الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن أسلم ) شخص ( فرسا ) مثلا ( في عشرة أثواب ) مثلا ( ثم بعد ) الغيبة عليه وقبل الأجل ( استرد ) فرسا ( مثله مع ) زيادة ( خمسة ) من العشرة الأثواب وأبرأه من الخمسة الباقية ( منع مطلقا ) سواء كانت الخمسة المزيدة مع الفرس معجلة أو مؤجلة للأجل أو دونه أو لأبعد منه ; لأنه آل أمره إلى أنه أسلفه فرسا رد له مثله وهو عين السلف وزاده الأثواب فهو سلف بزيادة ( كما ) يمنع ( ولو استرده ) أي الفرس بعينه مع خمسة أثواب معجلة أو مؤجلة لدون الأجل أو لأبعد ، وأما للأجل فيجوز كما أشار له بقوله ( إلا أن تبقى الخمسة ) الأثواب المزيدة ( لأجلها ) على الصفة المشترطة لا أدنى ولا أجود بدليل ما يأتي في مسألة الحمار ، وإنما منع [ ص: 86 ] في الثلاثة التي قبل الاستثناء ; لأن ( المعجل لما في الذمة ) كما في الصورتين الأوليين وهو المسلم إليه الدافع الفرس من الأثواب عما في ذمته للمسلم ( أو المؤخر ) عن الأجل كما في الثالثة وهو المسلم ( مسلف ) وقد اجتمع السلف مع بيع فعلة المنع بيع وسلف بيانه في الأول أن الخمسة المعجلة سلف من المسلم إليه يقبضها من نفسه عند الأجل وفي الثاني أن تأخيرها عن أجلها سلف من المسلم يقبضها من المسلم إليه إذ ذاك والفرس المردودة مبيعة بالخمسة الأثواب الباقية فقد اجتمع بيع وسلف ( وإن باع حمارا ) مثلا ( بعشرة ) من العين ( لأجل ) كشهر ( ثم استرده ) من المشتري بالإقالة ( ودينارا ) من المشتري ( نقدا ) منع مطلقا كان الدينار من جنس الثمن الذي باع به الحمار أو من غيره ; لأنه بيع وسلف إذ المشتري ترتب في ذمته عشرة دنانير دفع عنها معجلا الحمار المشترى مع دينار ليأخذ من نفسه عند الأجل تسعة عوض الحمار وهو بيع ودينارا عن الدينار السابق وهو سلف وقولنا من العين ، وأما من العرض كما إذا باع الحمار بعشرة أثواب لشهر ثم استرده ودينارا نقدا فينبغي الجواز ; لأن الحمار والدينار مبيعان بالأثواب ( أو ) زاده مع الحمار دينارا ( مؤجلا ) منع أيضا ( مطلقا ) كان للأجل أو لدونه أو أبعد لفسخ الدين في الدين ( إلا ) أن يكون الدينار المؤجل ( في ) أي من ( جنس الثمن ) أي صفته بأن يوافقه سكة وجوهرية ، وكذا وزنا ( للأجل ) لا لدونه ولا لأبعد فيجوز ; لأنه آل أمر البائع إلى أنه اشترى الحمار بتسعة من العشرة وأبقى دينار الأجل ولا محظور فيه ( وإن زيد ) مع الحمار المردود ( غير معين ) كثوب أو شاة جاز إن عجل المزيد ; لأنه باع ما في الذمة بعرض وحمار معجلين ولا مانع من ذلك بخلاف ما لو أخره لفسخ الدين في مؤخر بالنسبة للمزيد .

التالي السابق


( قوله : وإن أسلم فرسا إلخ ) قال في التوضيح مسألتا الفرس والحمار ليستا من بيوع الآجال ولكنهما شبيهتان بها لبنائهما على سد الذرائع وقد ذكرهما في المدونة في هذا الباب ا هـ وبحث فيه الناصر اللقاني بأن بيع الأجل حقيقة بيع سلعة بثمن لأجل ولا شك أن كلا من الفرس والحمار بيع بالأثواب لأجل ولا مانع من كون رأس المال مبيعا لنصهم على أن كلا من العوضين مبيع بالآخر فتأمله ا هـ بن .

( قوله : مثلا ) أشار بهذا إلى أن مراد المصنف مجرد التمثيل فلا مفهوم لفرس ولا لعشرة ولا لأثواب ولا لخمسة ، وإنما المراد أنه أسلم مقوما فرسا أو غيره في مقوم كان ذلك المسلم فيه ثيابا أو غيرها كانت الثياب عشرة أو أقل أو أكثر كان المردود خمسة أثواب أو أقل أو أكثر .

( قوله : ثم استرد ) أي المسلم إليه .

( قوله : مع خمسة ) ليس المراد مع تعجيل خمسة وإلا نافى بعض صور الإطلاق بل المراد مع الموافقة على رد خمسة ومفهوم قوله مع خمسة أمران : الأول ما لو استرد مثله فقط فتجوز الصور الاثنتا عشرة المتقدمة وهي ما إذا كانت قيمة المثل المردود مساوية لقيمة الأول أو أقل أو أكثر سواء كان رد المثل نقدا أو لأجل دون الأول أو لمثله أو لأبعد منه وذلك لأن هذا استئناف بيع غير الأول وهذا عين قوله سابقا ، وإن باع مقوما فمثله كغيره والثاني ما لو استرد مثله مع غير جنس المسلم فيه كشاة فتمنع الصور كلها كالمنطوق لما فيه من سلف جر نفعا ، والحاصل أن رد مثل الفرس مع غير المسلم فيه كرد مثلها مع بعض المسلم فيه في أن كلا منهما يمنع للسلف بزيادة كما بينه الشارح بقوله ; لأنه آل أمره أي المسلم إلى أنه أسلفه أي المسلم إليه إلخ .

( قوله : كما لو استرده ) أي كما يمنع لو استرده بعد الغيبة عليه وقبل الأجل مع خمسة أثواب معجلة أو لدون الأجل أو لأبعد منه لأجل اجتماع البيع والسلف كما بينه الشارح بعد .

( قوله : وأما للأجل فيجوز إلخ ) حاصله أنه إذا رد قبل الأجل فرسا مماثلة لما أسلمه مع خمسة فالمنع في الأحوال الأربعة ، وأما لو رد الفرس بذاتها قبل الأجل مع خمسة فالمنع في ثلاثة أحوال والجواز في حالة إن قلت : إذا كانت الأثواب الخمسة مؤجلة للأجل الأول ما وجه الجواز إذا كان المردود عين الفرس [ ص: 86 ] والمنع إذا كان المردود مثلها قلت إذا كان المردود مثلها علم أنهما قصدا السلف بالسلعة المدفوعة أو لا وسموه سلما تحيلا ، بخلاف ما إذا كان المردود عينها فكأنهما اشترطا رد العين فخرجا عن حقيقة السلف إذ الشأن فيه عدم رد العين فلذا جرى السلف بزيادة في الأول دون الثاني فتأمل .

( قوله : في الثلاثة التي قبل الاستثناء ) أي ما إذا رد الفرس بعينه قبل الأجل مع خمسة معجلة أو مؤجلة لدون الأجل أو لأبعد منه .

( قوله : لأن المعجل إلخ ) حاصله أنه إذا عجل خمسة الأثواب أو أخرها لدون الأجل فيقال : إنه ترتب للبائع في ذمة المشتري عشرة أثواب للأجل عجل منها خمسة مع الفرس قبل الأجل فهذه الخمسة التي عجلها سلف أسلفها للبائع يقبضها من نفسه لنفسه عند تمام الأجل والخمسة الأثواب الأخرى التي أسقطها عنه البائع مبيعة بالفرس فقد اجتمع البيع والسلف ، وأما إذا أخر تلك الخمسة بعد الأجل فيقال : إن البائع ترتب له في ذمة المشتري عشرة أثواب أسقط عنه منها خمسة في مقابلة الفرس وهو بيع فإذا جاء الأجل وأخره بالخمسة الثانية كان ذلك سلفا من البائع للمشتري فقد اجتمع البيع والسلف .

( قوله : في الأول ) أي في القسم الأول وهو أن المعجل لما في الذمة يعد مسلفا .

( قوله : وفي الثاني ) وهو أن المؤخر على الأجل يعد مسلفا .

( قوله : الباقية ) التي أبرأه منها .

( قوله : وإن باع حمارا إلخ ) حاصله أنه إذا باع حمارا بعشرة لأجل ثم استرده ودينارا فالدينار إما نقدا أو مؤجلا لدون الأجل الأول أو له أو لأبعد منه وفي كل إما أن يكون من جنس الثمن الأول أي موافقا له في صفته أو لا فهذه ثمانية ممنوعة إلا إذا كان الدينار موافقا للثمن في صفته وكان مؤجلا للأجل نفسه .

( قوله : كان الدينار من جنس الثمن ) أي من صنفه بأن وافقه سكة وجوهرية ووزنا .

( قوله : أو من غيره ) أي بأن كان الدينار المردود محمديا وكان البيع بيزيدية أو عكسه أو كان البيع بفضة والمردود ذهبا أو العكس ، وأما لو باعه بعشرة أثواب ثم استرده ودينارا نقدا لجاز كما يأتي .

( قوله : مبيعان بالأثواب ) أي لأن البائع للحمار قد باع للمشتري ما في ذمته من الأثواب بدينار وحمار .

( قوله : لفسخ الدين إلخ ) هذا التعليل لا يظهر إلا لو كان باع الحمار بعشرة أثواب لأجل ثم استرده ودينارا مؤجلا فيقال : إنه قد باع الحمار بتسعة أثواب وفسخ الثوب العاشر وهو مؤجل في الدينار المؤجل فهو فسخ دين وهو الثوب العاشر في دين وهو الدينار المؤجل مع أن الموضوع أن الحمار باعه بعشرة من العين فالأولى التعليل باجتماع بيع وسلف كما علل به ابن يونس ; لأن الدينار المزيد إذا لم يبق لأجله فهو محض سلف قارنه بيع .

( قوله : للأجل ) حال لا استثناء والحال ، وإن كانت قيدا لعاملها إلا أن الاستثناء محطة الأول مقيدا بالثاني وليس الثاني مقصودا بالذات بل بالتبع فلا يلزم استثناء شيئين بأداة واحدة وهو غير سائغ ا هـ عدوي .

( قوله : فيجوز ) أي إذا لم يشترطا نفي المقاصة ، كذا قال عبق وفيه أن هذا القيد لا معنى له هنا لعدم تأتي المقاصة إذ ليس للمشتري في ذمة البائع شيء .

( قوله : إلى أنه اشترى الحمار بتسعة ) أي من الدنانير التي في ذمة المشتري .

( قوله : وإن زيد مع الحمار المردود غير عين ) أي والفرض أنه باع الحمار أولا بغير عرض بأن باعه بعين لأجل كما لو باعه بعشرة دنانير لأجل ثم استرده مع عرض .

( قوله : لفسخ إلخ ) علة لمحذوف أي فلا يجوز لفسخ إلخ .

( قوله : بالنسبة للمزيد ) مثلا لو باع الحمار بعشرة دنانير مؤجلة ورده وعرضا مؤجلا للأجل الأول [ ص: 87 ] أو دونه أو أكثر فقد فسخ دينارا مثلا في العرض المؤخر وبيع الحمار بتسعة حين رده ا هـ




الخدمات العلمية