ص ( باب الغصب )
ش : قال في الذخيرة : الغصب لغة قال : أخذ الشيء ظلما . غصبه منه وغلبه سواء والاغتصاب مثله ، انتهى . ثم قال صاحب المقدمات : التعدي على رقاب الأموال سبعة أقسام لكل قسم منها حكم يخصه وهي كلها مجمع على تحريمها وهي الحرابة والغصب والاختلاس والسرقة والخيانة والإدلال والجحد ، انتهى . الجوهري
( فوائد ) قال عليه السلام في خطبة ثاني النحر { } . : إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا
فورد سؤال وهو أن المشبه يجب أن يكون أخفض من المشبه به وهو هنا منحط عنه في نظر الشرع بكثير وجوابه أن التشبيه وقع بحسب اعتقادهم فإنهم كانوا يعظمون البلد والشهر ويحتقرون الأمور المذكورة ، انتهى . بالمعنى ، من الذخيرة . ومنها أيضا في قوله صلى الله عليه وسلم { أدلة الغصب } . متفق عليه . ( فائدة ) قال العلماء : لم يرد في السمعيات ما يدل على تعدد الأرضين إلا قوله تعالى { : من غصب شبرا من أرض طوقه من سبع أرضين : الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن : } وهذا الحديث وقيل : المثلية في العظم لا في العدد فلا دلالة . ( فائدة ) قال البغوي : قيل : طوقه أي كلف حمله يوم القيامة لا طوق التقليد وقيل : تخسف الأرض به فتصير البقعة المغصوبة في حلقه كالطوق قال : وهذا أصح لما في قال رسول الله [ ص: 274 ] صلى الله عليه وسلم : { البخاري } . انتهى . وحديث من أخذ من الأرض شبرا بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين هذا دليل أيضا على تعدد الأرضين وقوله وقيل : المثلية في العظم يظهر لي أنه ولو قيل به ففيه أيضا دليل على التعدد ، والله أعلم . ومنها أيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { البخاري } . يروى بالتنوين في عرق على النعت وبعدمه على الإضافة وفي النكت عرق الظالم ما يحدثه في المغصوب . قال : من أحيا أرضا ميتة فهي له وليس لعرق ظالم حق : العروق أربعة ظاهران البناء والغرس وباطنان في الأرض الآبار والعيون ، انتهى . ابن شعبان
ص ( تعديا بلا حرابة ) أخذ المال قهرا
ش : هذا الرسم نحو رسم وهو متعقب من وجهين : ( الأول ) أن فيه التركيب في قوله بلا حرابة ; لأنه يتوقف على معرفة حقيقة الحرابة والتركيب هو توقف معرفة الحدود على معرفة حقيقة أخرى ليست أعم منه ولا أخص من أعمه وقد اعترض به ابن الحاجب ابن عرفة على وأصله ابن الحاجب لابن عبد السلام ولم يعزه ابن عرفة له .
( الثاني ) أنه غير مانع ; لأنه يدخل فيه أخذ المنافع كسكنى ربع وحرثه وليس غصبا بل تعديا وهذا لابن عرفة أيضا وحده بقوله : الغصب أخذ مال غير منفعة ظلما قهرا لا بخوف قتال فيخرج أخذه غيلة ; إذ لا قهر فيه ; لأنه بموت مالكه وحرابته ، انتهى .
وفي التنبيهات الغصب في لسان العرب منطلق على أخذ كل ملك بغير رضا صاحبه من شخص أو مال أو منافع وكذلك التعدي سرا أو جهرا أو اختلاسا أو سرقة أو جناية أو قهرا غير أن الغصب استعمل في عرف الفقهاء في أخذ أعيان المتملكات بغير رضا أربابها وغير ما يجب على وجه القهر والغلبة من ذي سلطان وقوة واستعمل المتعدي عرفا في التعدي على عينها أو منافعها سواء كان للمتعدي في ذلك يد بيد أربابها أو لم يكن كالقراض والودائع والإجارة والصنائع والبضائع والعواري في وجوه منها أن الغاصب ضامن للسلعة يوم الغصب ; لأنه يوم وضع يده عليها بالتعدي والمتعدي يوم التعدي والغاصب يضمن الفساد اليسير والمتعدي لا يضمن إلا الكثير وعلى المتعدي كراء ما تعدى عليه وأجرته بكل حال عند وفرق الفقهاء بين الغصب والتعدي وقال في الغاصب : لا كراء عليه وفي كثير من هذه الأصول اختلاف من أصحابنا معلوم ، انتهى . مالك
ويؤخذ منه أن من فعليه أجرتها فتأمله وقال في الذخيرة : قال بعضهم الغصب رفع اليد المستحقة ووضع اليد العادية قهرا وقيل : وضع اليد العادية قهرا وينبني على التعريفين أن الغاصب من الغاصب غاصب على الثاني دون الأول ; لكونه لم يرفع اليد المستحقة ، انتهى . وقال تعدى على دابة وديعة وركبها ابن عرفة : التعدي قال : هو غير الغصب وأحسن ما ميز به عنه أن التعدي الانتفاع بملك الغير بغير حق دون قصد الرقبة أو إتلافه أو بعضه دون قصد تملكه . المازري
( قلت ) وحاصل مسائل التعدي الانتفاع بمال الغير دون حق فيه خطؤه كعمده أو التصرف فيه بغير إذنه أو إذن قاض أو من يقوم مقامه لفقدهما فيدخل تعدي المقارض وسائر الأجراء والأجانب .
ص ( وأدب مميز )
ش : قال : ويؤخذ بحق المغصوب من مال الصبي المميز ويؤدب ، انتهى . قال في التوضيح : ولا خلاف في تأديب البالغ وأما غير البالغ فقال ابن الحاجب ابن عبد السلام : ما ذكره المؤلف هو ظاهر المذهب للمتقدمين وفي المقدمات لا يؤدب من لم يبلغ الحلم لقوله عليه السلام { } . : رفع القلم عن ثلاث
وقيل : يؤدب كما يؤدب في المكتب [ ص: 275 ] انتهى . وقال في المقدمات : ويجتمع في الغصب حق الله وحق المغصوب منه فيجب على الغاصب لحق لله تعالى الأدب والسجن على قدر اجتهاد الحاكم ليتناهى الناس عن حرمات الله ولا يسقط ذلك عنه عفو المغصوب منه ، انتهى . ونقله في التوضيح ونقله ابن ناجي في شرح الرسالة وقال عقيبه : وما ذكره خالفه فيه المتيطي فقال : لا يؤدب إن عفا عنه المغصوب منه ، انتهى . فتأمله ، والله أعلم .