الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          الشرط ( الثاني اتفاق المشتركين فيه ) أي القصاص ( على استيفائه ) فليس لبعضهم استيفاؤه بدون إذن . الباقين ; لأنه يكون مستوفيا لحق غيره بلا إذنه ولا ولاية له عليه أشبه الدين ( وينتظر قدوم ) وارث ( غائب وبلوغ ) وارث ( صغير وإفاقة ) وارث مجنون ; لأنهم شركاء في القصاص ولأنه أحد بدلي النفس ( فلا ينفرد به بعضهم كدية ) أي لا ينفرد بعضهم بالدية لو وجبت .

                                                                          ( و ) ك ( قن مشترك ) قتل فلا ينفرد بعضهم بقتل قاتله المكافئ له ( بخلاف ) قتل ( في محاربة ) فلا يشترط اتفاق المشتركين فيه ( لتحتمه ) أي تحتم قتل لحق الله تعالى .

                                                                          ( و ) بخلاف ( حد قذف ) فيقام إذا طلبه بعض الورثة حيث يورث ( لوجوبه ) أي حد القذف ( لكل واحد ) من الورثة إذا طلبه ( كاملا ) ومن لا وارث له يستوفي الإمام القصاص فيه بحكم الولاية لا بحكم الإرث وإنما قتل الحسن ابن ملجم كفرا ; لأن من اعتقد حل ما حرم الله كافر وقيل لسعيه في الأرض بالفساد ، ولذلك لم ينتظر قدوم من غاب من الورثة ( ومن مات ) من ورثة مقتول ( فوارثه ) أي الميت ( كهو لقيامه مقامه ; لأنه حق للميت فانتقل إلى وارثه كسائر حقوقه .

                                                                          ومتى انفرد به ) أي القصاص ( من منع ) من الانفراد به ( عزر فقط ) لافتياته بالانفراد ولا قصاص عليه ; لأنه شريك في الاستحقاق ومنع من استيفاء حقه لعدم التجزي فإذا استوفى وقع نصيبه قصاصا وبقيت الجناية على بعض النفس فيتعذر فيه القصاص ( ولشريك ) مقتص ( في تركة جان حقه ) أي الذي لم يقتص ( من الدية ) بقسطه منها ( ويرجع وارث جان على مقتص بما فوق حقه ) فلو قتلت امرأة رجلا له ابنان فقتلها أحدهما بغير إذن الآخر فلمن لم يأذن نصف دية أبيه في تركة المرأة القاتلة ويرجع ورثتها على من اقتص منها بنصف ديتها ( وإن عفا بعضهم ) أي مستحقي القصاص ( ولو ) كان العافي ( زوجا أو زوجة [ ص: 273 ] أو شهد بعضهم ) أي بعض مستحقي القصاص ( ولو مع فسقه بعفو شريكه سقط القود ) أما السقوط بعفو البعض فلأنه لا يتبعض كما تقدم ، وأحد الزوجين من جملة الورثة .

                                                                          ودخل في قوله صلى الله عليه وسلم " { فأهله بين خيرتين } " بدليل قوله " { من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي وما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي } " يريد عائشة وقال له أسامة أهلك ولا نعلم إلا خيرا وعن زيد بن وهب أن عمر " أتي برجل قتل قتيلا فجاء ورثة المقتول ليقتلوه فقالت امرأة المقتول وهي أخت القاتل قد عفوت عن حقي فقال عمر : الله أكبر قد عتق القتيل " رواه أبو داود .

                                                                          وأما سقوطه بشهادة بعضهم بعفو شريكه ولو مع فسقه فلإقراره بسقوط نصيبه وإذا أسقط بعضهم حقه سرى إلى الباقي كالعتق ( ولمن لم يعف ) من الورثة ( حقه من الدية على جان ) سواء عفا شريكه مطلقا أو إلى الدية ; لأنها بدل عما فاته من القصاص كما لو ورث القاتل بعض دمه ( ثم إن قتله عاف قتل ولو ادعى نسيانه ) أي العفو ( أو جوازه ) أي القتل بعد العفو سواء عفا مطلقا أو إلى مال لقوله تعالى : { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم } قال ابن عباس وغيره أي بعد أخذه الدية ولأنه قتل معصوما مكافئا ( وكذا شريك ) عاف ( عالم بالعفو ) أي عفو شريكه ( و ) علم ب ( سقوط القود به ) أي بعفو شريكه ثم قتله فيقتل به سواء حكم بالعفو أو لا لقتله معصوما عالما بأنه لا حق له فيه ، والاختلاف لا يسقط القصاص إذ لو قتل مسلما بكافر قتلناه به مع الاختلاف في قتله ( وإلا ) يعلم بعفو شريكه وسقوط القود به بأن قتله غير عالم بهما فلا قصاص لاعتقاده ثبوت حقه فيه مع أن الأصل بقاؤه و ( أداه ) أي أدى ديته ; لأنه قتل بغير حق فوجب ضمانه كسائر الخطأ وشبه العمد .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية