قال تعالى : ( ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ( 49 ) ) .
[ ص: 282 ] قوله تعالى : ( تقاسموا ) : فيه وجهان :
أحدهما : هو أمر ؛ أي أمر بعضهم بعضا بذلك ؛ فعلى هذا يجوز في " لنبيتنه " النون ؛ تقديره : قولوا لنبيتنه ، والتاء على خطاب الأمر المأمور ؛ ولا يجوز الياء . والثاني : هو فعل ماض ؛ فيجوز الأوجه الثلاثة وهو على هذا تفسير لقالوا .
و ( مهلك ) : قد ذكر في الكهف .
قال تعالى : ( وقومهم أجمعين فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم ( 51 ) ) .
قوله تعالى : ( كيف كان عاقبة ) : في " كان " وجهان ؛ أحدهما : هي الناقصة ، و " عاقبة " : مرفوعة على أنها اسمها ، وفي الخبر وجهان ؛ أحدهما : كيف و " أنا دمرناهم " إن كسرت كان مستأنفا ، وهو مفسر لمعنى الكلام ، وإن فتحت فيه أوجه ؛ أحدها : أن يكون بدلا من العاقبة . والثاني : خبر مبتدأ محذوف ؛ أي هي أنا دمرناهم . والثالث : أن يكون بدلا من " كيف " عند بعضهم .
وقال آخرون : لا يجوز ذلك ؛ لأن البدل من الاستفهام يلزم فيه إعادة حرفه ؛ كقولك : كيف زيد أصحيح أم مريض ؟ .
والرابع : هو في موضع نصب ؛ أي بأنا أو لأنا . والوجه الثاني : أن يكون خبر كان : " أنا دمرناهم " إذا فتحت ؛ وإذا كسرت لم يجز ؛ لأنه ليس في الجملة ضمير يعود على عاقبة ، وكيف على هذا : حال ، والعامل فيها كان ، أو ما يدل عليه الخبر .
والوجه الثاني : من وجهي كان : أن تكون التامة ، و " كيف " على هذا حال لا غير . و " إنا دمرنا " بالكسر مستأنف ، وبالفتح على ما تقدم إلا في كونها خبرا .
قال تعالى : ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون ( 52 ) ) .
قوله تعالى : ( خاوية ) : هو حال من البيوت ، والعامل الإشارة ، والرفع جائز على ما ذكرنا في : ( وهذا بعلي شيخا ) [ هود : 72 ] .
و ( بما ) : يتعلق بخاوية .
قال تعالى : ( ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون ( 54 ) أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون ( 55 ) ) قوله تعالى : ( ولوطا ) أي وأرسلنا لوطا .
[ ص: 283 ] و ( شهوة ) : [ الأعراف : 81 ] قد ذكر في الأعراف .
قال تعالى : ( آلله خير أم ما يشركون قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى ( 59 ) ) .
قوله تعالى : ( وسلام ) : الجملة محكية أيضا ، وكذلك " آلله خير " أي قل ذلك كله .
قال تعالى : ( فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون أم من خلق السماوات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء ( 60 ) أم من جعل الأرض قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل أكثرهم لا يعلمون ( 61 ) أم من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون ( 62 ) أم من يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون ( 63 ) ) .
قوله تعالى : ( ما كان لكم أن تنبتوا ) : الكلام كله نعت لحدائق .
ويجوز أن يكون مستأنفا .
و ( خلالها ) : ظرف ، وهو المفعول الثاني ، و " بين البحرين " كذلك ، ويجوز أن ينتصب بين بحاجز ؛ أي ما يحجز بين البحرين .
و ( بشرا ) : قد ذكر في الأعراف .
قال تعالى : ( وما يشعرون أيان يبعثون قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ( 65 ) ) .
قوله تعالى : ( من في السماوات ) : فاعل يعلم ، و " الغيب " : مفعوله و " إلا الله " : بدل من " من " ومعناه : لا يعلم أحد .
وقيل : " إلا " : بمعنى غير ، وهي صفة لمن .
قال تعالى : ( بل هم منها عمون بل ادارك علمهم في الآخرة بل هم في شك منها ( 66 ) ) .
قوله تعالى : ( بل ادارك ) : فيه قراءات :
إحداها أدرك مثل أخرج ، ومنهم من يلقي حركة الهمزة على اللام . والثانية : بل ادرك على افتعل ، وقد ذكر في الأعراف . والثالثة : ادارك ، وأصله تدارك ، ثم سكنت التاء واجتلبت لها همزة الوصل . والرابع : تدارك ؛ أي تتابع علمهم في الآخرة ؛ أي بالآخرة . والمعنى بل تم علمهم بالآخرة لما قام عليه من الأدلة فما انتفعوا ، بل هم في شك .
[ ص: 284 ] و ( منها ) يتعلق بـ " عمون " .
قال تعالى : ( وآباؤنا أئنا لمخرجون وقال الذين كفروا أئذا كنا ترابا ( 67 ) ) .
قال تعالى : ( وآباؤنا ) : هو معطوف على الضمير في " كنا " من غير توكيد ؛ لأن المفعول فصل فجرى مجرى التوكيد .
قال تعالى : ( قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون ( 72 ) ) .
قوله تعالى : ( عسى أن يكون ) : " أن يكون " فاعل عسى ، واسم كان مضمر فيها ؛ أي أن يكون الشأن ؛ وما بعده في موضع نصب خبر كان ، وقد ذكر مثله في آخر الأعراف .
قوله تعالى : ( ردف لكم ) : الجمهور بكسر الدال .
وقرئ بالفتح ، وهي لغة ، واللام زائدة ؛ أي ردفكم .
ويجوز ألا تكون زائدة ، ويحمل الفعل على معنى دنا لكم ، أو قرب أجلكم ، والفاعل بعض .