الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( واستئجار مؤجر )

                                                                                                                            ش : تصوره ظاهر ( فرع : ) قال في كتاب الجعل والإجارة من معين الحكام إذا اكترى دارا عشر سنين بعدد معلوم دفعه إليه ، وسكن الدار شهرا ، أو سنة ، ثم أراد اشتراءها من ربها فقال أبو بكر بن عبد الرحمن : شراء المكتري لها عندي جائز ، وهو فسخ لما تقدم من الكراء ، وعلى هذا لو انهدمت الدار قبل انقضاء أمد الكراء كانت المصيبة من المشتري ؟ إذ الكراء قد انفسخ ، وقال الشيخ أبو عمران : شراء المكتري لها جائز ، ويكون ذلك فسخا للكراء ، ويكون بقية الكراء مضافا إلى ثمن الدار فيجعل ذلك كله ثمنا للدار انتهى .

                                                                                                                            ونقل الوانوغي في الثمن قولين الأول : أنه ما وقع به البيع دون الأجرة .

                                                                                                                            والثاني : ما وقع به البيع ، وما يجب لبقية المدة من الكراء ، ونصه : ما نقل ابن الرفيع عن أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي عمران الفاسي نقله ابن سهل وابن عات ، وقد اتفقا على أن ذلك فسخ لما بقي من المدة فقال أبو بكر : الثمن ما وقع به البيع دونه ، وصوبه ابن سهل ، وقال ابن عمران : الثمن ما وقع به البيع ، وما يجب لبقية المدة من الكراء انتهى .

                                                                                                                            ، ومنه قبل هذا بنحو الورقتين ومن آجر أمته لم يمنع من وطئها ، فإن حملت انفسخت الإجارة ، إذا كان الحمل منه ، ومن آجر عبده ، ثم باعه ، فالإجارة أولى به ، فإن كانت الإجارة كاليوم واليومين جاز البيع ، وإن بعدت مدة الإجارة فسخ البيع ونحو هذا في المدونة قال أبو الحسن في الكبير قال عبد الحق : وهذا إذا رضي المبتاع ، وإلا فله القيام بهذا العيب إذا لم يعلم أنه في إجارة انتهى .

                                                                                                                            وقال في معين الحكام أيضا : مسألة : لو أجره شهرا ، ثم باعه ، فلم يعلم المشتري حتى انقضى الشهر قال بعض المتأخرين : البيع ماض ، وهو كعيب ذهب ، وللمشتري أجرة الشهر ، أحب البائع أم كره ؟ ولا يدخله بيع عبد ، وذهب بذهب ; لأن هذا أمر جرت إليه الأحكام قال بعضهم : الإجارة للبائع ، ويخير المشتري في أن يأخذه بغير إجارة ، أو يرده ، ولا يجوز أن يتراضيا على أخذ العبد وإجارته انتهى منه .

                                                                                                                            قال أبو الحسن عن ابن يونس : وقيل : بل يقوم العبد على أن يقبض يوم عقد البيع ، ثم يقوم على أن يقبض بعد شهر فما نقص رجع بحصة ذلك من الثمن ، وهذا أحسنها صح منه ، وهو لأبي إسحاق ومنه ، وإن كان إنما علم بها بعد انقضاء الإجارة ، وكانت قريبة كاليوم واليومين جاز ، ويختلف هل له متكلم في إجارة هذين اليومين على ما سيأتي انتهى .

                                                                                                                            ويشير إلى الاختلاف المتقدم في الأمد [ ص: 408 ] البعيد والله أعلم .

                                                                                                                            وفي الإجارة من المعونة فصل : يجوز للمؤاجر أن يبيع العين المستأجرة من المستأجر وغيره إن بقي من مدة الإجارة ما لا يكون غررا يخاف تغيرها في مثله خلافا لأبي حنيفة ولأحد قولي الشافعي لقوله تعالى : { وأحل الله البيع } ولأنه ليس في بيعها إبطال حق المستأجر ; لأن المشتري إنما يتسلمها بعد انقضاء أمد الإجارة ، وكل تصرف لا يبطل حق المستأجر لا يمنع أصله إذا باع أمة قد زوجها ، وقال فيها أيضا : ويجوز بيع العين المستأجرة من مستأجرها وغيره ، والمنفعة للمستأجر إلى انقضاء الإجارة وللمؤجر جميع الأجرة ، وفي جهل المشتري الإجارة يثبت له الخيار انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن جزي في القوانين ، ويجوز بيع الأرض والرباع المكتراة خلافا للشافعية ، ولا ينفسخ الكراء ، ويكون واجب الكراء في بقية أمد الكراء للبائع ، ولا يجوز أن يشترطه المشتري ; لأنه يئول إلى الربا إلا إن كان البيع بعروض ، وإن لم يعلم المشتري أن الأرض مكتراة فذلك عيب ، وله القيام به انتهى .

                                                                                                                            وفي كتاب الإجارة من الجلاب : ومن اكترى دارا أو أرضا مدة معلومة فلا بأس أن يبيعها من مكتريها قبل تمام المدة ، ولا بأس أن يبيعها من غيره ; لأنه إذا أعلمه بالإجارة ، فإن باعها منه ، ولم يعلم المشتري بالإجارة فهو عيب إن شاء المشتري رضي به ، وإن شاء رد ، ولا سبيل له إلى فسخ الإجارة قبل مضي المدة ، والأجرة على كل حال للبائع دون المبتاع قال التلمساني : لأنه ليس في ذلك أكثر من أنه باع دارا ، أو أرضا يتأخر قبضها مدة من الزمان لا تتغير في مثلها ، ولا يجوز أن يشترط الأجرة المشتري لنفسه ; لأنه يدخله الذهب بالذهب متفاضلا ، ثم قال : قال مالك : ومن ساقى حائطا ، ثم باعه فالبيع ماض والمساقاة ثابتة لا ينقضه البيع الأبهري ; لأن عقد المساقاة لازم كعقد الإجارة انتهى .

                                                                                                                            ونحوه للقرافي ، وفي أواخر مسائل الإجارة من البرزلي ما نصه : مسألة ابن عات من أكرى داره ، ثم باعها فإما أن يبيعها من المكتري ، أو من غيره ، فإن باعها من غيره ، فإن لم يعلم بالكراء فهو عيب إن شاء رد ، وإن شاء تماسك ، وإن علم به فلا رد له ، ولا كراء إلا أن يشترطه ، وإن اشترطه ، فإن وجب الكراء للبائع ، أو بعضه بمضي المدة فلا خلاف في المنع إذا بيعت الدار بذهب ، وهو ذهب ، ولا بالورق على قول ابن القاسم إلا أن يكون الثمن نقدا ، أو يكون أقل من صرف دينار ، وإن لم يجب شيء من الكراء على المكتري للبائع لكونه لم يمض من المدة شيء ، وإن اشترطه في العقد ففي جوازه قولان فابن رزق يجيزه ووافقه غيره ، ومنهم من منعه ، ونسب لابن القاسم في الدمياطية ، ومنهم من قال : هو للمبتاع اشترطه أم لا ؟ وأما إن باعها من المكتري ، فقال ابن عبد الرحمن وأبو عمران : هو جائز ، وهو فسخ لما تقدم من الكراء في قول أبي بكر بن عبد الرحمن ولما بقي من المدة في قول أبي عمران ابن سهل وجواب أبي عمران أميل إلى الصواب وسئل الشارقي وابن دحون وابن الشقاق عن المكتري إذا ابتاعها بشرط أن الكراء عنه محطوط فأجابوا إن ذلك لا يجوز ابن دحون هذا إن كان إسقاطه مشترطا في العقد ، وإن وضعه البائع بعد البيع جاز قال الشارقي وأجازه ابن حزم ، وهو خطأ يريد أنه ابتاع الدار ، والكراء عليه بالثمن الذي دفع فصار ذهبا وعرضا بذهب ، وهو بين الفساد ابن سهل ، وجوابها ولاء لا يدل على أن الكراء لا يفسخه الشرط انظر تمامه انتهى .

                                                                                                                            وانظر الجواهر وكلام الوانوغي في جوابه ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية