قال تعالى : ( قل الله يبدأ الخلق ثم يعيده فأنى تؤفكون قل هل من شركائكم من يبدأ الخلق ثم يعيده ) ( 34 ) ( قل هل من شركائكم من يهدي إلى الحق قل الله يهدي للحق أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ( 35 ) ) .
[ ص: 11 ] قوله تعالى : ( أمن لا يهدي ) : فيها قراءات قد ذكرنا مثلها في قوله : ( يخطف أبصارهم ) : ووجهناها هناك .
وأما : ( إلا أن يهدى ) : فهو مثل قوله : ( إلا أن يصدقوا ) : وقد ذكر في النساء ، وله نظائر قد ذكرت أيضا .
[ ص: 12 ] ( فما لكم ) : مبتدأ وخبر ; أي أي شيء لكم في الإشراك .
و ( كيف تحكمون ) : مستأنف ; أي كيف تحكمون بأن له شريكا .
قال تعالى : ( إن الله عليم بما يفعلون وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا ( 12 ) ) قوله تعالى : ( لا يغني من الحق شيئا ) : في موضع المصدر ; أي إغناء .
ويجوز أن يكون مفعولا ليغني . و ( من الحق ) حال منه .
قال تعالى : ( ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ( 37 ) ) .
قوله تعالى : ( وما كان هذا القرآن ) : ( هذا ) اسم كان ، و ( القرآن ) نعت له أو عطف بيان . و ( أن يفترى ) : فيه ثلاثة أوجه : أحدها أنه خبر كان ; أي وما كان القرآن افتراء ، والمصدر هنا بمعنى المفعول ; أي مفترى . والثاني : التقدير ما كان القرآن ذا افتراء . والثالث : أن خبر كان محذوف ; والتقدير : ما كان هذا القرآن ممكنا أن يفترى . وقيل : التقدير : لأن يفترى .
و ( تصديق ) : مفعول له ; أي ولكن أنزل للتصديق .
وقيل : التقدير : ولكن كان التصديق الذي ; أي مصدق الذي .
( وتفصيل الكتاب ) : مثل تصديق .
( لا ريب فيه ) : يجوز أن يكون حالا من الكتاب ، " والكتاب " مفعول في المعنى ويجوز أن يكون مستأنفا .
( من رب العالمين ) : يجوز أن يكون حالا أخرى ، وأن يكون متعلقا بالمحذوف ; أي ولكن أنزل من رب العالمين .
قال تعالى : ( كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله ( 39 ) ) .
قوله تعالى : " كيف " خبر كان . و " عاقبة " اسمها .
قال تعالى : ( ومنهم من ينظر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا لا يبصرون ومنهم من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون ( 43 ) ) .
[ ص: 13 ] قوله تعالى : ( من يستمعون إليك ) : الجمع محمول على معنى ( من ) ، والإفراد في قوله تعالى : ( من ينظر ) محمول على لفظها .
قال تعالى : ( إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون ( 44 ) ) .
قوله تعالى : ( لا يظلم الناس شيئا ) : يجوز أن يكون مفعولا ; أي لا ينقصهم شيئا ، وأن يكون في موضع المصدر .
قال تعالى : ( قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم ( 45 ) ) .
قوله تعالى : ( كأن لم يلبثوا ) : الكلام كله في موضع الحال ، والعامل فيه ( يحشرهم ) ، وكأن هاهنا مخففة من الثقيلة واسمها محذوف ; أي كأنهم .
و ( ساعة ) : ظرف ليلبثوا ، و ( من النهار ) : نعت لساعة وقيل : " كأن لم " صفة اليوم ، والعائد محذوف ; أي لم يلبثوا قبله . وقيل : هو نعت لمصدر محذوف ; أي حشرا كأن لم يلبثوا قبله ، والعامل في " يوم " اذكر .
( يتعارفون ) حال أخرى ، والعامل فيها " يحشرهم " وهي حال مقدرة ; لأن التعارف لا يكون حال الحشر .
( قد خسر ) : يجوز أن يكون مستأنفا ; ويجوز أن يكون التقدير : يقولون : قد خسر ، والمحذوف حال من الضمير في يتعارفون .
قال تعالى : ( ثم الله شهيد على ما يفعلون وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ( 46 ) ) .
قوله تعالى : ( ثم الله شهيد ) : ثم هاهنا غير مقتضية ترتيبا في المعنى ، وإنما رتبت الأخبار بعضها على بعض ، كقولك : زيد عالم ، ثم هو كريم .
قال تعالى : ( قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون ( 50 ) ) .
قوله تعالى : ( ماذا يستعجل ) : قد ذكرنا في ( ماذا ) في البقرة عند قوله تعالى : ( ماذا ينفقون ) : [ البقرة : 219 ، 215 ] قولين ، وهما مقولان هاهنا . وقيل : فيها قول ثالث ; وهو أن تكون " ماذا " اسما واحدا مبتدأ ، و " يستعجل منه " الخبر ، وقد ضعف ذلك من حيث إن الخبر هاهنا جملة من فعل وفاعل ، ولا ضمير فيه يعود على المبتدأ . ورد هذا القول بأن العائد الهاء في " منه " فهو كقولك : زيد أخذت منه درهما . [ ص: 14 ] قال تعالى : ( أثم إذا ما وقع آمنتم به آلآن وقد كنتم به تستعجلون ( 51 ) ) .
قوله تعالى : ( آلآن ) : فيها كلام قد ذكر مثله في البقرة ، والناصب لها محذوف ، تقديره آمنتم الآن .