الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى ( 69 ) ) .

[ ص: 188 ] قوله تعالى : ( تلقف ) : يقرأ بالجزم على الجواب ، والفاعل ضمير " ما " وأنث لأنه أراد العصا .

ويجوز أن يكون ضمير موسى عليه السلام ، ونسب ذلك إليه ، لأنه يكون بتسببه .

ويقرأ بضم الفاء على أنه حال من العصا ، أو من موسى ; وهي حال مقدرة ، وتشديد القاف وتخفيفها قراءتان بمعنى .

وأما تشديد القاف فعلى تقدير : تتلقف ; وقد ذكر مثله في مواضع .

( إن ما صنعوا ) : من قرأ " كيد " بالرفع ففي " ما " وجهان ; أحدهما : هي بمعنى الذي ، والعائد محذوف . والثاني : مصدرية .

ويقرأ بالنصب على أن تكون " ما " كافة ، وإضافة " كيد " إلى " ساحر " إضافة المصدر إلى الفاعل .

وقرئ كيد سحر ; وهو إضافة الجنس إلى النوع .

قال تعالى : ( قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى ( 71 ) ) .

قوله تعالى : ( في جذوع النخل ) : " في " هنا على بابها ; لأن الجذع مكان للمصلوب ومحتو عليه . وقيل : هي بمعنى على .

قال تعالى : ( قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما تقضي هذه الحياة الدنيا ( 72 ) ) قوله تعالى : ( والذي فطرنا ) : في موضع جر ; أي : وعلى الذي . وقيل : هو قسم .

( ما أنت قاض ) : في " ما " وجهان ; أحدهما : هي بمعنى الذي ; أي افعل الذي أنت عازم عليه . والثاني : هي زمانية ; أي اقض أمرك مدة ما أنت قاض .

( هذه الحياة الدنيا ) : هو منصوب بتقضي ، و " ما " كافة ; أي تقضي أمور الحياة الدنيا .

[ ص: 189 ] ويجوز أن يكون ظرفا ، والمفعول محذوف . فإن كان قد قرئ بالرفع فهو خبر إن .

قال تعالى : ( إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من السحر والله خير وأبقى ( 73 ) ) . قوله تعالى : ( وما أكرهتنا ) : في " ما " وجهان ; أحدهما : هي بمعنى الذي معطوفة على الخطايا . وقيل : في موضع رفع على الابتداء ، والخبر محذوف ; أي وما أكرهتنا عليه مسقط أو محطوط .

و ( من السحر ) : حال من " ما " أو من الهاء .

والثاني : هي نافية ، وفي الكلام تقديم ، تقديره : ليغفر لنا خطايانا من السحر ولم تكرهنا عليه .

قال تعالى : ( إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا ( 74 ) ) .

قوله تعالى : ( إنه من يأت ) : الضمير هو الشأن والقصة .

قال تعالى : ( جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى ( 76 ) ) .

قوله تعالى : ( جنات عدن ) : هي بدل من الدرجات ; ولا يجوز أن يكون التقدير : هي جنات ; لأن " خالدين فيها " حال ; وعلى هذا التقدير لا يكون في الكلام ما يعمل في الحال ، وعلى الأول يكون العامل في الحال الاستقرار ، أو معنى الإشارة .

التالي السابق


الخدمات العلمية