سورة النمل
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : ( طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين ( 1 ) ) .
قوله تعالى : ( تلك آيات القرآن ) : هو مثل قوله : ( ذلك الكتاب ) [ البقرة : 2 ] في أول البقرة .
( وكتاب ) بالجر عطفا على المجرور ، وبالرفع عطفا على " آيات " وجاء بالواو ، كما جاء في قوله تعالى : ( ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ) [ الحجر : 87 ] . وقد ذكر .
فإن قيل : ما وجه الرفع عطفا على آيات ؟ ففيه ثلاثة أوجه ؛ أحدهما : أن الكتاب مجموع آيات ، فكأن التأنيث على المعنى . والثاني : أنه حسن لما صحت الإشارة إلى آيات ، ولو ولي الكتاب " تلك " لم يحسن ؛ ألا ترى أنك تقول : جاءتني هند وزيد ، ولو حذفت هندا أو أخرتها لم يجز التأنيث .
قال تعالى : ( هدى وبشرى للمؤمنين ( 2 ) ) .
قوله تعالى : ( هدى وبشرى ) : هما في موضع الحال من " آيات " أو من " كتاب " إذا رفعت ؛ ويضعف أن يكون من المجرور . ويجوز أن يكون حالا من الضمير في " مبين " جررت أو رفعت ؛ ويجوز أن يكونا في موضع رفع خبرا بعد خبر ، أو على حذف مبتدأ .
قال تعالى : ( أو آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر ( 7 ) ) .
قوله تعالى : ( إذ قال موسى ) : أي واذكر .
[ ص: 277 ] قوله تعالى : ( بشهاب قبس ) : الإضافة من باب " ثوب خز " لأن الشهاب نوع من القبس ؛ أي المقبوس . والتنوين على الصفة .
والطاء في " يصطلون " بدل من تاء افتعل من أجل الصاد .
قال تعالى : ( ومن حولها وسبحان الله رب العالمين فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ( 8 ) ) .
قوله تعالى : ( نودي ) : في ضمير الفاعل ثلاثة أوجه ؛ أحدها : هو ضمير موسى عليه السلام ؛ فعلى هذا في " أن " ثلاثة أوجه :
الأول : هي بمعنى أي ؛ لأن في النداء معنى القول . والثاني : هي مصدرية ، والفعل صلة لها ، والتقدير : لبركة من في النار ، أو ببركة : أي أعلم بذلك . والثالث : هي مخففة من الثقيلة ، وجاز ذلك من غير عوض ؛ لأن " بورك " دعاء ، والدعاء يخالف غيره في أحكام كثيرة . والوجه الثاني : لا ضمير في " نودي " والمرفوع به " أن بورك " والتقدير : نودي بأن بورك ، كما تقول : قد نودي بالرخص . والثالث : المصدر مضمر ؛ أي نودي النداء ، ثم فسر بما بعده كقوله تعالى : ( ثم بدا لهم ) [ يوسف : 35 ] .
وأما " من " فمرفوعة ببورك ؛ والتقدير : بورك من في جوار . . . ، وبورك من حولها .
وقيل : التقدير : بورك مكان من في النار ، ومكان من حولها من الملائكة .
قال تعالى : ( يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم ( 9 ) ) .
قوله تعالى : ( إنه أنا الله ) : الهاء ضمير الشأن ، و " أنا الله " مبتدأ وخبر . ويجوز أن يكون ضمير " رب " أي : إن الرب أنا الله ، فيكون " أنا " فصلا ، أو توكيدا ، أو خبر إن ، و " الله " بدل منه .
قال تعالى : ( ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ( 10 ) ) .
قوله تعالى : ( تهتز ) : هو حال من الهاء في " رآها " .
و ( كأنها جان ) : حال من الضمير في تهتز .
قال تعالى : ( بعد سوء فإني غفور رحيم إلا من ظلم ثم بدل حسنا ( 11 ) ) .
[ ص: 278 ] قوله تعالى : ( إلا من ظلم ) : هو استثناء منقطع في موضع نصب .
ويجوز أن يكون في موضع رفع بدلا من الفاعل .