الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات ) .

قوله تعالى : ( ليشهدوا ) : يجوز أن تتعلق اللام بأذن ، وأن تتعلق بيأتوك . والله أعلم .

قال تعالى : ( ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور ( 30 ) ) .

قوله تعالى : ( ذلك ) : أي الأمر ذلك .

( فهو خير ) : هو ضمير التعظيم الذي دل عليه يعظم .

( إلا ما يتلى ) : يجوز أن يكون الاستثناء منقطعا ; لأن بهيمة الأنعام ليس فيها محرم ; ويجوز أن يكون متصلا ويصرف إلى ما حرم منها بسبب عارض ; كالموت ونحوه .

( من الأوثان ) : " من " لبيان الجنس ; أي اجتنبوا الرجس من هذا القبيل ، وهو بمعنى ابتداء الغاية هنا .

قال تعالى : ( حنفاء لله غير مشركين به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ( 31 ) ) .

قوله تعالى : ( حنفاء ) : هو حال . " غير مشركين " كذلك .

( فكأنما خر ) : أي يخر ، ولذلك عطف عليه قوله تعالى : " تخطفه " ويجوز أن يكون التقدير : فهو يخطفه ; فيكون عطف الجملة على الجملة الأولى ، وفيها قراءات قد ذكرت في أول البقرة .

قال تعالى : ( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ( 32 ) ) .

قوله تعالى : ( فإنها من تقوى القلوب ) : في الضمير المؤنث وجهان :

أحدهما : هو ضمير الشعائر ، والمضاف محذوف ، تقديره : فإن تعظيمها ، والعائد على " من " محذوف : أي فإن تعظيمها منه ، أو من تقوى القلوب منهم . ويخرج على قول الكوفيين أن يكون التقدير : من تقوى قلوبهم ، والألف واللام بدل من الضمير .

والوجه الثاني : أن يكون ضمير مصدر مؤنث ، تقديره : فإن العظمة أو الحرمة أو الخصلة . وتقدير العائد على ما تقدم .

قال تعالى : ( لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق ( 33 ) ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين ( 34 ) ) .

[ ص: 225 ] قوله تعالى : ( لكم فيها ) : الضمير لبهيمة الأنعام .

و ( المنسك ) : يقرأ بفتح السين وكسرها ، وهما لغتان . وقيل : الفتح للمصدر ، والكسر للمكان .

قال تعالى : ( الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ( 35 ) ) .

قوله تعالى : ( الذين إذا ذكر الله ) : يجوز أن يكون نصبا على الصفة ، أو البدل ، أو على إضمار أعني . وأن يكون رفعا على تقديره : " هم "

و ( والمقيمي الصلاة ) : الجمهور على الجر بالإضافة . وقرأ الحسن بالنصب ، والتقدير : والمقيمين ، فحذف النون تخفيفا لا للإضافة .

قال تعالى : ( والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون ( 36 ) ) .

قوله تعالى : ( والبدن ) : هو جمع بدن ، وواحدته بدنة ، مثل خشبة وخشب ; ويقال هو جمع بدنة ، مثل ثمرة وثمر . ويقرأ بضم الدال مثل ثمر .

والجمهور على النصب بفعل محذوف : أي وجعلنا البدن . ويقرأ بالرفع على الابتداء .

و ( لكم ) أي من أجلكم ، فيتعلق بالفعل .

و ( من شعائر ) : المفعول الثاني .

( لكم فيها خير ) : الجملة حال .

( صواف ) : حال من الهاء ; أي بعضها إلى جنب بعض .

ويقرأ " صوافن " واحده صافن ; وهو الذي يقوم على ثلاث ، وعلى سنبك الرابعة ، وذلك يكون إذا عقلت البدنة .

[ ص: 226 ] ويقرأ " صوافي " أي خوالص لله تعالى .

ويقرأ بتسكين الياء ; وهو مما سكن في موضع النصب من المنقوص .

( القانع ) : بالألف ، من قولك : قنع به ; إذا رضي بالشيء اليسير .

ويقرأ بغير ألف ، من قولك : قنع قنوعا ; إذا سأل .

و ( المعتر ) : المعترض . ويقرأ المعتري بفتح الياء ، وهو في معناه يقال : عرهم واعترهم وعراهم واعتراهم ; إذا تعرض بهم للطلب .

( كذلك ) : الكاف نعت لمصدر محذوف ، تقديره : سخرناهم تسخيرا مثل ما ذكرنا .

التالي السابق


الخدمات العلمية