[ ص: 412 ] سورة الحجرات .
بسم الله الرحمن الرحيم .
قال تعالى : ( واتقوا الله إن الله سميع عليم يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله ( 1 ) ) .
قوله تعالى : ( لا تقدموا ) : المفعول محذوف ؛ أي لا تقدموا ما لا يصلح .
ويقرأ بفتح التاء والدال ؛ أي تتقدموا .
قال تعالى : ( ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ( 2 ) ) .
قوله تعالى : ( أن تحبط ) : أي مخافة أن تحبط ، أو لأن تحبط ، على أن تكون اللام للعاقبة . وقيل : لئلا تحبط .
قال تعالى : ( أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله ( 3 ) ) .
قوله تعالى : ( أولئك ) : هو مبتدأ ، و " الذين امتحن " : خبره . و ( لهم مغفرة ) : جملة أخرى .
ويجوز أن يكون " الذين امتحن " صفة لأولئك ، و " لهم مغفرة " الخبر ، والجميع خبر إن .
قال تعالى : ( أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ياأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا ( 6 ) ) .
قوله تعالى : ( أن تصيبوا ) : هو مثل : " أن تحبط " .
قال تعالى : ( لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون واعلموا أن فيكم رسول الله ( 7 ) ) .
قوله تعالى : ( لو يطيعكم ) : هو مستأنف ؛ ويجوز أن يكون في موضع الحال ، والعامل فيه الاستقرار ؛ وإنما جاز ذلك من حيث جاز أن يقع صفة للنكرة ؛ كقولك : مررت برجل لو كلمته لكلمني ؛ أي متهيء لذلك .
[ ص: 413 ] قال تعالى : ( فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم ( 8 ) وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين ( 9 ) ) .
قوله تعالى : ( فضلا ) : هو مفعول له ، أو مصدر من معنى ما تقدم ؛ لأن تزيينه الإيمان تفضل ، أو هو مفعول . و ( طائفتان ) : فاعل فعل محذوف . و ( اقتتلوا ) : جمع على آحاد الطائفتين .
قال تعالى : ( فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون إنما المؤمنون إخوة ( 10 ) ) .
قوله تعالى : ( بين أخويكم ) : بالتثنية ، والجمع ، والمعنى : مفهوم .
قال تعالى : ( إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن ( 12 ) ) .
قوله تعالى : ( ميتا ) : هو حال من اللحم ، أو من أخيه .
( فكرهتموه ) : المعطوف عليه محذوف ، تقديره : عرض عليكم ذلك فكرهتموه .
والمعنى : يعرض عليكم فتكرهونه .
وقيل : إن صح ذلك عندكم فأنتم تكرهونه .
قال تعالى : ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ( 13 ) ) .
قوله تعالى : ( لتعارفوا ) أي ليعرف بعضكم بعضا .
ويقرأ لتعرفوا ( إن أكرمكم ) بفتح الهمزة ، وأن وما عملت فيه المفعول .
قال تعالى : ( ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا الله ورسوله لا يلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ( 14 ) ) .
قوله تعالى : ( يلتكم ) : يقرأ بهمزة بعد الياء ، وماضيه ألت .
ويقرأ بغير همز ؛ وماضيه لات يليت ؛ وهما لغتان ، ومعناهما النقصان .
وفيه لغة ثالثة : يليت . والله أعلم .