سورة المؤمن .
( غافر )
بسم الله الرحمن الرحيم .
قال تعالى : ( حم ( 1 ) تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم ( 2 ) ) .
قوله تعالى : ( حم تنزيل الكتاب ) : هو مثل : ( الم تنزيل ) [ السجدة : 1 ، 2 ] .
قال تعالى : ( غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ( 3 ) ) .
قوله تعالى : ( غافر الذنب وقابل التوب ) : كلتاهما صفة لما قبله ، والإضافة محضة .
وأما ( شديد العقاب ) فنكرة ؛ لأن التقدير : شديد عقابه ؛ فيكون بدلا ؛ ولا يجوز أن يكون " شديد " بمعنى مشدد ، كما جاء أذين بمعنى مؤذن ؛ فتكون الإضافة محضة فيتعرف ، فيكون وصفا أيضا . وأما ( ذي الطول ) : فصفة أيضا . ( لا إله إلا هو ) : يجوز أن يكون صفة ، وأن يكون مستأنفا .
[ ص: 370 ] قال تعالى : ( وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار ( 6 ) ) .
قوله تعالى : ( أنهم ) : هو مثل الذي في يونس .
قال تعالى : ( ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ( 7 ) ) .
قوله تعالى : ( الذين يحملون ) : مبتدأ ، و " يسبحون " : خبره .
( ربنا ) أي يقولون ، وهذا المحذوف حال . و ( رحمة وعلما ) : تمييز ، والأصل وسع كل شيء رحمتك وعلمك .
قال تعالى : ( وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم ( 8 ) ) .
قوله تعالى : ( ومن صلح ) : في موضع نصب عطفا على الضمير في " أدخلهم " أي وأدخل من صلح .
وقيل : هو عطف على الضمير في " وعدتهم " .
قال تعالى : ( من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر ( 10 ) ) .
قوله تعالى : ( من مقتكم ) : هو مصدر مضاف إلى الفاعل . و ( أنفسكم ) : منصوب به . و " إذ " : ظرف لفعل محذوف ، تقديره : مقتكم إذ تدعون ؛ ولا يجوز أن يعمل فيه " مقت الله " لأنه مصدر قد أخبر عنه ، وهو قوله : أكبر من . ولا " مقتكم " لأنهم لم يمقتوا أنفسهم حين دعوا إلى الإيمان ، وإنما مقتوها في النار ، وعند ذلك لا يدعون إلى الإيمان .
قال تعالى : ( وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم ( 12 ) ) .
قوله تعالى : ( وحده ) : هو مصدر في موضع الحال من الله ؛ أي دعي مفردا .
وقال يونس : ينتصب على الظرف ؛ تقديره : دعي حياله وحده ، وهو مصدر محذوف الزيادة ، والفعل منه أوحدته إيحادا .
قال تعالى : ( على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق رفيع الدرجات ذو العرش يلقي الروح من أمره ( 15 ) ) .
قوله تعالى : ( رفيع الدرجات ) : يجوز أن يكون التقدير : هو رفيع الدرجات ؛ فيكون " ذو " صفة ، و " يلقي " مستأنفا . وأن يكون مبتدأ ، والخبر ذو العرش ، أو يلقي [ ص: 371 ] و ( من أمره ) : يجوز أن يكون حالا من الروح ، وأن يكون متعلقا بـ " يلقي " .
قال تعالى : ( يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب ( 17 ) ) قوله تعالى : ( يوم هم ) : " يوم " بدل من ( يوم التلاق ) : ويجوز أن يكون التقدير : اذكر يوم ، وأن يكون ظرفا للتلاقي . و " هم " مبتدأ ؛ و " بارزون " خبره ، والجملة في موضع جر بإضافة " يوم " إليها و ( لا يخفى ) : يجوز أن يكون خبرا آخر ، وأن يكون حالا من الضمير في " بارزون " وأن يكون مستأنفا . ( اليوم ) : ظرف ، والعامل فيه " لمن " أو ما يتعلق به الجار . وقيل : هو ظرف للملك . ( لله ) : أي : هو لله . وقيل : الوقف على الملك ، ثم استأنف فقال : هو اليوم لله الواحد ؛ أي استقر اليوم لله . و ( اليوم ) الآخر : ظرف لـ " تجزى " . و ( اليوم ) الأخير : خبر " لا " أي لا ظلم كائن اليوم .
قال تعالى : ( ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ( 18 ) ) .
( إذ ) بدل من يوم الآزفة .
و ( كاظمين ) : حال من القلوب ؛ لأن المراد أصحابها .
وقيل : هي حال من الضمير في " لدى " . وقيل : هي حال من الضمير في " أنذرهم " . ( ولا شفيع يطاع ) : " يطاع " في موضع جر صفة لشفيع على اللفظ ، أو في موضع رفع على الموضع .
قال تعالى : ( أو أن يظهر في الأرض الفساد وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم ( 26 ) ) .
قوله تعالى : ( أو أن يظهر ) : هو في موضع نصب ؛ أي أخاف الأمرين .
ويقرأ " أو أن يظهر " أي أخاف أحدهما ، وأيهما وقع كان مخوفا .
[ ص: 372 ] قال تعالى : ( أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه ( 28 ) ) .
قوله تعالى : ( من آل فرعون ) : هو في موضع رفع نعتا لمؤمن .
وقيل : يتعلق بـ " يكتم " أي يكتمه من آل فرعون . ( أن يقول ) : أي لأن يقول .
( وقد جاءكم ) : الجملة حال .
قال تعالى : ( من بأس الله إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا ( 29 ) ) .
قوله تعالى : ( ظاهرين ) : حال من ضمير الجمع في " لكم " .
و ( أريكم ) : متعد إلى مفعولين ، الثاني " ما أرى " وهو من الرأي الذي بمعنى الاعتقاد .
( سبيل الرشاد ) : الجمهور على التخفيف ، وهو اسم للمصدر ، إما الرشد أو الإرشاد ، وقرئ بتشديد الشين ، وهو الذين يكثر منه الإرشاد أو الرشد .
قال تعالى : ( ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد ( 32 ) يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد ( 33 ) ) .
قوله تعالى : ( يوم التناد ) : الجمهور على التخفيف ؛ وقرأ رضي الله عنه بتشديد الدال ، وهو مصدر تناد القوم إذا تفرقوا ؛ أي يوم اختلاف مذاهب الناس . ابن عباس
و ( يوم تولون ) : بدل من اليوم الذي قبله . و ( ما لكم من الله ) : في موضع الحال .