قال تعالى : ( زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ( 131 ) ) .
قوله تعالى : ( زهرة ) : في نصبه أوجه ; أحدها : أن يكون منصوبا بفعل محذوف دل عليه : " متعنا " أي جعلنا لهم زهرة . . . والثاني : أن يكون بدلا من موضع " به " .
والثالث : أن يكون بدلا من أزواج ، والتقدير : ذوي زهرة ، فحذف المضاف .
ويجوز أن يكون جعل الأزواج زهرة على المبالغة ; ولا يجوز أن يكون صفة لأنه [ ص: 198 ] معرفة وأزواجا نكرة . والرابع : أن يكون على الذم ; أي أذم ، أو أعني . والخامس : أن يكون بدلا من " ما " اختاره بعضهم . وقال آخرون لا يجوز ; لأن قوله تعالى : ( لنفتنهم ) من صلة متعنا ; فيلزم منه الفصل بين الصلة والموصول بالأجنبي .
والسادس : أن يكون حالا من الهاء ، أو من " ما " وحذف التنوين لالتقاء الساكنين ، وجر الحياة على البدل من " ما " اختاره ، وفيه نظر . مكي
والسابع : أنه تمييز لـ " ما " أو للهاء في به ; حكي عن الفراء ، وهو غلط لأنه معرفة .
قال تعالى : ( لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ( 132 ) ) قوله تعالى : ( والعاقبة للتقوى ) : أي لذوي التقوى ، وقد دل على ذلك قوله : ( والعاقبة للتقوى ) .
قال تعالى : ( أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه ( 133 ) ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى ( 134 ) ) .
قوله تعالى : ( أولم تأتهم ) : يقرأ بالتاء على لفظ البينة ، وبالياء على معنى البيان .
وقرئ " بينة " بالتنوين ، و " ما " بدل منها ، أو خبر مبتدأ محذوف ، وحكي عن بعضهم بالنصب والتنوين على أن يكون الفاعل " ما " و " بينة " حال مقدمة .
و ( الصحف ) : بالتحريك والإسكان .
( فنتبع ) : جواب الاستفهام .
و ( نذل ونخزى ) : على تسمية الفاعل ، وترك تسميته .
قال تعالى : ( فستعلمون من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى قل كل متربص فتربصوا ( 135 ) ) .
قوله تعالى : ( من أصحاب ) : " من " مبتدأ ، و " أصحاب " خبر ، والجملة في موضع نصب ، ولا تكون " من " بمعنى الذي ; إذ لا عائد عليها ، وقد حكي ذلك عن الفراء .
( الصراط السوي ) : فيه خمس قراءات : الأولى : على فعيل . أي المستوي . [ ص: 199 ] والثانية : السواء ; أي الوسط . والثالثة السوء - بفتح السين - بمعنى الشر . والرابعة : السوأى ، وهو تأنيث الأسوأ ، وأنث على معنى الصراط أي الطريقة ; كقوله تعالى : ( استقاموا على الطريقة ) . والخامسة : السوي على تصغير السوء .
و ( من أصحاب ) : بمعنى الذي ، وفيه عطف الخبر على الاستفهام ، وفيه تقوية قول الفراء .
ويجوز أن يكون " من " في موضع جر ; أي وأصحاب من اهتدى ; يعني النبي صلى الله عليه وسلم ويجوز أن يكون استفهاما كالأول .