الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وبيعه سلعة على أن يتجر بثمنها سنة )

                                                                                                                            ش : قال الشارح أي وهكذا يجوز أن يبيع له سلعة على أن يبيع تلك السلعة ويتجر بثمنها سنة انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) قوله : على أن يبيع تلك السلعة ليس هو من تمام صورة المسألة بل هو مفسد للعقد إن وقع كذلك وصورة المسألة التي أشار إليها المصنف هي : أن يبيع له سلعة بثمن على أن يتجر له بثمنها سنة كما ستقف عليه في كلام المدونة في القولة التي بعد هذه ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( كغنم لم تعين ، وإلا فله الخلف على آجره )

                                                                                                                            ش : كذا في كثير من النسخ بلم قبل الفعل المضارع المبني للمفعول ، وهي [ ص: 414 ] مشكلة لاقتضائه أن الغنم إذا لم تعين لا تجوز الإجارة عليها إلا بشرط الخلف ، وليس كذلك ويصير قوله : وإلا فله الخلف لا معنى له ; لأنه إن حمل على أن المعنى ، وإن عينت فله الخلف ، ويريد مع عدم الشرط فليس بصحيح ; لأن العقد فاسد إذا لم يشترط الخلف في المعينة ، وإن أريد مع الشرط ، فيكون مستغنى عنه ، وقد تكلف البساطي - رحمه الله - في توجيه ذلك فقال : التشبيه وقع بين الغنم إذا لم تعين وبين التجر بثمن السلعة سنة مع شرط الخلف في أن على المالك الخلف لا في صحة الإجارة بالشرط وعدم صحتها مع عدمه يعني أن الغنم إذا لم تعين صحت الإجارة عليها ، وإن لم يشترط الخلف والحكم أنه يقضى عليه بالخلف بخلاف المعينة فإنها لا تصح إلا بشرط الخلف فافهمه فإنه كاللغز ، ويحتمل أن يكون التشبيه في الجوائح يجوز كذا كما يجوز الاستئجار على رعي غنم لم تعين ، وذكر لفظ المدونة الآتي قال : وقوله : وإلا فله الخلف معناه على الأول أنه يقضى عليه بالخلف في غير المعينة ، وإن عينت مع الشرط فله أن يأتي بالخلف ، أو يدفع جميع الأجرة ومعناه على الثاني : أن الاستئجار على الغنم المعينة لا يجوز يعني إلا بشرط الخلف ، وهو على أجره الأول انتهى .

                                                                                                                            وهو في غاية التكلف بعيد الملاءمة لكلام المصنف ، وفي بعض النسخ المصححة كغنم عينت بالفعل الماضي المبني للمفعول ، وإلا فله الخلف على آجره ، وهذه لا إشكال فيها ، ومعناها : أن الغنم إذا كانت معينة فإنه تجوز الإجارة على رعيها إذا شرط الخلف ، وإن لم تكن معينة فلا يحتاج إلى شرط ، وله الخلف على آجره يريد ، أو يدفع له الأجرة كاملة قال في كتاب أوائل الإجارة من المدونة ومن باع من رجل سلعة بثمن على أن يتجر له بثمنها سنة كان كمن آجره على أن يتجر له بهذه المائة سنة ، أو يرعى له غنما بعينها سنة ، فإن شرط في العقد خلف ما هلك ، أو تلف جاز ، وإلا لم يجز ، فإن شرط ذلك فهلك من ذلك شيء فأبى ربه من خلفه قيل له : أد الإجارة واذهب بسلام ، وتكون له أجرته تامة ، ولو آجره على رعاية مائة شاة غير معينة جاز ، وإن لم يشترط خلف ما مات منها ، وله خلف ما مات منها بالقضاء ، فإن كانت معينة فلا بد من الشرط انتهى .

                                                                                                                            وكلام المصنف كما ترى مطابق لهذا على النسخة الثانية ، وقوله : على آجره أتى به لزيادة البيان ، وإلا فمعلوم أن الذي له الخلف إنما هو الآجر أعني رب الغنم والله أعلم .

                                                                                                                            وبقية الكلام على شروط المسألة وتفريعاتها مبسوط في شرح المدونة وذكروا من جملة شروط المسألة أن لا يشترط عليه أن يتجر بالربح بخلاف أولاد الغنم يجوز أن يشترط عليه أن يرعى أولادها قالوا ; لأن الربح مجهول ، وما تلده الغنم معروف ، والذي يظهر أنه غير معروف لاحتمال ولادتها واحدا ، أو أكثر إلا أنه أقل غررا من الثمن فتأمله .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية