قال تعالى : ( أئنا لفي خلق جديد أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا ( 5 ) ) قوله تعالى : ( فعجب قولهم ) : قولهم : مبتدأ ، وعجب : خبر مقدم .
وقيل : العجب هنا بمعنى المعجب ; فعلى هذا يجوز أن يرتفع " قولهم " به .
( أئذا كنا ) : الكلام كله في موضع نصب بقولهم ، والعامل في إذا فعل دل عليه الكلام ; تقديره : أإذا كنا ترابا نبعث ، ودل عليه قوله تعالى : ( لفي خلق جديد ) ولا يجوز أن ينتصب بكنا ; لأن " إذا " مضافة إليه ; ولا بجديد ; لأن ما بعد " إن " لا يعمل فيما قبلها .
قال تعالى : ( وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة ( 6 ) ) .
قوله تعالى : ( قبل الحسنة ) : يجوز أن يكون ظرفا ليستعجلونك ; وأن يكون حالا من السيئة مقدرة .
و ( المثلات ) بفتح الميم ، وضم الثاء ، واحدتها كذلك .
يقرأ بإسكان التاء ; وفيه وجهان ; أحدهما : أنها مخففة من الجمع المضموم فرارا من ثقل الضمة مع توالي الحركات . والثاني : أن الواحد خفف ثم جمع على ذلك .
ويقرأ بضمتين ، وبضم الأول وإسكان الثاني ، وضم الميم فيه لغة ، فأما ضم الثاء فيجوز أن يكون لغة في الواحد ، وأن يكون اتباعا في الجمع ، وأما إسكانها فعلى الوجهين .
( على ظلمهم ) : حال من الناس ، والعامل المغفرة .
قال تعالى : ( ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب ( 7 ) ) .
[ ص: 73 ] قوله تعالى : ( ولكل قوم هاد ) : فيه ثلاثة أوجه ; أحدها : أنه جملة مستأنفة ; أي : ولكل قوم نبي هاد . والثاني : أن المبتدأ محذوف ، تقديره : وهو لكل قوم هاد . والثالث : تقديره : إنما أنت منذر وهاد لكل قوم ; وفي هذا فصل بين حرف العطف والمعطوف ، وقد ذكروا منه قدرا صالحا .
قال تعالى : ( وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام ( 8 ) ) .
قوله تعالى : ( ما تحمل ) : في " ما " وجهان ; أحدهما : هي بمعنى الذي ، وموضعها نصب بيعلم . والثاني : هي استفهامية ; فتكون منصوبة بتحمل ، والجملة في موضع نصب .
ومثله : " وما تغيض الأرحام وما تزداد " .
( وكل شيء عنده بمقدار ) : يجوز أن يكون " عنده " في موضع جر صفة لشيء ، أو في موضع رفع صفة لكل ، والعامل فيها على الوجهين محذوف ; وخبر " كل " : بمقدار .
ويجوز أن يكون صفة لمقدار ، وأن يكون ظرفا لما يتعلق به الجار .
قال تعالى : ( عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ( 9 ) ) .
قوله تعالى : ( عالم الغيب ) : خبر مبتدأ محذوف ; أي هو .
ويجوز أن يكون مبتدأ ، و " الكبير " خبره .
والجيد الوقف على " المتعال " بغير ياء ; لأنه رأس آية ، ولولا ذلك لكان الجيد إثباتها .
قال تعالى : ( عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ( 10 ) ) .
قوله تعالى : ( سواء منكم من أسر القول ) : " من " مبتدأ ، و " سواء " خبر . فأما " منكم " فيجوز أن يكون حالا من الضمير في " سواء " ; لأنه في موضع مستو ; ومثله : ( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح ) [ الحديد : 10 ] .
ويضعف أن يكون " منكم " حالا من الضمير في " أسر " و " جهر " ; لوجهين ; أحدهما : تقديم ما في الصلة على الموصول ، أو الصفة على الموصوف . والثاني : تقديم الخبر على " منكم " وحقه أن يقع بعده .