الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
[ ص: 533 ] بل ( ولو ) ( لم يكن في المال ) الذي اشترى به العبد ( فضل ) أي ربح بأن اشتراه برأس المال أو دونه ; لأنه بمجرد قبضه المال تعلق له به حق فصار شريكا ( وإلا ) يعلم بالقرابة ( فبقيمته ) يعتق يوم الحكم ولو كانت أقل من قيمته يوم الشراء وقوله فبقيمته أي ما عدا حصة العامل من الربح منها فلا يغرمها فإذا كان رأس المال مائة اشترى بها قريبه غير عالم بالقرابة وكانت قيمته يوم الحكم مائة وخمسين غرم لرب المال مائة وخمسة وعشرين حيث كان الربح على المناصفة ومحل عتقه بالقيمة إن كان في المال فضل قبل الشراء وإلا لم يعتق منه شيء ويكون رقيقا لرب المال بخلاف حالة العلم فلا يراعى فيها الفضل ولذا أخر حالة عدم العلم عن المبالغة ( إن أيسر ) العامل ( فيهما ) أي في صورتي العلم وعدمه ( وإلا ) يكن موسرا فيهما ( بيع ) منه ( بما وجب ) على العامل مما تقدم لرب المال وعتق الباقي والذي وجب عليه لربه الأكثر من القيمة والثمن حال العلم والقيمة فقط حال عدم العلم بغير ربح العامل في الحالين ( وإن أعتق ) العامل عبدا ( مشترى للعتق ) أي اشتراه من مال القراض للعتق وأعتقه ، وهو موسر عتق عليه و ( غرم ثمنه ) الذي اشتراه به ( وربحه ) أي الربح الحاصل قبل الشراء .

وأما الربح الحاصل في العبد فلا يغرمه على الأرجح ، وإن كان الظاهر من المصنف غرمه .

( و ) إن اشتراه ( للقراض ) فأعتقه ، وهو موسر غرم لربه ( قيمته يومئذ ) أي [ ص: 534 ] يوم العتق وقيل يوم الشراء ( إلا ربحه ) وفي نسخة لا ربحه ، وهي أصوب ، وأما نسخة وربحه بالإثبات فخطأ أي حصة العامل من الربح الحاصل في العبد فلا يغرمها ( فإن أعسر ) العامل في حالتي شرائه للعتق والقراض ثم أعتقه ( بيع منه بما ) يجب ( لربه ) ، وهو الثمن وربحه في الأولى وقيمته فقط في الثانية وعتق على العامل ما بقي إن بقي شيء

التالي السابق


( قوله بل ولو لم يكن في المال إلخ ) رد بالمبالغة على المغيرة القائل إنه إذا لم يكن في المال ربح لا يعتق عليه ; لأنه لا يتعلق حقه بالمال ولا يكون شريكا إلا إذا حصل ربح فيه فإذا لم يحصل فيه ربح لم يتعلق حقه به وحينئذ فالعامل كأنه اشتراه لغيره فلم يدخل في ملكه حتى يعتق عليه ( قوله ; لأنه بمجرد إلخ ) تعليل لعتق العبد على العامل في الحالة المذكورة ، وهي ما إذا لم يكن في الثمن الذي اشترى به العبد فضل ولو علل الشارح بأنه لما علم شدد عليه لتعديه ولأنه بسبب علمه كأنه تسلف المال كما لبن كان أنسب بما يأتي في السوادة الآتية من تقييد المواق ( قوله فبقيمته يعتق ) أي وإلا يعلم بقرابته فإنه يعتق عليه بمقابلة قيمته التي يغرمها لرب المال ( قوله يوم الحكم ) أي وتعتبر القيمة يوم الحكم لا يوم الشراء ( قوله أي ما عدا إلخ ) خلافا لما يتبادر من كلام المصنف من أنه يغرم لرب المال كل القيمة وليس كذلك ( قوله منها ) أي حالة كون حصة العامل من الربح كائنة من قيمته ( قوله مائة وخمسين ) أي ولو كانت قيمته يوم الحكم مائتين غرم لرب المال مائة وخمسين ( قوله إن كان في المال فضل ) أي إذا كان في الثمن الذي اشترى به العبد زيادة على رأس المال لكونه حصل فيه ربح قبل الشراء .

( قوله وإلا لم يعتق منه شيء ويكون رقيقا لرب المال ) كذا في المواق عن ابن رشد وذلك ; لأنه إنما يعتق على العامل مراعاة للقول بأنه شريك وإذا لم يكن في المال فضل فلا شركة فلا يتصور عتق حتى تقوم عليه حصة شريكه وبهذا التقييد المذكور تعلم أن قول الشارح فإن كان رأس المال مائة اشترى بها قريبه إلخ فيه تسامح والأولى فاشترى بها سلعة باعها بمائة وعشرة ثم اشترى بهما قريبه إلخ وإلا كان مناقضا لما في آخر الكلام من التقييد ( قوله فلا يراعى إلخ ) أي بل يعتق على العامل بالأكثر من الثمن والقيمة سواء كان في الثمن الذي اشترى به العبد فضل أم لا ; لأنه إنما عتق بشرائه عالما لتعديه ( قوله إن أيسر ) أي أن ما تقدم من أن العامل إذا علم يعتق عليه بالأكثر من القيمة والثمن ولو لم يكن في المال فضل ، وإن لم يعلم عتق عليه بقيمته إن كان في المال فضل محله إذا كان العامل موسرا فيهما ( قوله بيع بما وجب إلخ ) هذا مقيد بما إذا لم يزد ثمنه الذي اشتراه به على قيمته يوم الحكم فإن زاد بيع له بقدر رأس ماله وحصته من الربح الحاصل في القيمة يوم الحكم وتبع رب المال العامل بما بقي له من ربحه من الثمن فإن كان رأس المال مائة اتجر فيها فربحت مائة فاشترى بالمائتين قريبه والحال أن قيمته يوم الحكم مائة وخمسون فإن اشتراه عالما بالقرابة والحال أنه معسر بيع منه بمائة وخمسة وعشرين ويعتق الباقي ، وهو ما يساوي خمسة وعشرين وتبع رب المال العامل في ذمته بخمسة وعشرين ، وإن كان غير عالم بالقرابة لم يتبعه بشيء وإنما لم يبع لرب المال بقدر رأس ماله وحصته من الربح الحاصل قبل الشراء في المثال المذكور ، وهو خمسون في حالة علمه لتشوف الشارع للحرية ، وتحصل أن في كل ممن يعتق عليه أو على رب المال أربع صور : العلم وعدمه يضربان في اليسر والعسر فإن نظرت فيمن يعتق على العامل لكون المال فيه فضل أم لا كانت صوره ثمانية والمعتبر في العسر واليسر يوم الحكم كما قاله شيخنا العدوي ( قوله للعتق ) أي لأجل أن يعتقه ( قوله غرم ثمنه ) أي ثمن رب المال الذي هو رأس ماله الذي اشترى به العبد وقوله وربحه أي ربح الثمن أي غرم حصته رب المال من ربح الثمن الحاصل قبل الشراء إن كان فيه ربح ( قوله فلا يغرمه على الأرجح ) أي ; لأنه متسلف .

( قوله ، وإن كان الظاهر من المصنف غرمه ) أي بناء على أن الضمير في قوله وربحه راجع للعبد لا للثمن [ ص: 534 ] قوله يوم العتق ) هذا القول نقله المواق عن ابن رشد وقوله وقيل يوم الشراء هذا القول ذكره البساطي وتت وبحث فيه شيخنا بأنه غير واضح ; لأن الجناية على ذلك العبد يوم عتقه وقيمة المجني عليه إنما تعتبر يوم الجناية ( قوله إلا ربحه ) أي ربح العامل أي إلا حصة العامل من الربح الحاصل حتى في العبد فإنها تحط من قيمته فلا يغرمها فإذا دفع له مائة فاتجر بها فربحت خمسين ثم اشترى بالجميع عبدا للقراض يساوي مائتين ثم أعتقه فإنه يغرم لرب المال مائة وخمسين ، وذلك قيمته يوم العتق ما عدا حصة العامل قبل الشراء ، وفي العبد وذلك خمسون فيسقط ذلك عن العامل فقول الشارح أي حصة العامل من الربح الحاصل في العبد ، الأولى أن يقول من الربح الحاصل حتى في العبد ، كما في كلام غيره .

( قوله ، وهي أصوب ) الأولى وكلاهما صواب كما قال عبق إذ لا وجه لأصوبية الثانية عن الأولى ( قوله فخطأ ) أي لاقتضائها أن العامل يغرم حصته من الربح الكائن في العبد مع أنه يسقط عنه ولا يغرمه ( قوله أي لا حصة العامل ) تفسير لقول المصنف إلا ربحه ( قوله ، وهو الثمن وربحه ) أي وحصة ربه من ربحه ( قوله إن بقي شيء ) أي وذلك إذا كان في العبد ربح وإلا لم يعتق منه شيء وبيع كله




الخدمات العلمية