قال تعالى : ( في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا ( 88 ) ) .
قوله تعالى : ( فلا يؤمنوا ) : في موضعه وجهان ؛
أحدهما : النصب ، وفيه وجهان ; أحدهما : هو معطوف على " ليضلوا " والثاني : هو جواب الدعاء في قوله اطمس ، واشدد . والقول الثاني : موضعه جزم ; لأن معناه الدعاء ، كما تقول : لا تعذبني .
قال تعالى : ( ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ( 89 ) ) . قوله تعالى : ( ولا تتبعان ) : يقرأ بتشديد النون ، والنون للتوكيد ، والفعل مبني معها ، والنون التي تدخل للرفع لا وجه لها هاهنا ; لأن الفعل هنا غير معرب .
ويقرأ بتخفيف النون وكسرها ، وفيه وجهان ؛
أحدهما : أنه نهي أيضا ، وحذف النون الأولى من الثقيلة تخفيفا ، ولم تحذف الثانية ; لأنه لو حذفها لحذف نونا محركة ، واحتاج إلى تحريك الساكنة ، وحذف الساكنة أقل تغيرا . والوجه الثاني : أن الفعل معرب مرفوع ، وفيه وجهان أحدهما : هو خبر في معنى النهي كما ذكرنا في قوله : ( لا تعبدون إلا الله ) : والثاني : هو في موضع الحال ، والتقدير : فاستقيما غير متبعين .
[ ص: 21 ] قال تعالى : ( حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا ( 90 ) ) . قوله تعالى : ( وجاوزنا ببني إسرائيل ) : الباء للتعدية مثل الهمزة ، كقولك : أجزت الرجال البحر .
( بغيا وعدوا ) : مفعول من أجله ، أو مصدر في موضع الحال .
قال تعالى : ( آلآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ( 91 ) ) .
قوله تعالى : ( آلآن ) العامل فيه محذوف تقديره : أتؤمن الآن ؟ . قال تعالى : ( وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية ( 92 ) ) .
قوله تعالى : ( ببدنك ) في موضع الحال ; أي عاريا .
وقيل : بجسدك لا روح فيه . وقيل : بدرعك .
قال تعالى : ( فما اختلفوا حتى جاءهم العلم إن ربك يقضي بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق ورزقناهم من الطيبات ( 92 ) ) .
قوله تعالى : ( مبوأ صدق ) : يجوز أن يكون مصدرا ، وأن يكون مكانا .
قال تعالى : ( لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس ( 98 ) ) .
قوله تعالى : ( إلا قوم يونس ) : هو منصوب على الاستثناء المنقطع ; لأن المستثنى منه القرية ، وليست من جنس القوم . وقيل : هو متصل ; لأن التقدير : فلولا كان أهل قرية . ولو كان قد قرئ بالرفع لكانت إلا فيه بمنزلة " غير " ، فيكون صفة .
قال تعالى : ( قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون ( 101 ) ) .
قوله تعالى : ( ماذا في السماوات ) : هو استفهام في موضع رفع بالابتداء . و " في السماوات " الخبر ، و " انظروا " معلقة عن العمل .
ويجوز أن يكون بمعنى الذي ، وقد تقدم أصل ذلك .
[ ص: 22 ] ( وما تغني ) : يجوز أن تكون استفهاما في موضع نصب ، وأن تكون نفيا .
قال تعالى : ( ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا كذلك حقا علينا ننج المؤمنين ( 103 ) ) . قوله تعالى : ( كذلك حقا ) : فيه ثلاثة أوجه : أحدها : أن " كذلك " في موضع نصب صفة لمصدر محذوف ; أي إنجاء كذلك . وحقا بدل منه . والثاني : أن يكونا منصوبين بـ " ننج " التي بعدهما . والثالث : أن يكون " كذلك " للأولى ، وحقا للثانية .
ويجوز أن يكون " كذلك " خبر المبتدأ ; أي الأمر كذلك ، و " حقا " منصوب بما بعدها . قال تعالى : ( وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين ( 105 ) ) .
قوله تعالى : ( وأن أقم وجهك ) : قد ذكر في الأنعام مثله .