الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب الرابع في الاختلاف

                                                                                                                                                                        التنازع في الرهن يفرض في أمور .

                                                                                                                                                                        الأول : أصل العقد . فإذا قال : رهنتني ، فأنكر المالك ، أو رهنتني ثوبك ، فقال : بل عبدي . أو بألفين ، فقال : بل بألف . أو رهنتني الأرض بأشجارها ، فقال : بل وحدها ، فالقول قول المالك مع يمينه . ولو قال : رهنتني الأشجار مع الأرض يوم رهن الأرض ، فقال : لم تكن هذه الأشجار أو بعضها يوم رهن الأرض ، بل أحدثتها بعد ، نظر ، فإن كانت الأشجار بحيث لا يتصور وجودها يوم الرهن ، فالمرتهن كاذب ، والقول قول الراهن بلا يمين . وإن كانت بحيث لا يتصور حدوثها بعده ، فالراهن كاذب ، فإن اعترف في مفاوضتها أنه رهن الأرض بما فيها ، كانت الأشجار مرهونة ، ولا حاجة إلى يمين المرتهن ، وإن زعم رهن الأرض وحدها ، أو ما سوى الأشجار المختلف فيها ، واقتصر على نفي الوجود ، [ ص: 113 ] فلا يلزم من كذبه في إنكار الوجود كونها مرهونة ، فيطالب بجواب دعوى الرهن ، فإن أصر على إنكار الوجود ، فقد جعل ناكلا ، وردت اليمين على المرتهن . فإن رجع إلى الاعتراف بالوجود ، وأنكر رهنها ، قبلنا إنكاره ، وحلف لجواز صدقه في نفي الرهن . وإن كان الشجر بحيث يحتمل الوجود يوم رهن الأرض ، والحدوث بعده فالقول قول الراهن . فإذا حلف ، فهي كالشجرة الحادثة بعد الرهن في القلع وسائر الأحكام ، وقد سبق بيانها . هذا كله تفريع على الاكتفاء منه بإنكار الوجود ، وهو الصحيح . وفي وجه : لا بد من إنكار الرهن صريحا . والحكم بتصديق الراهن في هذه الصورة ، مفروض فيما إذا كان اختلافهما في رهن تبرع . فإن اختلفا في رهن مشروط في بيع ، تحالفا كسائر صفات البيع إذا اختلف فيها .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية