الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإن كانا ) أي القاتل والمقتول ( مرهونين عند شخص ) أو أكثر ( بدين واحد ) وقد عفا السيد عن القاتل وكذا في الصورة التي عقب هذه ( نقصت ) بفتح النون والصاد المهملة ( الوثيقة ) إذ لا جابر كما لو مات أحدهما ( أو بدينين ) عند شخص واحد ووجب مال يتعلق برقبة القاتل ( وفي نقل الوثيقة ) به إلى دين القتيل ( غرض ) أي فائدة للمرتهن ( نقلت ) بأن يباع القاتل فيصير ثمنه رهنا مكان القتيل وحيث لا غرض بأن اتفق الدينان تأجيلا وحلولا وقدرا [ ص: 100 ] واتفقت قيمتا العبدين فلا نقل بل يبقى القاتل بحاله وسقطت وثيقة المقتول بخلاف ما إذا حل أحدهما وتأجل الآخر فينقل ؛ لأنه إن كان الحال دين القتيل ففائدته الاستيفاء من ثمن القاتل حالا أو دين القاتل ففائدته تحصيل الوثيقة بالمؤجل والمطالبة حالا بالحال وكذا لو تأجلا وأحدهما أطول أجلا وما إذا اختلفا قدرا وتساوت قيمة العبدين أو كان القتيل أكثر قيمة فإن كان القتيل مرهونا بالأكثر فله التوثق بالقاتل ليصير ثمنه مرهونا بالأكثر أو بالأقل فلا فائدة في النقل أو جنسا واختلفا قيمة أيضا فكاختلاف القدر وإلا فلا غرض وما إذا اختلفت قيمة العبدين فإن كان الأكثر القاتل نقل منه بقدر قيمة القتيل إلى دينه أو القتيل أو مساويا فلا نقل وما إذا كان بأحدهما ضامن فطلب المرتهن نقل الوثيقة من الدين المضمون إلى الآخر ليحصل له التوثق فيهما فإنه يجاب كما اقتضاه كلامهم وحيث لا نقل فقال المرتهن لا آمن جنايته مرة أخرى [ ص: 101 ] فتؤخذ رقبته فيها فبيعوه وضعوا ثمنه مكانه لم يجب على أحد وجهين يتجه ترجيحه كما اقتضاه المتن وغيره لأن الأصل خلاف ذلك فلم يتحقق الغرض الحامل على البيع .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وقد عفا السيد ) أي حيث وجب قصاص ( قوله عند شخص واحد ) أقول أو أكثر إذا كان الدينان مشتركين بين ذلك الأكثر فتأمله ( قوله ووجب مال إلخ ) أقول ينبغي وإن لم يجب لإمكان التوثق والبيع مع تعلق القصاص فللنقل فائدة فإن اقتص فاتت الوثيقة ( قوله بأن يباع ) تصوير معنى ( قوله فيصير ثمنه ) ظاهره صيرورته بمجرد [ ص: 100 ] البيع من غير لفظ فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله فله التوثق بالقاتل ) هلا نقل قدر دين القتيل فقط من قيمة القاتل إذا كانت قيمته قدر الدينين جميعا ليحصل التوثق على كل منهما ( قوله أو بالأقل فلا فائدة ) كذا في الروض وغيره ، وقد يشكل فإنه قد يكون فيه فائدة فإنه إذا كان قيمة كل مائة أو قيمة القتيل مائتين والقاتل مائة وكان القتيل مرهونا بعشرة والقاتل بعشرين كان في النقل حينئذ فائدة وهي التوثق على كل من الدينين بما لا ينقص عنه لكن هل ينقل الزائد من قيمة القاتل على دينه أو قدر دين القتيل فقط منها فيه نظر ، والأول أقرب إلى قول الروض فينقل منه قدر قيمة القتيل ثم رأيت شيخنا الشهاب البرلسي كتب على المحلي ما نصه أقول وهذه المسائل التي قيل فيها بعدم النقل لو فرض فيها أن قيمة القاتل تزيد على الدين المرهون عليه بأضعاف قضية إطلاقهم الإعراض عن ذلك وعدم اعتباره غرضا مجوزا لنقل الزائد على مقدار الدين فما وجه ذلك وينبغي أن يحمل كلامهم على ما إذا كانت القيمة لا تزيد على قدر الدين كما هو الغالب هـ فليتأمل ( قوله أو جنسا واختلفا قيمة ) عبارة الروض ولا أثر لاختلاف جنس الدين كالدراهم والدنانير قال في شرحه إذا كان بحيث لو قوم أحدهما بالأخر ساواه كما صرح به في الروضة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وإلا فلا غرض ) في إطلاق هذا النفي نظر ( قوله فإن كان الأكثر القاتل إلخ ) عبارة الروض وشرحه وإن كانت قيمة القتيل أقل وهو مرهون بأكثر نقل من القاتل قدر قيمة القتيل إلى الدين الآخر أو بأقل قال في الأصل لا نقل لعدم الفائدة والحق أنه ينتقل إن كان ثم فائدة كما إذا كانت قيمة القتيل مائة وهو مرهون بعشرة وقيمة القاتل مائتين وهو مرهون بعشرين فينقل منه قدر قيمة القتيل وهو مائة تصير مرهونة بعشرة ويبقى مائة مرهونة بالعشرين وإن لم يكن فائدة كما إذا كان القاتل في هذه الصورة مرهونا بمائتين فلا نقل ؛ لأنه إذا نقل بيع منه بمائة وصارت مرهونة بعشرة ويبقى مائة مرهونة بمائتين فمحل عدم النقل فيما قاله الأصل في الأخيرة إذا لم [ ص: 101 ] ينقص دين القاتل عن قيمته إلخ ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وقد عفا السيد ) أي حيث وجب قصاص ا هـ سم أي ولو اقتص السيد من القاتل فاتت الوثيقة نهاية ومغني ( قوله عند شخص واحد ) أقول أو أكثر إذا كان الدينان مشتركين بين ذلك الأكثر فتأمل ا هـ سم ( قوله ووجب مال إلخ ) أقول ينبغي وإن لم يجب لإمكان التوثق والبيع مع تعلق القصاص فللنقل فائدة فإن اقتص فاتت الوثيقة ا هـ سم ( قوله به ) أي بدين القاتل ( قوله أي فائدة ) إلى قوله كما اقتضاه المتن في المغني والنهاية إلا قوله قدرا إلى جنسا ( قوله بأن يباع إلخ ) تصوير لمعنى النقل ا هـ سم .

                                                                                                                              ( قوله يصير ثمنه إلخ ) كذا في شرح المنهج والمغني قال سم ظاهره صيرورته بمجرد البيع من غير لفظ فليراجع ا هـ وخالفهم النهاية فقال ويجعل ثمنه رهنا إلخ قال ع ش أي بإنشاء عقد قاله شيخنا الزيادي ا هـ وقال الرشيدي هنا أي يصير ثمنه رهنا من غير جعل ا هـ وفي قوله أخرى قبيل هذه ما نصه والراجح أنه لا يحتاج إلى إنشاء عقد كما جزم به الزيادي ا هـ .

                                                                                                                              وفي البجيرمي مثلها فلعل في نسخة ع ش تحريفا ( قوله وقدرا ) أي ووثيقة وكان ينبغي أن يزيده ليظهر عطف قوله الآتي وما إذا كان [ ص: 100 ] بأحدهما ضامن إلخ ( قوله واتفقت قيمتا العبدين ) أي أو كانت قيمة القتيل أكثر كما يأتي ( قوله فلا نقل ) ينبغي تقييده أخذا مما يأتي عن البجيرمي وغيره بما إذا لم يكن قيمة القاتل أكثر من دينه ( قوله تحصيل الوثيقة بالمؤجل ) والفائدة حينئذ أمن الإفلاس عند الحلول ( قوله والمطالبة إلخ ) عطف على التحصيل .

                                                                                                                              ( قوله بالحال ) أي بأداء دين القاتل عن غير المرهون ( قوله وما إذا اختلفا إلخ ) ( وقوله وما إذا اختلفت إلخ ) ( وقوله وما إذا كان إلخ ) عطف على قوله ما إذا حل إلخ ( قوله أو بالأقل ) أي أو كان القتيل مرهونا بالأقل ( قوله فله التوثق بالقاتل ) هلا نقل قدر دين القتيل فقط من قيمة القاتل إذا كانت قيمته قدر الدينين جميعا ليحصل التوثق على كل منهما ا هـ سم وقوله قدر الدينين إلخ أي أو أكثر من دين القتيل ( قوله فلا فائدة في النقل ) كذا في شرح المنهج والنهاية والمغني وشرح الروض وقال البجيرمي وفيه نظر ؛ لأنه قد يكون قيمة القاتل قدر الدينين فينقل منها قدر دين القتيل ليكون التوثق على كل منهما وهذه فائدة أي فائدة ومن ثم قال الشيخ عميرة ينبغي أن يحمل كلامهم أي في المسائل التي قالوا فيها بعدم النقل على ما إذا كانت القيمة لا تزيد على الدين كما هو الغالب وارتضاه الطبلاوي شوبري أي فيقيد كلام الشارح بما إذا كانت قيمة القاتل مساوية لدين القتيل أو أقل منه ا هـ وفي ع ش ما يوافقه .

                                                                                                                              ( قوله أو جنسا ) عطف على قوله قدرا ( قوله وإلا إلخ ) أي بأن استويا في القيمة عبارة النهاية والمغني ولو اختلف جنس الدينين بأن كان أحدهما دنانير والآخر دراهم واستويا في المالية بحيث لو قوم أحدهما بالآخر لم يزد ولم ينقص لم يؤثر ا هـ أي في جواز النقل فلا ينقل ع ش ( قوله وإلا فلا غرض ) في إطلاق هذا النفي نظر ا هـ سم أي وينبغي تقييده بما إذا لم تكن قيمة القاتل أكثر من دينه ( قوله فإن كان الأكثر القاتل إلخ ) وفي سم هنا عن الروض وشرحه ما ينبغي مراجعته ( قوله نقل منه إلخ ) أي إذا كان قيمة القاتل أكثر من دينه شرح الروض ا هـ سم ( قوله فلا نقل ) أي إذا لم يكن قيمة القاتل أكثر من دينه كما مر ( قوله بأحدهما ) يعني بدين القاتل ( قوله ليحصل له التوثق فيهما ) أي الدينين وذلك كما لو كان القاتل مرهونا بدين قرض وبه ضامن والقتيل مرهون بثمن مبيع لا ضامن به فإذا نقل القاتل إلى كونه رهنا بثمن المبيع فقد توثق صاحب الدين على دين القرض بالضامن وعلى [ ص: 101 ] ثمن المبيع بالمرهون الذي نقل إليه ع ش ( قوله فتؤخذ رقبته ) أي ويبطل الرهن نهاية ومغني ( قوله على أحد وجهين يتجه ترجيحه ) ينبغي أن يكون محله حيث لم تدل قرائن أحوال العبد على صدق دعوى المرتهن بخلاف ما إذا دلت بأن عرف بكثرة الشر والمبادرة إلى الجناية فينبغي ترجيح الوجه الآخر ا هـ بصري .




                                                                                                                              الخدمات العلمية