الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( ولم يكن رقا لمكذبه أو مولى لكنه يلحق به )

                                                                                                                            ش : كذا في النسخ التي رأيناها وهو كلام متدافع ; لأن [ ص: 240 ] أول الكلام يقتضي أن شرط الاستلحاق أن لا يكون المستلحق رقا لم يكذب المستلحق أو مولى له ، وأنه إن كان كذلك لم يصح الاستلحاق ، وقوله آخرا لكنه لا يلحق به مناقض ، فلا يصح حمله على قول ابن القاسم في المدونة ولا على قول أشهب قال ابن القاسم في المدونة في كتاب أمهات الأولاد : ومن استلحق صبيا في ملك غيره وبعد أن أعتقه غيره لم يصدق إذا كذبه الحائز لرقه وولائه ولا يرثه إلا ببينة تثبت أبو الحسن هذا هو الوجه الثالث لابن يونس ويشير إلى قول ابن يونس استحقاق الولد عند ابن القاسم على ثلاثة وجوه ، وهو أن يستلحق ولدا ولد عنده من أمته أو ولد له بعد أن باعها بمثل ما تلحق فيه الأنساب ، ولم يطلبه المبتاع ولا زوج ولا تبين كذبه .

                                                                                                                            فهذا يلحق به بلا خلاف والثاني أن يستلحق ولدا لم يولد عنده ولا علم أنه ملك أمه بشراء ولا نكاح ، فهذا يلحق به عند ابن القاسم إذا لم يتبين كذبه ولا يلحق به عند سحنون .

                                                                                                                            والثالث : أن يستلحق ولدا ولد في ملك غيره أو بعده إن أعتقه غيره ، فهذا لا يلحق به عند ابن القاسم وقال أشهب : يلحق به ، ويكون ابنا له ومولى لمن أعتقه أو عبدا لمن ملكه انتهى . والصواب حذف قول المصنف لكنه يلحق به ليكون جاريا على قول ابن القاسم في المدونة أو عدم اشتراط ما ذكر وأن يلحق بمن استلحقه مع بقاء رقه وولائه لحائزهما ليكون جاريا على قول أشهب كما نقله ابن يونس عنه بل وقع لابن القاسم أيضا في أول سماع عيسى من كتاب الاستلحاق نحوه وقال ابن رشد : هو الصحيح إذ لا يمتنع أن يكون ولدا للمقر به المستلحق له وعبدا للذي هو في يده وقال : إنه خلاف ما في كتاب أمهات الأولاد من المدونة ونص كلامه قال عيسى قال ابن القاسم : في القوم من أهل الحرب يسلمون جماعة ويستلحقون أولادا من زنا قال : إذا كانوا أحرارا ، ولم يدعهم أحد لفراشه ، فإنهم يلحقون به وقد ناط عمر بن الخطاب رضي الله عنه من ولد في الجاهلية ممن ادعاهم في الإسلام إلا أن يدعيه زوج الحرة أو سيد الأمة ; لأنه قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { الولد للفراش وللعاهر الحجر } فإذا ادعاه مع سيد الأمة أو زوج الحرة ، فهو أحق قلت والنصارى يسلمون فيدعون أولادا من زنا كانوا في نصرانيتهم قال يلحقون بهم ; لأنهم يستحلون في دينهم الزنا وغيره .

                                                                                                                            ( قلت ) فإن استلحق رجل منهم ولد أمة مسلم أو نصراني قال إذا ألحقه به فإن عتق يوما ما كان ولدها وورثته قال محمد بن رشد قوله في أول هذه المسألة قال : إذا كانوا أحرارا ولم يدعهم لفراش ، فهم ولده يدل على أنهم إذا كانوا عبيدا لا يلحقون به ، وإن لم يدعهم أحد لفراش وقد وقع مثل هذا في كتاب أمهات الأولاد من المدونة ، وهو خلاف قوله في آخر المسألة إذا ألحقه فإن أعتقه يوما ما كان ولده وورثه ، وهذا الذي قاله في آخر المسألة هو الصحيح إذ لا يمتنع أن يكون ولدا للمقر به المستلحق له وعبدا للذي هو في يده وقوله إذا ألحقه به فإن أعتق إلخ يجوز أن يكون في اللفظ تقديم وتأخير وحقيقته إذا ألحق به ويكون ولده فإن عتق يوما ورثه وبالله التوفيق ، انتهى .

                                                                                                                            بلفظه وفي قوله ; لأنهم يستحلون في دينهم الزنا دليل على أنه لو كان ممن لا يستحلون الزنا لا يلحق بهم ، وهو كذلك وقد نقله ابن عرفة إثر هذه المسألة ونصه أبو عمر كان عمر ينيط أولاد الجاهلية بمن استلحقهم إذا لم يكن هناك فراش ; لأن أكثر فعل الجاهلية كان كذلك ، وأما اليوم في الإسلام فلا يلحق ولد الزنا بمدعيه عند أحد من العلماء كان هناك فراش أم لا الباجي كان النكاح في الجاهلية على أربعة أضرب الأول : الاستبضاع وهو أن يعجب الرجل نجابة الرجل وسلبه فيأمر من تكون له من أمة أو حرة أن تبيح له نفسها ، فإذا حملت منه رجع هو إلى وطئها حرصا على [ ص: 241 ] نجابة الولد والثاني : أن تكون المرأة لا زوج لها ، فيغشاها جماعة ، فإذا حملت دعتهم وقالت لأحدهم هذا منك فيلحق به ، ولا يمكنه الامتناع ، والثالث : البغايا كن يجعلن الرايات على مواضعهن فيغشاها من شاء فإن استمر بها حمل قالت لأحدهم هو منك فيلحق به ، والرابع : النكاح الصحيح أبطل الإسلام الثلاثة المتقدمة انتهى .

                                                                                                                            ( تنبيه ) : لم يشرح الشارحان قول المؤلف لكنه يلحق به ، وأما ابن غازي فقال : ظاهر هذا الاستدراك أنه يلحق به مع بقاء رقه أو ولائه لحائزهما ، وهذا لا يقوله ابن القاسم هنا ، وإنما نسبه ابن يونس لأشهب ، ثم ذكر كلامه المتقدم ، ثم قال : نعم قال ابن القاسم : نحو هذا في المدونة في المسألة الآتية فيمن ابتاع أمة فولدت عنده ، فادعى البائع بعد عتق المبتاع الأم والولد قال : هناك ألحقت به نسب الولد ، ولم أزل عن المبتاع ما ثبت له من ولائهما قال أبو الحسن الصغير الفرق بينهما أنه في الأول لم يملك أمه ، فليس معه قرينة تصدقه بخلاف هذه .

                                                                                                                            وفي بعض نسخ هذا المختصر ، فإنه لا يلحق به وهو كالحشو ا هـ .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية