[ ص: 309 ] سورة لقمان
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : ( تلك آيات الكتاب الحكيم ( 2 ) هدى ورحمة للمحسنين ( 3 ) ) .
قوله تعالى : ( هدى ورحمة ) : هما حالان من " آيات " والعامل معنى الإشارة .
وبالرفع على إضمار مبتدأ ؛ أي هي ، أو هو .
قال تعالى : ( ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ( 6 ) ) .
قوله تعالى : ( ويتخذها ) : النصب على العطف على " يضل " . والرفع عطف على " يشتري " أو على إضمار هو ؛ والضمير يعود على السبيل . وقيل : على الحديث ؛ لأنه يراد به الأحاديث . وقيل : على الآيات .
قال تعالى : ( كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها ( 7 ) ) .
قوله تعالى : ( كأن لم يسمعها ) : موضعه حال ، والعامل " ولى " أو " مستكبرا " .
و ( كأن في أذنيه وقرا ) : إما بدل من الحال الأولى التي هي " كأن لم " أو تبيين لها ، أو حال من الفاعل في يسمع .
قال تعالى : ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم ( 8 ) خالدين فيها وعد الله حقا وهو العزيز الحكيم ( 9 ) خلق السماوات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم ( 10 ) ) .
قوله تعالى : ( خالدين فيها ) : حال من الجنات ، والعامل ما يتعلق به " لهم " وإن شئت كان حالا من الضمير في " لهم " وهو أقوى .
( وعد الله حقا ) : قد ذكر في الروم . ( بغير عمد ) : قد ذكر في الرعد .
[ ص: 310 ] قال تعالى : ( بل الظالمون في ضلال مبين هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه ( 11 ) ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن الله غني حميد ( 12 ) وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ( 13 ) ) .
قوله تعالى : ( هذا خلق الله ) : أي مخلوقه ؛ كقولهم درهم ضرب الأمير .
و ( ماذا ) : في موضع نصب بـ " خلق " لا بأروني لأنه استفهام ؛ فأما كون " ذا " بمعنى الذي فقد ذكر في البقرة .
و ( لقمان ) : اسم أعجمي وإن وافق العربي ؛ فإن لقمان " فعلان " من اللقم .
( أن اشكر ) : قد ذكر نظائره .
( وإذ قال ) : أي واذكر . و ( بني ) قد ذكر في هود .
قال تعالى : ( وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن ( 14 ) ) .
قوله تعالى : ( وهنا ) : المصدر هنا حال ؛ أي ذات وهن ؛ أي موهونة .
وقيل : التقدير : في وهن .
قال تعالى : ( وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ( 15 ) ) .
قوله تعالى : ( معروفا ) : صفة مصدر محذوف ؛ أي إصحابا معروفا .
وقيل : التقدير : بمعروف .
قال تعالى : ( يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير ( 16 ) ) .
قوله تعالى : ( إنها إن تك ) : " ها " ضمير القصة ، أو الفعلة .
و ( مثقال حبة ) : قد ذكر في الأنبياء .
[ ص: 311 ] قال تعالى : ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير واقصد في مشيك واغضض من صوتك ( 19 ) ) .
قوله تعالى : ( من صوتك ) : هو صفة لمحذوف ؛ أي اكسر شيئا من صوتك . وعلى قول الأخفش تكون " من " زائدة .
وصوت الحمير إنما وحده لأنه جنس .
قال تعالى : ( وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض ( 20 ) ) .
قوله تعالى : ( نعمه ) : على الجمع ، ونعمة على الإفراد في اللفظ ؛ والمراد الجنس ؛ كقوله : ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) [ إبراهيم : 34 ] .
و ( ظاهرة ) : حال ، أو صفة .
قال تعالى : ( إن الله عزيز حكيم ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله ( 27 ) ) .
قوله تعالى : ( من شجرة ) : في موضع الحال من ضمير الاستقرار ، أو من " ما " .
( والبحر ) - بالرفع - على وجهين ؛ أحدهما : هو مستأنف . والثاني : عطف على موضع اسم " إن " .
وبالنصب عطفا على اسم " إن " وإن شئت على إضمار فعل يفسره ما بعده .
وضم ياء " يمده " وفتحها : لغتان .
قال تعالى : ( ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير ( 28 ) ) .
قوله تعالى : ( إلا كنفس واحدة ) : في موضع رفع خبر " خلقكم " .
قال تعالى : ( ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله ( 31 ) ) .
قوله تعالى : ( بنعمة الله ) : حال من ضمير الفلك .
[ ص: 312 ] ويجوز أن يتعلق بتجري ؛ أي بسبب نعمة الله عز وجل .
قال تعالى : ( إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا ( 33 ) ) .
قوله تعالى : ( ولا مولود هو جاز ) : " مولود " : يجوز أن يعطف على والد ، فيكون ما بعده صفة له .
ويجوز أن يكون مبتدأ وإن كان نكرة ؛ لأنه في سياق النفي ، والجملة بعده الخبر .
قال تعالى : ( وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير إن الله عنده علم الساعة ( 34 ) ) .
قوله تعالى : ( وينزل الغيث ) : هذا يدل على قوة شبه الظرف بالفعل ؛ لأنه عطفه على قوله : " عنده " كذا يقول وغيره . والله أعلم . ابن جني