الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( والأصح ) فيما إذا أقر أحد الحائزين بثالث أو بزوجة للميت وأنكره الآخر أو سكت ( إن المستلحق لا يرث ) لعدم ثبوت نسبه وبفرض المتن في هذا الذي دل على السياق وصرح به في بعض النسخ يندفع ما اعترض به الفزاري وأطال ( ولا يشارك المقر في حصته ) ظاهرا بل باطنا إن صدق ففي ابنين أقر أحدهما بثالث يلزمه أن يعطيه ثلث حصته ، ولو ادعى على ابني ميت بعين في التركة فصدقه . [ ص: 408 ] أحدهما فإن كان قبل القسمة دفع إليه نصفها أو بعدها فإن كانت بيد المصدق سلمها له كلها ولا شيء له على المكذب أو بيد المكذب لم يلزمه شيء وعلى المصدق نصف قيمتها ( و ) الأصح ( أن البالغ ) العاقل ( من الورثة لا ينفرد بالإقرار ) بل ينتظر كما الآخرين فإن أقر فمات غير الكامل وورثه نفذا قراره من غير تجديد كما في قوله ( و ) الأصح ( أنه لو أقر أحد الوارثين ) الحائزين بثلث ( وأنكر الآخر ) أو سكت لم يرث شيئا ولا من حصة المقر لكن ظاهرا فقط كما تقرر لأن الإرث فرع النسب ولم يثبت وإنما طولب من أقر بكونه ضامنا لعمر وفي ألف بالألف ، وإن لم يثبت على عمرو ، ولو كذب الضامن لأنه لا ملازمة بين مطالبتهما فقد يطالب الضامن فقط لإعسار الأصيل أو نذر المضمون له أن لا يطالبه أو موت الضامن والدين مؤجل وقد يطالب الأصيل فقط كإن ضمن الحال مؤجلا أو أعسر الضامن أو مات الأصيل والدين مؤجل .

                                                                                                                              وأما النسب والإرث فبينهما ملازمة من حيث إنه يلزم من ثبوت الإرث بالقرابة ثبوت النسب ولا عكس كما يأتي ونظيره إقراره بالخلع فإنه يثبت البينونة ولا مال لوجودها قبل الدخول وعند استيفاء العدد من غير مال بخلاف وجوبه بالطلاق فإنه يستلزمها ( و ) يستمر عدم إرث المقر به إلى موت المنكر أو الساكت فإن ( مات ولم يرثه إلا المقر ثبت النسب ) بالإقرار الأول وورث لأنه صار حائزا ، وكذا لو ورثه غير المقر وصدقه ( و ) الأصح ( أنه لو أقر ابن حائز ) مشهور النسب لا ولاية عليه ( بأخوة مجهول فأنكر المجهول نسب المقر ) بأن قال أنا ابن الميت ولست أنت ابنه ( لم يؤثر فيه ) لثبوته وشهرته ولأنه لو بطل نسبه بطل نسب المجهول فإنه لم يثبت إلا لإرثه وحيازته ولو بطل نسبه ثبت نسب المقر وذلك دور حكمي ، ومن ثم غلط المقابل ولو أقرا بثلث فأنكر نسب الثاني وليس توأما سقط لثبوت نسب الثالث باتفاقهما فاشترط موافقته على نسب الثاني لثبوته بالاستلحاق وبهذا فارق ما قبله ( ويثبت أيضا نسب المجهول ) لأن الحائز قد استلحقه فلم ينظر لإخراجه له عن أهلية الإقرار بتكذيبه له ( و ) الأصح ( أنه إذا كان الوارث الظاهر يحجبه المستلحق ) حجب حرمان ( كآخ أقر بابن للميت ثبت النسب ) للابن لأن الحائز ظاهرا قد استلحقه ( ولا إرث ) له للدور الحكمي وهو أن يلزم من إثبات الشيء رفعه إذا لو ورث حجب الأخ فخرج عن كونه وارثا فلم يصح استلحاقه فلم .

                                                                                                                              [ ص: 409 ] يرث فأدى إرثه إلى عدم إرثه ، ولو ادعى المجهول على الأخ فنكل وحلف المجهول ثبت نسبه ثم إن قلنا اليمين المردودة كالبينة ورث أو كالإقرار وهو الأصح فلا وخرج ب يحجبه ما لو أقرت بنت معتقه للأب بأخ لها فيثبت نسبه لكونها حائزة ويرثانه أثلاثا لأنه لا يحجبها حرمانا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله السياق ) أي كقوله المقر في حصته . ( قوله في المتن ولا يشارك المقر في حصته ) قال في الروض لكن يحرم عليه أي المقر تبيينه أي المقر به وفي عتق حصته أي المقر إن كان أي المقر به من التركة كأن قال أحدهما العبد من التركة إنه ابن أبينا وجهان انتهى وفي [ ص: 408 ] شرحه أن الأول أوجه لتشوف الشارع إلى العتق انتهى ( قوله فإن كان قبل القسمة دفع إليه نصفها ) ينبغي أنه لو أخرجت القسمة النصف الآخر في حصة المقر لزمه دفعه إليه أيضا لاعترافه به له .

                                                                                                                              ( قوله لم يلزمه ) أي المكذب ش . ( قوله أو نذر المضمون له أن لا يطالبه ) أي أن لا يطالب الأصيل ( قوله والدين مؤجل ) فيؤخذ من تركته . ( قوله : وكذا لورثه ) أي ورث المنكر أو الساكت وقوله وصدقه أي وصدق غير المقر ش . ( قوله ، ولو أقر ) أي الحائز والمجهول بثالث فأنكر إلخ قال في الروض ، ولو أقر بهما أي بأخوين مجهولين معا فكذب كل منهما الآخر ثبت نسبهما وإن صدق أحدهما الآخر فكذبه به سقط المكذب أي بفتح الذال إن لم يكونا توأمين لأن المقر بأحد التوأمين مقر بالآخر وقوله إن لم يكونا توأمين قال في شرحه وإلا فلا أثر لتكذيب الآخر ا هـ . ( قوله في المتن كأخ أقر بابن للميت ) قال في الروض فإن أقر به الأخ والزوجة لم يرث معهما [ ص: 409 ] ا هـ ، وقال في شرحه ولو مات عن بنت وأخت فأقرتا بابن له سلم للأخت نصيبها لأنه لو ورث لحجبها ذكره الأصل ا هـ . ( قوله ما لو أقرت بنت معتقة للأب إلخ ) لعله تصوير إلا فلو ورثت الجميع فرضا وردا فكذلك كما علم مما قدمه وصرح به الناشري عن الأذرعي ، فقال فائدة قال الأذرعي بقي ما لو ترك بنتا وقلنا بالرد لفساد بيت المال فاستلحقت أخا فهل يكون كاستلحاق الابن الحائز مثلا أم لا لم أر فيه نقلا والأقرب نعم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ويرثانه ) هو في ارث الأخ أحد وجهين ، ووجهه ما ذكره الشارح والثاني لا لأنه يمنعها عصوبة الولاء أي الإرث بها قال في شرح الروض والأول أوجه ولعل اقتصار الشارح على هذا التصوير لذلك فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله فيما إذا أقر ) إلى قوله ولو ادعى في النهاية ، وكذا في المغني إلا قوله أو بزوجة للميت . ( قوله أو بزوجة إلخ ) انظر ما صورته ا هـ ع ش كان مراده ما فائدة عطفه مع أن الثالث شامل للزوجة قول المتن ( لا يرث ) وإذا قلنا لا يرث لعدم ثبوت نسبه وحرم على المقر بنت المقر به وإن لم يثبت نسبها مؤاخذة له بإقراره كما ذكره الرافعي ويقاس بالبنت من في معناها وفي عتق حصة المقر لو كان المقر به عبدا من التركة كأن قال أحدهما العبد فيها أنه ابن أبينا وجهان أوجههما أنه يعتق لتشوف الشارع إلى العتق مغني ونهاية وشرح الروض قال ع ش قوله م ر وفي عتق حصة المقر إلخ أي ظاهرا و باطنا وقوله م ر أوجههما أنه يعتق أي ولا سراية ، وإن كان المقر موسرا لعدم اعترافه بمباشرة العتق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وبفرض المتن إلخ ) عبارة المغني والأصح أن المستلحق لا يرث كذا في نسخة المصنف كما حكاه السبكي قال الشيخ برهان الدين وهو يقتضي أنه مع كون المقر حائزا إن استلحق لا يرث وهذا لا يعرف بل هو خلاف النقل والعقل والظاهر أن هنا سقطة هي إما من أصل المصنف وإما من ناسخ وصوابه أن يقول ، وإن لم يكن حائزا فالأصح إلخ كما يؤخذ من بعض النسخ انتهى ويوجد في بعضها فلو أقر أحد الحائزين دون الآخر فالأصح إلخ وهو كلام صحيح ولعله هو المراد من النسخة الأولى ويدل لذلك كما قال الولي العراقي قوله ولا يشارك المقر في حصته فهو قرينة ظاهرة على أن صورة المسألة إقرار بعض الورثة إذا لو كان المقر حائزا لم يكن له حصة بل جميع الإرث له ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله في هذا ) أي فيما إذا أقر أحد الحائزين إلخ . ( قوله السياق ) أي كقوله المقر بحصته ا هـ سم . ( قوله ظاهرا بل باطنا ) أي بل يشاركه فيها باطنا وظاهر أنه لو مات المستلحق ولا وارث غيرهما كان للصادق باطنا تناول ما يخصه في ارثه إن تمكن منه ا هـ سيد عمر ( قوله يلزمه إلخ ) أي المقر ، وكذلك يجب على غير المقر أن يشارك هذا الثالث بثلث ما أخذه إن كان يعلم أنه أخوه وإن كان في الظاهر لا يجب عليه أن يعطيه شيئا فكل من المقر والمكذب حكمهما واحد وأنما خص المقر [ ص: 408 ] بالذكر لأنه ربما يتوهم أنه لما أقر وجب عليه التشريك في حصته حتى في الظاهر ا هـ بجيرمي ( قوله فإن كان قبل القسمة دفع إليه نصفها ) ينبغي أنه لو أخرجت القسمة النصف الآخر في حصة المقر لزمه دفعه إليه أيضا لاعترافه به له ا هـ سم وفي تصويره وقفة لأنه إذا دفع نصف العين إلى المقر له تصير العين مشتركه بينه وبين المكذب ولا يبقى للمصدق تعلق بها أصلا فكيف يتصور إخراج القسمة النصف الآخر في حصته . ( قوله ولا شيء له ) أي للمصدق . ( قوله لم يلزمه ) أي المكذب ( قوله بل ينتظر ) إلى قوله وإنما طولب في النهاية والمغني .

                                                                                                                              ( قوله كمال الآخرين إلخ ) أي بلوغ الصغير وإفاقة المجنون فإذا بلغ الأول وأفاق الثاني فوافق البالغ العاقل ثبت النسب حينئذ ولا بد من موافقة الغائب أيضا ويعتبر موافقة وارث من مات قبل الكمال أو الحضور ا هـ مغني . ( قوله وورثه ) أي ورث المقر فقط غير الكامل . ( قوله كما تقرر ) أي في شرح ولا يشارك المقر في حصته . ( قوله لعمرو ) أي عن عمرو ( قوله أن لا يطالبه ) أي الأصيل . ( قوله والدين مؤجل ) فيؤخذ من تركته ا هـسم . ( قوله بالقرابة ) احتراز عن الولاء ( قوله كما يأتي ) أي بقول المتن وأنه إذا كان الوارث إلخ . ( قوله ونظيره ) أي العكس أو ما ذكر من النسب والإرث ( قوله بالخلع ) يعني بالطلاق البائن . ( قوله فإنه يثبت البينونة إلخ ) أي بالإقرار بالخلع .

                                                                                                                              ( قوله لوجودها إلخ ) تعليل لثبوت البينونة بدون مال و ( قوله قبل الدخول ) أي بالطلاق قبله . و ( قوله وعند استيفاء إلخ ) عطف على قبل الدخول . و ( قوله من غير مال ) متعلق بالوجود . ( قوله بخلاف وجوبه ) أي المال . ( قوله بالإقرار الأول ) إلى قوله المتن ويثبت في النهاية والمغني وإلا قوله ، ومن ثم غلط المقابل وقوله وبهذا إلى المتن . ( قوله : ولو ورثه ) أي ورث المنكر أو الساكت ا هـ سم . ( قوله وصدقه ) أي صدق وارث غير المقر المقر . ( قوله ولا ولاء عليه ) أي ومن عليه ولاء فقد مر حكمه في شرح وارثا حائزا . ( قوله ولو أقر ) أي الحائز والمجهول ا هـ سم . ( قوله فأنكر إلخ ) ، ولو أقر بأخوين مجهولين معا فكذب كل منهما الآخر أو صدقه ثبت نسبهما لوجود الإقرار من الحائز وإن صدق أحدهما الآخر فكذبه الآخر سقط نسب المكذب بفتح الذال دون نسب المصدق إن لم يكونا توأمين وإلا فلا أثر لتكذيب الآخر لأن المقر بأحد التوأمين مقر بالآخر ، ولو كان المنكر اثنين والمقر واحدا فللمقر تحليفهما فإن نكل أحدهما لم ترد اليمين على المقر لأنه لا يثبت بها نسب ولا يستحق بها إرثا ولو أقر الورثة بزوجية امرأة لمورثهم ورثت كإقرارهم بنسب شخص ومثله إقرارهم بزوج للمرأة نهاية ومغني .

                                                                                                                              ( قوله لأن الحائز ) إلى الكتاب في النهاية والمغني . ( قوله للدين إلخ ) ولو أقر به أي [ ص: 409 ] بابن للميت الأخ والزوجة لم يرث معهما لذلك أي للدور الحكمي ولو مات عن بنت وأخت فأقرتا بابن له سلم للأخت نصيبها لأنه لو ورث لحجبها مغني وأسنى . ( قوله ولو ادعى إلخ ) أي لو ادعى مجهول على أخ الميت أنه ابن الميت فأنكر الأخ ونكل عن اليمين فحلف المدعي اليمين المردودة ( قوله ما لو أقرت بنت إلخ ) لعله تصوير وإلا فلو ورثت الجميع فرضا وردا فكذلك كما علم مما قدمه وصرح به الناشري عن الأذرعي ا هـ سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية