سورة السجدة
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : ( الم ( 1 ) تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ( 2 ) ) قوله تعالى : ( الم ) : يجوز أن يكون مبتدأ ، و " تنزيل " : خبره .
والتنزيل بمعنى المنزل ، وهو في المعنى كما ذكرناه في أول البقرة ؛ فعلى هذا ( لا ريب فيه ) : حال من الكتاب ، والعامل تنزيل .
و ( من رب ) : يتعلق بتنزيل أيضا . ويجوز أن يكون حالا من الضمير في ( فيه ) والعامل الظرف ؛ لا ريب هنا مبني .
ويجوز أن يكون ( تنزيل ) مبتدأ ، و " لا ريب فيه " الخبر ، و ( من رب ) حال كما تقدم . ولا يجوز على هذا أن تتعلق ( من ) بتنزيل ؛ لأن المصدر قد أخبر عنه .
ويجوز أن يكون الخبر " من رب " " ولا ريب فيه " حال من الكتاب ، وأن يكون خبرا بعد خبر .
قال تعالى : ( لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك ( 3 ) ) .
[ ص: 313 ] قوله تعالى : ( أم يقولون ) : " أم " هنا منقطعة ؛ أي : بل أيقولون .
و " ما " في " ما أتاهم " : نافية ، والكلام صفة لقوم .
قال تعالى : ( ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ( 5 ) ) .
قوله تعالى : ( مما تعدون ) : يجوز أن يكون صفة لألف ، وأن يكون صفة لسنة .
قال تعالى : ( ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم ( 6 ) الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ( 7 ) ) .
قوله تعالى : ( الذي أحسن ) : يجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هو الذي ، أو خبرا بعد خبر .
و ( العزيز ) : مبتدأ ، و " الرحيم " : صفة ، و " الذي " : خبره .
و ( خلقه ) بسكون اللام : بدل من " كل " بدل الاشتمال ؛ أي أحسن خلق كل شيء .
ويجوز أن يكون مفعولا أول ، و " كل شيء " ثانيا .
وأحسن بمعنى عرف ؛ أي عرف عباده كل شيء .
ويقرأ بفتح اللام على أنه فعل ماض ، وهو صفة لكل ، أو لشيء .
قال تعالى : ( بل هم بلقاء ربهم كافرون وقالوا أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد ( 10 ) ) .
قوله تعالى : ( أئذا ضللنا ) : بالضاد ؛ أي ذهبنا وهلكنا ؛ وبالصاد ؛ أي أنتنا ؛ من قولك : صل اللحم ، إذا أنتن .
والعامل في " إذا " معنى الجملة التي في أولها " إنا " أي إذا هلكنا نبعث ؛ ولا يعمل فيه " جديد " لأن ما بعد " إن " لا يعمل فيما قبلها .
قال تعالى : ( ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ( 12 ) ) .
( ولو ترى ) : هو من رؤية العين ، والمفعول محذوف ؛ أي ولو ترى المجرمين ، وأغنى عن ذكره المبتدأ . و " إذ " هاهنا : يراد بها المستقبل ، وقد ذكرنا مثل ذلك في البقرة ، والتقدير : يقولون ربنا ، وموضع المحذوف حال ، والعامل فيها " ناكسوا " . .
[ ص: 314 ] قال تعالى : ( إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا ( 14 ) ) .
قوله تعالى : ( فذوقوا بما نسيتم ) : أي فذوقوا العذاب ؛ ويجوز أن يكون مفعول " فذوقوا " : " لقاء " على قول الكوفيين في إعمال الأول ؛ ويجوز أن يكون مفعول " ذوقوا " : " هذا " أي هذا العذاب .
قال تعالى : ( ومما رزقناهم ينفقون تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ( 16 ) ) .
قوله تعالى : ( تتجافى ) : و ( يدعون ربهم ) : في موضع الحال .
و ( خوفا وطمعا ) : قد ذكر في الأعراف .
قال تعالى : ( جزاء بما كانوا يعملون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين ( 17 ) ) .
قوله تعالى : ( ما أخفي لهم ) : يجوز أن تكون " ما " استفهاما ، وموضعها رفع بالابتداء ، و " أخفي لهم " خبره ، على قراءة من فتح الياء . وعلى قراءة من سكنها وجعل " أخفى " مضارعا تكون " ما " في موضع نصب بأخفي .
ويجوز أن تكون " ما " بمعنى الذي منصوبة بتعلم .
و ( من قرة ) : في الوجهين : حال من الضمير في " أخفي " .
و ( جزاء ) : مصدر ؛ أي جوزوا جزاء .
قال تعالى : ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ( 18 ) ) .
قوله تعالى : ( لا يستوون ) : مستأنف لا موضع له ، وهو بمعنى ما تقدم من التقدير . و ( نزلا ) : قد ذكر في آل عمران .
قال تعالى : ( وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها ( 20 ) ) .
[ ص: 315 ] قوله تعالى : ( الذي كنتم به ) : هو صفة العذاب في موضع نصب .
ويجوز أن يكون صفة النار ، وذكر على معنى الجحيم ، أو الحريق .
قوله تعالى : ( من لقائه ) : يجوز أن تكون الهاء ضمير اسم الله ؛ أي من لقاء موسى الله ، فالمصدر مضاف إلى المفعول ؛ وأن يكون ضمير موسى ؛ فيكون مضافا إلى الفاعل .
وقيل : يرجع إلى الكتاب ؛ كما قال تعالى : ( وإنك لتلقى القرآن ) [ النمل : 6 ] .
وقيل : من لقائك يا محمد موسى ، صلى الله وسلم عليهما ، ليلة المعراج .
قال تعالى : ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ( 24 ) ) .
( لما ) بالتشديد ظرف ، والعامل فيه : " جعلنا منهم " أو يهدون . وبالتخفيف وكسر اللام على أنها مصدرية .
قال تعالى : ( إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم ( 26 ) ) . ( كم أهلكنا ) : قد ذكر في طه .