سورة النور
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : ( سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون ( 1 ) ) .
قوله تعالى : ( سورة ) : بالرفع على تقدير : هذه سورة ، أو مما يتلى عليك سورة .
ولا يكون سورة مبتدأ ; لأنها نكرة . وقرئ بالنصب على تقدير : أنزلنا سورة ، ولا موضع لـ " أنزلناها " على هذا ; لأنه مفسر لما لا موضع له ، فلا موضع له .
ويجوز النصب على تقدير اذكر سورة ، فيكون موضع " أنزلناها " نصبا ، وموضعها على الرفع رفع .
( وفرضناها ) بالتشديد بأنه تكثير ما فيها من الفرائض ، أو على تأكيد إيجاب العمل بما فيها ، وبالتخفيف على معنى فرضنا العمل بما فيها .
[ ص: 243 ] قال تعالى : ( ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ( 1 ) ) .
قوله تعالى : ( الزانية والزاني ) : في رفعه وجهان :
أحدهما : هو مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : وفيما يتلى عليك الزانية والزاني ; فعلى هذا : ( فاجلدوا ) : مستأنف . والثاني : الخبر ( فاجلدوا ) . وقد قرئ بالنصب بفعل دل عليه ( فاجلدوا ) وقد استوفينا ذلك في قوله تعالى : ( واللذان يأتيانها منكم ) [ النساء : 16 ] .
و ( مائة ) ، ( وثمانين ) ينتصبان انتصاب المصادر . .
( ولا تأخذكم بهما ) : لا يجوز أن تتعلق الباء بـ ( رأفة ) لأن المصدر لا يتقدم عليه معموله ; وإنما يتعلق بتأخذ ; أي : ولا تأخذكم بسببهما .
ويجوز أن يتعلق بمحذوف على البيان أي أعني بهما ; أي لا ترأفوا بهما ، ويفسره المصدر .
والرأفة فيها أربعة أوجه : إسكان الهمزة وفتحها ، وإبدالها ألفا ، وزيادة ألف بعدها ، وكل ذلك لغات قد قرئ به .
و ( في ) : يتعلق بتأخذكم .
قال تعالى : ( ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ( 4 ) ) .
قوله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ) : في موضعه وجهان :
أحدهما : الرفع ، والآخر النصب على ما ذكر في قوله تعالى : ( الزانية والزاني ) [ ص: 244 ] ( فاجلدوهم ) أي فاجلدوا كل واحد منهم ، فحذف المضاف .
( وأولئك هم الفاسقون ) : جملة مستأنفة ، ويجوز أن يكون حالا .