[ ص: 257 ] سورة الفرقان
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : ( تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ( 1 ) ) .
قوله تعالى : ( ليكون ) : في اسم كان ثلاثة أوجه ؛ أحدها : الفرقان . والثاني : العبد . والثالث : الله تعالى . وقرئ شاذا : على عباده ، فلا يعود الضمير إليه .
قال تعالى : ( وخلق كل شيء فقدره تقديرا الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ( 2 ) ) .
قوله تعالى : ( الذي له ) : يجوز أن يكون بدلا من " الذي " الأولى ، وأن يكون خبر مبتدأ محذوف ، وأن يكون في موضع نصب على تقدير أعني .
قال تعالى : ( فقد جاءوا ظلما وزورا وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون ( 4 ) وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا ( 5 ) ) .
قوله تعالى : ( افتراه ) : الهاء تعود على " عبده " في أول السورة .
قوله تعالى : ( ظلما ) : مفعول جاءوا ؛ أي أتوا ظلما
ويجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال والأساطير قد ذكرت في الأنعام .
( اكتتبها ) : في موضع الحال من الأساطير ؛ أي قالوا هذه أساطير الأولين مكتتبة .
قال تعالى : ( لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق ( 7 ) أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ( 8 ) ) .
قوله تعالى : ( يأكل الطعام ) : هو في موضع الحال ، والعامل فيها العامل في " لهذا " أو نفس الظرف . ( فيكون ) : منصوب على جواب الاستفهام ، أو التحضيض .
( أو يلقى ) - ( أو تكون ) : معطوف على أنزل ، لأن أنزل بمعنى ينزل ، أو يلقى بمعنى ألقى .
[ ص: 258 ] و ( يأكل ) بالياء والنون ، والمعنى فيهما ظاهر .
قال تعالى : ( جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك ( 10 ) ) .
قوله تعالى : ( جنات ) : بدل من " خيرا " .
( ويجعل لك ) : بالجزم عطفا على موضع " جعل " الذي هو جواب الشرط ؛ وبالرفع على الاستئناف ؛ ويجوز أن يكون من جزم سكن المرفوع تخفيفا وأدغم .
قال تعالى : ( إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا ( 12 ) وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا ( 13 ) ) .
قوله تعالى : ( إذا رأتهم ) إلى آخر الآية : في موضع نصب صفة لسعير .
و ( ضيقا ) بالتشديد والتخفيف : قد ذكر في الأنعام .
و ( مكانا ) : ظرف ، و " منها " حال منه ؛ أي مكانا منها .
و ( ثبورا ) : مفعول به ؛ ويجوز أن يكون مصدرا من معنى دعوا .
قال تعالى : ( لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ربك وعدا مسئولا ( 16 ) ) .
قوله تعالى : ( خالدين ) : هو حال من الضمير في " يشاءون " أو من الضمير في " لهم " .
( كان على ربك ) : الضمير في " كان " يعود على " ما " ويجوز أن يكون التقدير : كان الوعد وعدا ، ودل على هذا المصدر قوله تعالى : " وعدا " وقوله : " لهم فيها " وخبر كان : " وعدا " أو " على ربك " .
قال تعالى : ( فيقول أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله ( 17 ) ) .
[ ص: 259 ] قوله تعالى : ( ويوم يحشرهم ) : أي واذكر .
قوله تعالى : ( وما أرسلنا ) : يجوز أن تكون الواو عاطفة ، وأن تكون بمعنى مع .
قوله تعالى : ( هؤلاء ) : يجوز أن يكون بدلا من عبادي ، وأن يكون نعتا .
قال تعالى : ( ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ( 18 ) ) .
قوله تعالى : ( أن نتخذ ) : يقرأ بفتح النون وكسر الخاء على تسمية الفاعل ؛ و " من أولياء " هو المفعول الأول ، و " من دونك " الثاني ؛ وجاز دخول " من " لأنه في سياق النفي ، فهو كقوله تعالى : ( ما اتخذ الله من ولد ) [ المؤمنون : 91 ] .
ويقرأ بضم النون وفتح الخاء على على ما لم يسم فاعله ، والمفعول الأول مضمر ، و " من أولياء " الثاني .
وهذا لا يجوز عند أكثر النحويين ؛ لأن " من " لا تزاد في المفعول الثاني ؛ بل في الأول ؛ كقولك : ما اتخذت من أحد وليا ؛ ولا يجوز : ما اتخذت أحدا من ولي ؛ ولو جاز ذلك لجاز : فما منكم أحد عنه من حاجزين ؛ ويجوز أن يكون " من دونك " حالا من أولياء .
قال تعالى : ( وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ( 20 ) ) .
قوله تعالى : ( إلا أنهم ) : كسرت " إن " لأجل اللام في الخبر .
وقيل : لو لم تكن اللام لكسرت أيضا ؛ لأن الجملة حالية ؛ إذ المعنى : إلا وهم يأكلون .
وقرئ بالفتح على أن اللام زائدة ، وتكون أن مصدرية ، ويكون التقدير : إلا أنهم يأكلون ؛ أي وما جعلناهم رسلا إلى الناس إلا لكونهم مثلهم .
ويجوز أن تكون في موضع الحال ، ويكون التقدير : إنهم ذوو أكل .