الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ ص: 341 ] فرع

                                                                                                                                                                        باع الوكيل مؤجلا ، ثم ادعى أنه مأذون له فيه ، فقال الموكل ما أذنت لك إلا في حال ، فالقول قول الموكل . ثم لا يخلو ، إما أن ينكر المشتري الوكالة ، أو يعترف بها .

                                                                                                                                                                        الحال الأول : أن ينكر ، فالموكل يحتاج إلى البينة . فإن لم تكن فالقول قول المشتري مع يمينه على نفي العلم بالوكالة ، فإن حلف ، قرر المبيع في يده ، وإلا فترد العين على الموكل . فإن حلف ، حكم ببطلان البيع ، وإلا فهو كما لو حلف المشتري . ونكول الموكل عن يمين الرد في خصومة المشتري ، لا يمنعه من الحلف على الوكيل . وإذا حلف عليه ، فله أن يغرم الوكيل قيمة المبيع ، أو مثله إن كان مثليا ، ولا يطالب الوكيل المشتري حتى يحل الأجل ، مؤاخذة له بمقتضى تصرفه ، فإذا حل ، نظر ، إن رجع عن قوله الأول وصدق الموكل ، لم يأخذ من المشتري إلا أقل الأمرين من الثمن والقيمة . وإن لم يرجع ، بل أصر على قوله ، طالبه بالثمن بتمامه . فإن كان مثل القيمة أو أقل ، فذاك . وإن كان أكثر ، فالزيادة في يده للموكل بزعمه ، والموكل ينكرها ، فهل يحفظها أم يلزمه دفعها إلى القاضي ؟ فيه خلاف مذكور في مواضع ، ثم إن كان ما أخذه من جنس حقه ، فذاك ، وإلا فعلى الخلاف السابق ، كذا قاله الجمهور وهو المذهب . وقال الإمام ، والغزالي : يقطع هنا بأخذه ؛ لأن المالك في غير الجنس يدعيه لنفسه ، والموكل هنا لا يدعي الثمن ، فأولى مصارفه التسليم إلى الوكيل الغارم .

                                                                                                                                                                        الحال الثاني : أن يعترف المشتري بالوكالة ، فينظر ، إن صدق الموكل ، فالبيع [ ص: 342 ] باطل ، وعليه رد المبيع . فإن تلف ، فالموكل بالخيار ، إن شاء غرم الوكيل ، لتعديه ، وإن شاء غرم المشتري . وقرار الضمان على المشتري ، لحصول الهلاك في يده ، ويرجع بالثمن الذي دفعه على الوكيل . وإن صدق الوكيل ، فالقول قول الموكل مع يمينه ، فإن حلف ، أخذ العين . وإن نكل ، حلف المشتري وبقيت له .

                                                                                                                                                                        الموضع الثاني : في المأذون فيه ، إذا وكله في بيع ، أو هبة ، أو صلح ، أو طلاق ، أو إعتاق ، أو إبراء ، فقال : تصرفت كما أذنت ، وقال الموكل : لم تتصرف بعد ، نظر ، إن جرى هذا الاختلاف بعد انعزال الوكيل ، لم يقبل قوله إلا ببينة ؛ لأنه غير مالك للتصرف حينئذ . وإن جرى قبل الانعزال ، فهل القول قول الموكل ، أم الوكيل ؟ قولان . أظهرهما عند الأكثرين : الأول ، وهو نصه في مواضع . وقيل : ما يستقل به الوكيل ، كالطلاق ، والإعتاق ، والإبراء ، يقبل قوله فيه بيمينه ، وما لا ، كالبيع ، فلا . ولو صدق الموكل الوكيل في البيع ونحوه ، لكن قال : عزلتك قبل التصرف ، وقال الوكيل : بل بعد التصرف ، فهو كما لو قال الزوج : راجعتك قبل انقضاء العدة ، فقالت : انقضت عدتي قبل الرجعة . ولو قال الموكل : باع الوكيل ، فقال : لم أبع . فإن صدق المشتري الموكل ، حكم بانتقال الملك إليه ، وإلا فالقول قوله .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية