[ ص: 453 ] سورة الجمعة .
بسم الله الرحمن الرحيم .
قال تعالى : ( الملك القدوس العزيز الحكيم يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض ( 1 ) ) .
قوله تعالى : ( الملك ) : يقرأ هو وما بعده بالجر على النعت ، وبالرفع على الاستئناف والجمهور على ضم القاف من " القدوس " وقرئ بفتحها ؛ وهما لغتان .
قال تعالى : ( وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم ( 3 ) ) .
قوله تعالى : ( وآخرين ) : هو في موضع جر عطفا على الأميين .
قال تعالى : ( بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا ( 5 ) ) .
قوله تعالى : ( يحمل ) : هو في موضع الحال من " الحمار " والعامل فيه معنى المثل .
قوله تعالى : ( بئس مثل ) : " مثل " هذا فاعل بئس ، وفي " الذين " وجهان :
أحدهما : هو في موضع جر نعتا للقوم ، والمخصوص بالذم محذوف ؛ أي هذا المثل . والثاني : في موضع رفع تقديره : بئس مثل القوم مثل الذين ، فمثل المحذوف هو المخصوص بالذم ، وقد حذف وأقيم المضاف إليه مقامه .
قال تعالى : ( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم . . . ( 8 ) ) .
قوله تعالى : ( فإنه ملاقيكم ) : الجملة خبر إن ، ودخلت الفاء لما في " الذي " من شبه الشرط ؛ ومنع منه قوم ، وقالوا : إنما يجوز ذلك إذا كان الذي هو المبتدأ ، أو اسم إن ، والذي هنا صفة . وضعفوه من وجه آخر ؛ وهو أن الفرار من الموت لا ينجي منه ؛ فلم يشبه الشرط ؛ وقال هؤلاء : الفاء زائدة .
وقد أجيب عن هذا بأن الصفة والموصوف كالشيء الواحد ، ولأن " الذي " لا يكون إلا صفة ، فإذا لم يذكر الموصوف معها دخلت الفاء والموصوف مراد ، فكذلك إذا صرح به . وأما ما ذكروه ثانيا فغير صحيح ، فإن خلقا كثيرا يظنون أن الفرار من أسباب الموت ينجيهم إلى وقت آخر .
[ ص: 454 ] قال تعالى : ( وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ( 9 ) ) .
قوله تعالى : ( من يوم الجمعة ) : " من " بمعنى في ، والجمعة - بضمتين ، وبإسكان الميم : مصدر بمعنى الاجتماع . وقيل : في المسكن : هو بمعنى المجتمع فيه ، مثل : رجل ضحكة ؛ أي يضحك منه .
ويقرأ بفتح الميم بمعنى الفاعل ؛ أي يوم المكان الجامع ؛ مثل : رجل ضحكة ؛ أي كثير الضحك .
قال تعالى : ( وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما . . . ( 11 ) ) .
قوله تعالى : ( إليها ) : إنما أنث الضمير ؛ لأنه أعاده إلى التجارة ؛ لأنها كانت أهم عندهم . والله أعلم .