساقاة على أن تكون الثمرة جميعها للعامل قاله في المدونة وغيرها قال ابن ناجي : وظاهرها أنها مساقاة حقيقية ، ويجبر العامل أو يستأجر من يعمل إلا أن يقوم دليل على أنه أراد الهبة لقلة المؤنة وكثرة الخراج قال اللخمي ، وهو مقتضى ما رواه [ ص: 374 ] ابن حبيب ، وقال التونسي : هي كالهبة ، وإن انتفع ربها بسقي أصوله ، ولو مات قبل الحوز بطلت انتهى .

                                                                                                                            ( قلت : ) قال اللخمي متمما للكلام الأول : ومتى أشكل الأمر حملا على المعاوضة لقوله : أساقيك ، ورب الحائط أعلم بمنافعه ومصلحة ماله انتهى .

                                                                                                                            ونقله أبو الحسن ، وقال في المقدمات : وتجوز المساقاة على أن تكون الثمرة كلها للعامل بعمله ، وقد قيل فيه : إنه منحة فيفتقر إلى الحيازة ، ويبطل بالموت ، وهو بعيد انتهى .

                                                                                                                            ( قلت : ) وأما عكس هذا فظاهر جوازه ، وهو أن تكون الثمرة كلها لرب المال ; لأن العامل هنا متبرع بعمله ( تنبيه : ) يشترط في الجزء المأخوذ أن لا يكون مختلفا فلو كان في الحائط أصناف من الثمرة وشرط أن يأخذ من صنف منها النصف ، ومن صنف منها الثلث لم يجز ، وكذلك لو كان فيه أنواع من الثمار فساقاه في نوع من الثمار منها بالنصف ، وفي نوع بالثلث لم يجز قال ابن عرفة : والحائط مختلف نوع شجرة مختلطا كمتحد اللخمي واختلاف ثمرته بالجودة والرداءة كتساويها ، وتعدد الحوائط وثمرها سواء في الجودة والرداءة والعمل ، أو تقارب كواحد انتهى .

                                                                                                                            ( فرع : ) وقع في الموطإ وغيره في حديث خيبر { أنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص عليهم ، ثم يقول لهم : إن شئتم فلكم ، وإن شئتم فلنا بخرصها ونؤدي إليكم نصفها } هكذا ذكره في المقدمات ، وفي الموطإ نحوه قال الباجي قال ابن مزين : سألت عيسى عن فعل عبد الله أيجوز ذلك للمساقيين والشريكين ، فقال : لا يعمل ، ولا يصلح اقتسامه إلا كيلا إلا أن تختلف حاجتهما إليه فيقتسمانه بالخرص قال الباجي : وهذا الذي حمل عيسى الحديث عليه ، وأنه كان يسلم إليهم جميع الثمرة ليضمنوا حصة المسلمين منها لا يجوز ; لأنه بيع التمر بالتمر بالخرص في غير العرايا فلذلك تأول الحديث على أن الخرص للقسمة خاصة ، وإذا حمل الحديث على أنه إنما كان الخرص للزكاة سلم مما جاء به وأنكره ، وهو محتمل لذلك ، ويكون قوله : إن شئتم فلكم ، وإن شئتم فلنا على سبيل التحقيق لصحة خرصه انتهى بالمعنى وخرص الحائط للقسمة إنما يجوز إذا كان للأكل بشروط تقدمت في باب القسمة ، وقال في المقدمات : جاء في بعض الآثار تضمين اليهود نصيب المسلمين ، وفي بعضها تخييرهم من غير ذكر ضمان فأما تخييرهم في أخذهم الثمرة في رءوس النخل بما فيه خرص عليهم من الثمرة يؤدونه عند الجداد من غير تضمين فليس بضيق ، وقد أجازه جماعة من أهل العلم ، وهو على قياس ما قاله مالك في الخرص بسبب الزكاة ، وأما تخييرهم في التزامهم ذلك مضمونا عليهم فهو من المزابنة ، ولا يكون إلا مفسوخا ، وقد ذكر عن بعض أهل العلم إجازته ، وهو بعيد انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية