الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ( 62 ) ) .

قوله تعالى : ( هذا ) : هو منصوب بأرأيت .

و " الذي " : نعت له ، والمفعول الثاني محذوف ، تقديره : تفضيله أو تكريمه ; وقد ذكر الكلام في ( أرأيتك ) في الأنعام .

قال تعالى : ( قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا ( 63 ) واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ( 64 ) ) .

قوله تعالى : ( جزاء ) : مصدر ; أي تجزون جزاء .

وقيل : هو حال موطئة . وقيل : هو تمييز .

( من استطعت ) : " من " استفهام في موضع نصب باستطعت ; أي من استطعت منهم استفزازه . ويجوز أن تكون بمعنى الذي .

( ورجلك ) : يقرأ بسكون الجيم ، وهم الرجالة . ويقرأ بكسرها ، وهو فعل من رجل يرجل ، إذا صار راجلا .

ويقرأ " ورجالك " ; أي بفرسانك ورجالك .

( وما يعدهم ) : رجوع من الخطاب إلى الغيبة .

قال تعالى : ( ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما ( 66 ) ) .

قوله تعالى : ( ربكم ) : مبتدأ ، و " الذي " وصلته : الخبر .

وقيل : هو صفة لقوله : ( الذي فطركم ) [ الإسراء : 51 ] ، أو بدل منه ; وذلك جائز وإن تباعد ما بينهما .

[ ص: 133 ] قال تعالى : ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا ( 67 ) ) .

قوله تعالى : ( إلا إياه ) : استثناء منقطع . وقيل : هو متصل خارج على أصل الباب .

قال تعالى : ( أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ثم لا تجدوا لكم وكيلا ( 68 ) ) .

قوله تعالى : ( أن يخسف ) : يقرأ بالنون والياء ، وكذلك نرسل ونعيدكم ونغرقكم .

( بكم ) : حال من " جانب البر " أي نخسف جانب البر وأنتم .

وقيل : الباء متعلقة بنخسف ; أي بسببكم .

قال تعالى : ( أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخرى فيرسل عليكم قاصفا من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا ( 69 ) ) .

قوله تعالى : ( به تبيعا ) : يجوز أن تتعلق الباء بتبيع ، وبتجدوا ، وأن تكون حالا من " تبيعا " .

قال تعالى : ( يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا ( 71 ) ) .

قوله تعالى : ( يوم ندعوا ) : فيه أوجه :

أحدها : هو ظرف لما دل عليه قوله : " ولا يظلمون فتيلا " تقديره : لا يظلمون يوم ندعو .

والثاني : أنه ظرف لما دل عليه قوله : ( متى هو ) : [ الإسراء : 51 ] والثالث : هو ظرف لقوله : ( فتستجيبون ) [ الإسراء : 52 ] والرابع : هو بدل من " يدعوكم " . والخامس : هو مفعول ; أي اذكروا يوم ندعو .

وقرأ الحسن بياء مضمومة وواو بعد العين ، ورفع كل ; وفيه وجهان ; أحدهما : أنه أراد يدعى ، ففخم الألف فقلبها واوا . والثاني : أنه أراد يدعون ، وحذف النون . و " كل " بدل من الضمير .

[ ص: 134 ] ( بإمامهم ) : فيه وجهان :

أحدهما : هو متعلق بندعو ; أي نقول يا أتباع موسى ، ويا أتباع محمد عليهما الصلاة والسلام . أو يا أهل الكتاب ، يا أهل القرآن . والثاني : هي حال تقديره : مختلطين بنبيهم ، أو مؤاخذين .

التالي السابق


الخدمات العلمية