الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( وإن شهدت على ميت بينة أنه وصى بعتق سالم و ) شهدت عليه بينة ( أخرى أنه وصى بعتق غانم وكل واحد ) من سالم وغانم ( ثلث ماله ) أي الموصي ( ولم تجز الورثة ) عتقهما ( عتق أحدهما بقرعة ) لثبوت الوصية بعتق كل منهما . والإعتاق بعد الموت كالإعتاق في مرض الموت ، وقد ثبت الإقراع بينهما فيه لحديث عمران بن حصين ، فكذا الإعتاق بعد الموت لاتحاد المعنى فيهما فإن أجاز الورثة الوصيتين عتقا ; لأن الحق لهم ، كما لو أعتقوهما بعد موته ، ( ولو كانت بينة غانم وارثة فاسقة ) ولم تكذب الأجنبية ( عتق سالم ) بلا قرعة ; لأن بينة غانم الفاسقة لا تعارضها ، ( ويعتق غانم بقرعة ) بأن يكتب برقعة يعتق وبأخرى لا يعتق ، وتدرج كل منهما ببندقة من شمع أو طين بحيث لا تتميز إحداهما من الأخرى ، ويقال لمن لم يحضر : أخرج بندقة على هذا وبندقة على هذا ، فإن خرجت لغانم رقعة العتق عتق ، وإلا فلا ; لأن البينة الوارثة مقرة بالوصية بعتق غانم أيضا ، ( وإن كانت ) البينة الوارثة ( عادلة وكذبت ) البينة ( الأجنبية عمل بشهادتها ) لعدالتها ، ( ولغا تكذيبها ) الأجنبية ( فينعكس الحكم ) فيعتق غانم بلا قرعة لإقرار الورثة أنه لم يعتق سواه ، ويقف عتق سالم على القرعة ، ( ولو كانت ) البينة الوارثة ( فاسقة ، وكذبت ) العادلة الأجنبية ( أو شهدت برجوعه عن عتق سالم عتقا ) أما سالم فلأنه لم يثبت عتق غانم وأما غانم فلإقرار الورثة [ ص: 570 ] بعتقه وحده ، ولأن شهادتهما بالرجوع عن عتق سالم يتضمن الإقرار بالوصية بعتق غانم وحده ، كما لو كذبت الأخرى ، ( ولو شهدت ) الوارثة ( برجوعه ) عن عتق سالم ( ولا فسق ) بها ( ولا تكذيب ) منها لبينة سالم ( عتق غانم ) وحده لثبوت الرجوع عن عتق سالم ببينة عادلة بلا تهمة ; لأنها لا تجر إلى نفسها بشهادتها نفعا ولا تدفع عنها ضررا . وأما جرها ولاء غانم فيعادله إسقاط ولاء سالم على أن الولاء إنما هو ثبوت سبب الإرث ومثله لا ترد الشهادة فيه ، كما يثبت النسب بالشهادة . وإن كان الشاهد يجوز أن يرث المشهود له به وتقبل شهادة الإنسان لأخيه بالمال ، وإن جاز أن يرثه ( ولو كان في هذه الصورة ) وهي ما إذا كانت الوارثة العادلة شهدت برجوعه عن عتق سالم ( وغانم ) أي قيمته ( سدس ماله عتقا ) أي سالم وغانم ، ( ولم تقبل شهادتهما ) برجوعه عن عتق سالم ; لأنها متهمة بدفع السدس الآخر عنها ، ( وخبر وارثة عادلة ك ) شهادة وارثة ( فاسقة ) ; لأنه إقرار ، وسواء فيه العدل والفاسق ( وإن شهدت بينة بعتق سالم في مرضه و ) شهدت بينة ( أخرى بعتق غانم فيه عتق السابق ) منهما تاريخا لما تقدم أن تبرعات المريض المنجزة يبدأ منها بالأول فالأول ، ( فإن جهل ) التاريخ بأن أطلقت البينتان أو إحداهما ( فأحدهما ) يعتق ( بقرعة ) كما لو اتحد تاريخهما ; لأنه لا يخلو إما أن يكون أعتقهما معا فيقرع بينهما . لحديث عمران بن حصين ، أو يكون أعتق أحدهما قبل الآخر وأشكل فيخرج بالقرعة كنظائره . ( وكذا لو كانت بينة أحدهما ) أي العبدين ( وارثة ) ولم تنكر الأجنبية فيعتق السابق إن علم التاريخ ، وإن لم يعلم السابق عتق أحدهما بقرعة ، ( فإن سبقت ) البينة ( الأجنبية ) تاريخا بأن قالت : أعتق سالما في أول يوم من المحرم ، أو أعتق غانما في ثانيه ( فكذبتها الوارثة ) بأن قالت : ما أعتق في أول المحرم إلا غانما عتق العبدان . أما سالم فلشهادة البينة العادلة أنه السابق ، وأما غانم فلإقرار الورثة أنه المستحق للعتق وحده لسبق عتقه ، ( أو سبقت ) البينة ( الوارثة ) البينة الأجنبية ، ( وهي ) أي الوارثة ( فاسقة عتقا ) ، أما غانم فلشهادة البينة العادلة بسبق عتقه ، وأما سالم فلإقرار الورثة أنه المستحق للعتق وحده ، ( وإن جهل أسبقهما ) أي العبدين عتقا بأن اتفقت البينتان على أنه أعتق أحد العبدين وأنهما لا يعلمان أسبقهما عتقا ( عتق واحد ) منهما ( بقرعة ) كما لو أعتقهما [ ص: 571 ] بلفظ واحد ، ( وإن قالت ) البينة ( الوارثة : ما أعتق إلا غانما ) طعنا في بينة سالم ( عتق ) غانم ( كله ) لإقرار الورثة بعتقه . ( وحكم سالم إذن كحكمه لو لم تطعن ) الورثة ( في بينة في أنه يعتق إن تقدم ) تاريخ ( عتقه أو خرجت له القرعة ) لعدم قبول طعن الوارثة في الأجنبية ; لأن الأجنبية مثبتة ، والوارثة نافية ، والمثبت مقدم على النافي ، ( وإن كانت ) البينة ( الوارثة فاسقة ولم تطعن في بينة سالم عتق ) سالم ( كله ) لشهادة البينة العادلة بعتقه ، ولا معارض لهما ، ( وينظر في غانم فمع سبق ) تاريخ ( عتق أو ) مع ( خروج القرعة له يعتق كله ) لإقرار الورثة أنه المستحق للعتق دون غيره ، ( ومع تأخره ) أي عتق غانم ( أو خروجها ) أي القرعة ( لسالم لم يعتق منه شيء ) أي غانم ; لأن بينته لو كانت عادلة لم يعتق منه إذن شيء فأولى إذا كانت فاسقة ، ( وإن كذبت ) الوارثة ( بينة سالم ) الأجنبية ( عتقا ) ; لأن سالما مشهود بعتقه وغانما مقر له بأنه لا يستحق العتق سواء ، ( وتدبير ) رقيق ( مع تنجيز ) عتق آخر بمرض الموت المخوف ( كآخر تنجيزين مع أسبقهما ) ; لأن التدبير تعليق العتق بالموت ، فوجب تأخره عن المنجز في الحياة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية