[ ص: 120 ] سورة الإسراء
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : ( الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ( 1 ) ) .
قد تقدم الكلام على ( سبحان ) في قصة آدم عليه السلام في البقرة .
و ( ليلا ) : ظرف لأسرى ، وتنكيره يدل على قصر الوقت الذي كان الإسراء والرجوع فيه . ( حوله ) : ظرف لباركنا . وقيل : مفعول به ; أي طيبنا ، أو نمينا . ( لنريه ) : بالنون ; لأن قبله إخبارا عن المتكلم ; وبالياء ، لأن أول السورة على الغيبة ، وكذلك خاتمة الآية بالغيبة ، وختم بها ثم رجع في وسطها إلى الإخبار عن النفس ; فقال : باركنا ، ومن آياتنا . والهاء في ( إنه ) لله تعالى وقيل : للنبي صلى الله عليه وسلم ; أي إنه السميع لكلامنا البصير لذاتنا .
قال تعالى : ( ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ( 2 ) ) .
قوله تعالى : ( ألا تتخذوا ) : يقرأ بالياء على الغيبة ، والتقدير : جعلناه هدى لئلا يتخذوا أو آتينا موسى الكتاب لئلا يتخذوا . ويقرأ بالتاء على الخطاب ، وفيه ثلاثة أوجه ; أحدها : أن " أن " بمعنى أي ، وهي مفسرة لما تضمنه الكتاب من الأمر والنهي .
والثاني : أن " أن " زائدة ; أي قلنا : لا تتخذوا . والثالث : أن " لا " زائدة ، والتقدير : مخافة أن تتخذوا ; وقد رجع في هذا من الغيبة إلى الخطاب . و " تتخذوا " هنا يتعدى إلى مفعولين : أحدهما : " وكيلا " وفي الثاني وجهان ; أحدهما : " ذرية " والتقدير : لا تتخذوا ذرية من حملنا وكيلا ; أي ربا أو مفوضا إليه . و " من دوني " يجوز أن يكون حالا من وكيل ، أو معمولا له ، أو متعلقا بتتخذوا . والوجه الثاني : المفعول الثاني " من دوني " . وفي ذرية على هذا ثلاثة أوجه ; أحدها : هو منادى ، والثاني : هو منصوب بإضمار أعني . والثالث : هو بدل من وكيل ، أو بدل من موسى عليه السلام .
[ ص: 121 ] وقرئ شاذا بالرفع على تقدير هو ذرية ، أو على البدل من الضمير في " يتخذوا " على القراءة بالياء ; لأنهم غيب .
و ( من ) بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة .
قال تعالى : ( لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب ( 4 ) فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا ( 5 ) ) .
قوله تعالى : ( لتفسدن ) : يقرأ بضم التاء وكسر السين من أفسد ، والمفعول محذوف ; أي الأديان ، أو الخلق . ويقرأ بضم التاء وفتح السين ; أي ويفسدكم غيركم .
ويقرأ بفتح التاء وضم السين ; أي تفسد أموركم . ( مرتين ) : مصدر ، والعامل فيه من غير لفظه . ( وعد أولاهما ) : أي موعود أولى المرتين ; أي ما وعدوا به في المرة الأولى .
( عبادا لنا ) : بالألف وهو المشهور . ويقرأ عبيدا ، وهو جمع قليل ، ولم يأت منه إلا ألفاظ يسيرة .
( فجاسوا ) : بالجيم ، ويقرأ بالحاء ، والمعنى واحد . ( وخلال ) : ظرف له . ويقرأ : خلل الديار - بغير ألف ، قيل : هو واحد ، والجمع خلال ، مثل جبل وجبال . ( وكان ) : اسم كان ضمير المصدر ; أي وكان الجوس .
قال تعالى : ( ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا ( 6 ) ) .
قوله تعالى : ( الكرة ) : هي مصدر في الأصل ، يقال : كر كرا وكرة .
و ( عليهم ) : يتعلق برددنا . وقيل : بالكرة ; لأنه يقال : كر عليه . وقيل : هو حال من الكرة .
( نفيرا ) : تمييز ; وهو فعيل بمعنى فاعل ; أي من ينفر معكم ، وهو اسم للجماعة .
وقيل : هو جمع نفر ، مثل عبد وعبيد .