الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        يجوز أن يرهن بالدين الواحد رهنا بعد رهن ، ثم هو كما لو رهنهما معا . ولو كان الشيء مرهونا بعشرة ، وأقرضه عشرة أخرى على أن يكون مرهونا بها أيضا لم يصح على الجديد الأظهر . فإن أراد ذلك ، فطريقه أن يفسخ المرتهن الرهن الأول ، ثم يرهنه بالجميع . ولو جنى المرهون ، ففداه المرتهن بإذن الراهن ليكون مرهونا ، بالدين والفداء ، صح على المذهب وهو نصه ؛ لأنه من مصالح الرهن ، فإنه يتضمن إبقاءه . وقيل : فيه القولان . ولو اعترف الراهن أنه مرهون بعشرين ، ثم رهنه أولا بعشرة ثم بعشرة ، وقلنا : لا يجوز ، ونازعه المرتهن ، فالقول قول المرتهن مع يمينه ؛ لأن اعتراف الراهن ، يقوي جانبه ، ولو قال المرتهن في جوابه : فسخنا الرهن الأول ، واستأنفنا بالعشرين رهنا ، فهل القول قول المرتهن لاعتضاده بقول الراهن ، رهن بعشرين أم قول الراهن ; لأن الأصل عدم الفسخ ؟ وجهان ، ميل الصيدلاني إلى أولهما ، وصحح صاحب التهذيب الثاني ، ورتب عليه فقال : لو شهد شاهدان أنه رهنه بألف ، ثم بألفين لم يحكم بأنه رهن بألفين ، ما لم يصرحا بأن الثاني كان بعد فسخ الأول .

                                                                                                                                                                        [ ص: 57 ] فرع

                                                                                                                                                                        رهن بعشرة ثم استقرض عشرة ليكون رهنا بهما ، وأشهد شاهدين أنه رهن بالعشرين ، فإن لم يعلم الشاهدان الحال ونقلا ما سمعا ، فهل يحكم بكونه رهنا بالعشرين ، إذا كان الحاكم يعتقد القول الجديد ، وجهان . وإن عرفا الحال ، فإن كانا يعتقدان جواز الإلحاق ، فهل لهما أن يشهدا بأنه رهن بالعشرين ، أم عليهما بيان الحال ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        قلت : أصحهما : لا يجوز ؛ لأن الاجتهاد إلى الحاكم ، لا إليهما . والله أعلم . وإن كانا يعتقدان منع الإلحاق لم يشهدا إلا بما جرى باطنا على الصحيح . وهذا التفصيل ، فيما إذا شهدا بنفس الرهن ، وفيه صور الجمهور : فإن شهدا على إقرار الراهن ، فالوجه تجويزه مطلقا .

                                                                                                                                                                        قلت : كذا أطلق الجمهور هذا التفصيل ، وقال صاحب " الحاوي " : إن كان الشاهدان مجتهدين ، ففيه التفصيل ، وإن كانا غير مجتهدين لم يجز مطلقا ، ولزمهما شرح الحال . ولو مات وعليه دين مستغرق ، فرهن الوارث التركة عند صاحب الدين على شيء آخر أيضا ، ففي صحته الوجهان بناء على القولين . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية