الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في حكم البيع والشراء المخالفين أمر الموكل

                                                                                                                                                                        أما البيع ، فإذا قال : بع هذا العبد ، فباع آخر ، فباطل . وأما الشراء ، فإن وقع بعين مال الموكل ، فباطل . وإن وقع في الذمة ، نظر ، إن لم يسم الموكل ، وقع عن الوكيل ، وكذا إن سماه على الأصح . وتلغو التسمية ؛ لأن تسمية الموكل غير معتبرة في الشراء ، فإذا سماه ، ولم يكن صرفه إليه ، صار كأنه لم يسمه . والثاني : العقد باطل . فإذا قلنا بالأصح ، فذلك إذا قال : بعتك ، فقال : اشتريت لموكلي فلان . فأما إذا قال البائع : بعت فلانا ، فقال الوكيل : اشتريته له ، فالمذهب بطلان العقد ؛ لأنه لم تجر بينهما مخاطبة . ويخالف النكاح حيث يصح من الولي ووكيل الزوج على هذه الصيغة ، بل لا يصح إلا كذلك ؛ لأن للبيع أحكاما تتعلق بالمجلس كالخيار وغيره ، وتلك الأحكام إنما يمكن اعتبارها بالمتعاقدين ، فاعتبر جريان [ ص: 325 ] المخاطبة بينهما ، والنكاح سفارة محضة . ثم ما ذكرناه في هذا الفصل تفريع على الجديد ، وهو منع وقف العقود ، وإلغاء تصرف الفضولي . وأما على القديم ، فالوكيل كأجنبي ، فيقف الشراء في الذمة على إجازته . فإن أجاز ، وقع عنه ، وإلا فعن الوكيل ، وكذا الشراء بعين ماله ، وبيع العبد الآخر ، ينعقدان موقوفين على هذا القول كما ذكرنا في بابه .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        وكيل المتهب في القبول ، يجب أن يسمي موكله ، وإلا فيقع عنه ، لجريان الخطاب معه ، ولا ينصرف بالنية إلى الموكل ؛ لأن الواهب قد يقصد بتبرعه المخاطب ، وليس كل أحد يسمح بالتبرع عليه ، بخلاف الشراء ، فإن المقصود منه حصول العوض .

                                                                                                                                                                        قلت : قال في " البيان " : لو وكله أن يزوج بنته زيدا ، فزوجها وكيل زيد لزيد ، صح . ولو وكله في بيع عبده لزيد ، فباعه لوكيل زيد ، لم يصح . والفرق أن النكاح لا يقبل نقل الملك ، والبيع يقبله . ولهذا يقول وكيل النكاح : زوج موكلي ، ولا يقول : زوجني لموكلي . وفي البيع يقول : بعني لموكلي ولا يقول : بع موكلي . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية