قال تعالى : ( إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ( 101 ) لا يسمعون حسيسها وهم في ما اشتهت أنفسهم خالدون ( 102 ) لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون ( 103 ) ) .
[ ص: 214 ] قوله تعالى : ( منا ) : يجوز أن يتعلق بـ " سبقت " ، وأن يكون حالا من " الحسنى " .
و ( لا يسمعون ) : يجوز أن يكون بدلا من " مبعدون " وأن يكون خبرا ثانيا ، وأن يكون حالا من الضمير في " مبعدون " .
( هذا يومكم ) : أي يقولون .
قال تعالى : ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ( 104 ) ) .
قوله تعالى : ( يوم نطوي ) : يجوز أن يكون بدلا من العائد المحذوف من قوله : " توعدون " أو على إضمار أعني ; أو ظرفا لـ " لا يحزنهم " ، أو بإضمار اذكر .
ونطوي - بالنون - على التعظيم ، وبالياء على الغيبة ، وبالتاء وترك تسمية الفاعل .
و ( السماء ) بالرفع . والتقدير : طيا كطي ، وهو مصدر مضاف إلى المفعول إن قلنا : السجل : القرطاس .
وقيل : هو اسم ملك أو كاتب ، فيكون مضافا إلى الفاعل .
ويقرأ بكسر السين والجيم وتشديد اللام .
ويقرأ كذلك إلا أنه بتخفيف اللام .
ويقرأ بفتح السين وسكون الجيم وتخفيف اللام ، وبضم السين والجيم مخففا ومشددا ; وهي لغات فيه .
واللام في " للكتاب " زائدة . وقيل : هي بمعنى على . وقيل : تتعلق بطي والله أعلم .
قوله تعالى : ( كما بدأنا ) : الكاف نعت لمصدر محذوف ; أي نعيده عودا مثل بدئه . وفي نصب " أول " وجهان : أحدهما : هو منصوب ببدأنا ; أي خلقنا أول خلق . والثاني : هو حال من الهاء في نعيده . والمعنى : مثل أول خلقه .
( وعدا ) : مصدر ; أي وعدنا ذلك وعدا .
[ ص: 215 ] قال تعالى : ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون ( 105 ) ) .
قوله تعالى : ( من بعد الذكر ) : يجوز أن يتعلق بكتبنا ، وأن يكون ظرفا للزبور ; لأن الزبور بمعنى المزبور ; أي المكتوب .
قال تعالى : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ( 107 ) ) .
قوله تعالى : ( إلا رحمة ) : هو مفعول له ; ويجوز أن يكون حالا ; أي ذا رحمة ، كما قال تعالى : ( ورحمة للذين آمنوا ) [ التوبة : 61 ] ويجوز أن يكون بمعنى راحم .
قال تعالى : ( قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون ( 108 ) ) .
قوله تعالى : ( يوحى إلي أنما ) : " أن " مصدرية ، و " ما " الكافة لا تمنع من ذلك ، والتقدير : يوحى إلي وحدانية إلهي .
( فهل أنتم ) : هل هاهنا ، على لفظ الاستفهام ، والمعنى : على التحريض ; أي فهل أنتم مسلمون بعد هذا ، فهو للمستقبل .
قال تعالى : ( فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون ( 110 ) ) قوله تعالى : ( على سواء ) : حال من المفعول والفاعل ; أي مستوين في العلم بما أعلمتكم به .
( وإن أدري ) : بإسكان الياء ، وهو على الأصل ، وقد حكي في الشاذ فتحها ; قال أبو الفتح : هو غلط ; لأن " إن " بمعنى ما .
وقال غيره : ألقيت حركة الهمزة على الياء ، فتحركت وبقيت الهمزة ساكنة ، فأبدلت ألفا لانفتاح ما قبلها ، ثم أبدلت همزة متحركة ; لأنها في حكم المبتدأ بها ، والابتداء بالساكن محال .
و ( أقريب ) : مبتدأ ، و ( ما توعدون ) : فاعل له ; لأنه قد اعتمد على الهمزة ; ويخرج على قول البصريين أن يرتفع ببعيد ; لأنه أقرب إليه .
[ ص: 216 ] و ( من القول ) : حال من الجهر ; أي المجهور من القول .
قال تعالى : ( قال رب احكم بالحق وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون ( 112 ) ) .
قوله تعالى : ( قال رب ) : يقرأ على لفظ الأمر ، وعلى لفظ الماضي . و " احكم " على الأمر .
ويقرأ : ربي احكم ، على الابتداء والخبر .
و ( تصفون ) : بالتاء والياء ، وهو ظاهر ، والله أعلم .