سورة ص .
بسم الله الرحمن الرحيم .
قال تعالى : ( ص والقرآن ذي الذكر ( 1 ) بل الذين كفروا في عزة وشقاق ( 2 ) كم أهلكنا من قبلهم من قرن فنادوا ولات حين مناص ( 3 ) ) .
الجمهور على إسكان الدال ؛ وقد ذكر وجهه .
وقرئ بكسرها . وفيه وجهان ؛ أحدهما : هي كسرة التقاء الساكنين . والثاني : هي أمر من صادى وصادى الشيء : قابله وعارضه ؛ أي عارض بعملك القرآن .
ويقرأ بالفتح ؛ أي اتل صاد . وقيل : حرك لالتقاء الساكنين .
و ( القرآن ) : قسم . وقيل : معطوف على القسم ، وهو صاد .
وأما جواب القسم فمحذوف ؛ أي لقد جاءكم الحق ، ونحو ذلك . وقيل : هو معنى : [ ص: 353 ] ( بل الذين كفروا ) : أي وحق القرآن ، لقد خالف الكفار وتكبروا عن الإيمان .
وقيل : الجواب : " كم أهلكنا " واللام محذوفة ؛ أي لكم أهلكنا وهو بعيد ؛ لأن كم في موضع نصب بأهلكنا . وقيل : هو معنى هذه الجملة ؛ أي لقد أهلكنا كثيرا من القرون .
وقيل : هو قوله [ تعالى ] : ( إن كل إلا كذب الرسل ) [ ص : 14 ] . وقيل : هو قوله تعالى : ( إن ذلك لحق تخاصم ) [ ص : 64 ] وبينهما كلام طويل يمنع من كونه جوابا .
قوله تعالى : ( ولات حين مناص ) : الأصل " لا " زيدت عليها التاء ، كما زيدت على رب ، وثم : فقيل ربت وثمت .
وأكثر العرب يحرك هذه التاء بالفتح ؛ فأما في الوقف فبعضهم يقف بالتاء ؛ لأن الحروف ليست موضع تغيير ، وبعضهم بالهاء كما يقف على قائمة .
فأما " حين " فمذهب أنه خبر لات ، واسمها محذوف ؛ لأنها عملت عمل ليس ؛ أي ليس الحين حين هرب . ولا يقال : هو مضمر ؛ لأن الحروف لا يضمر فيها . سيبويه
وقال الأخفش : هي العاملة في باب النفي ، فحين اسمها ، وخبرها محذوف ؛ أي لا حين مناظر لهم ، أو حينهم .
ومنهم من يرفع ما بعدها ، ويقدر الخبر المنصوب ، كما قال بعضهم :
فأنا لا براح وقال ابن قيس أبو عبيد : التاء موصولة بحين لا بلا ، حكى أنهم يقولون : تحين وتلان
وأجاز قوم جر ما بعد " لات " وأنشدوا عليه أبياتا ، وقد استوفيت ذلك في علل الإعراب الكبير .
قال تعالى : ( إن هذا لشيء يراد وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم ( 6 ) ) .
قوله تعالى : ( أن امشوا ) : أي امشوا ؛ لأن المعنى : انطلقوا في القول .
وقيل : هو الانطلاق حقيقة ، والتقدير : وانطلقوا قائلين : امشوا .
قال تعالى : ( أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب ( 10 ) ) .
قوله تعالى : ( فليرتقوا ) : هذا كلام محمول على المعنى ؛ أي إن زعموا ذلك فليرتقوا .
[ ص: 354 ] قال تعالى : ( جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب ( 11 ) ) .
قوله تعالى : ( جند ) : مبتدأ ، و " ما " زائدة ، و " هنالك " : نعت ، و " مهزوم " : الخبر .
ويجوز أن يكون " هنالك " ظرفا لمهزوم .
و ( من الأحزاب ) يجوز أن يكون نعتا لجند ، وأن يتعلق بمهزوم ، وأن يكون نعتا لمهزوم .
قال تعالى : ( وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب ( 13 ) ) .
قوله تعالى : ( أولئك الأحزاب ) : يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون خبرا والمبتدأ من قوله : ( وعاد ) وأن يكون من " ثمود " وأن يكون من قوله تعالى : " وقوم لوط " .
قال تعالى : ( وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ( 15 ) ) .
والفواق - بالضم والفتح لغتان ، قد قرئ بهما .
قال تعالى : ( ذا الأيد إنه أواب اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ( 17 ) إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق ( 18 ) ) .
و ( داود ) : بدل .
و ( سخرنا ) : قد ذكر في الأنبياء .
قال تعالى : ( وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب ( 21 ) إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط ( 22 ) ) .
قوله تعالى : ( الخصم ) : هو مصدر في الأصل وصف به ؛ فلذلك لا يثنى ولا يجمع .
و ( إذ ) الأولى : ظرف لنبأ والثانية بدل منها ، أو ظرف لـ " تسوروا " وجمع الضمير وهو في الحقيقة لاثنين تجوزا ؛ لأن الاثنين جمع ، ويدل على ذلك قوله تعالى : " خصمان " والتقدير : نحن خصمان .