الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فإذا وكله في شراء ) ولو لمعين جهل الموكل عيبه ومنع السبكي إجراء الأقسام الآتية فيه ضعيف ( لا يشتري معيبا ) أي لا ينبغي له لما يأتي من الصحة المستلزمة للحل غالبا في أكثر الأقسام وذلك لأن الإطلاق يقتضي السلامة واشتراه عامل القراض لأن القصد الربح ومنه يؤخذ أنه لو كان القصد هنا جاز له شراؤه ( فإن اشتراه ) أي المعيب ( في الذمة ) ولم ينص له على التسليم ( وهو يساوي مع العيب ما اشتراه به وقع عن الموكل إن جهل ) الوكيل ( العيب ) إذ لا مخالفة ولا تقصير ولا ضرر لإمكان رده وخرج بالذمة الشراء بعين مال الموكل فإنه وإن وقع للموكل أيضا بهذه الشروط إلا أنه ليس للوكيل رده لتعذر انقلاب العقد له بخلاف الشراء في الذمة فالتقييد للاحتراز عن هذا فقط

                                                                                                                              ( وإن علمه فلا ) يقع الشراء للموكل ( في الأصح ) وإن زاد على ما اشتراه به لأنه غير مأذون فيه عرفا [ ص: 322 ] ( وإن لم يساوه ) أي ما اشتراه به ( لم يقع عنه ) أي الموكل ( إن علمه ) أي الوكيل العيب لتقصيره إذ قد يتعذر الرد فيتضرر ( وإن جهله وقع ) للموكل ( في الأصح ) لعذر الوكيل بجهله مع اندفاع الضرر بثبوت الخيار له ( وإذا وقع ) الشراء في الذمة لما مر أنه ليس للوكيل الرد في المعين

                                                                                                                              ( للموكل ) في صورتي الجهل ( فلكل من الموكل والوكيل الرد ) بالعيب أما الموكل فلأنه المالك والضرر به لاحق نعم شرط رده على البائع أن يسميه الوكيل في العقد أو ينويه ويصدقه البائع وإلا رده على الوكيل ولو رضي به امتنع على الوكيل رده بخلاف عكسه وأما الوكيل فلأنه لو منع لربما لا يرضى به الموكل فيتعذر الرد لكونه فوريا فيقع للوكيل فيتضرر به ومن ثم لو رضي به الموكل لم يرد كما مر ولم ينظروا إلى أنه لو منع كان أجنبيا فلا يؤثر تأخيره لأن منعه لا يستلزم كونه أجنبيا من كل وجه ولا إلى أنه قد يؤخر لمشاورة الموكل لأنه لما استقل بالرد لم يضطر لذلك ولعيب طرأ قبل القبض حكم المقارن في الرد كما اعتمده ابن الرفعة وعلم مما مر أنه حيث لم يقع للموكل فإن كان الشراء بالعين بطل الشراء [ ص: 323 ] وإلا وقع للوكيل وعند الإطلاق له شراء من يعتق على موكله فيعتق كما مر ما لم يبن معيبا فللموكل رده ولا عتق ومخالفة القمولي في هذا مردودة

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ومنه يؤخذ أنه لو كان إلخ ) اسم كان مستتر عائد على الربح والقصد خبرها ( قوله جاز له شراؤه ) قال في شرح الروض وبه جزم الأذرعي وغيره ( قوله بهذه الشروط ) أي قوله في الشرح ولم ينص إلخ وقوله في المتن وهو يساوي إلخ وقوله إن جهل العيب ش ( قوله رده ) أي الآتي .

                                                                                                                              ( قوله في المتن وإن علمه فلا ) أي وإن كان الموكل قد عينه قال في شرح الروض نعم إن علم بعيب ما عينه وقع له انتهى وظاهره أنه ليس لواحد منهما الرد حينئذ فلو كان الوكيل فقط جاهلا فالوجه أنه ليس له الرد لرضا الموكل فلو رد ثم تبين حال الموكل فينبغي فساد [ ص: 322 ] الرد فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله في المتن والشرح وإذا وقع الشراء في الذمة للموكل فلكل من الموكل والوكيل الرد ) في الروض فإن اشتراه في الذمة ورضي به الموكل أو قصر لم يرده الوكيل انتهى وفي الإرشاد ولكل رد لا لراض ولا الوكيل إن رضي موكل قال الشارح في شرحه أو قصر في الرد والشراء فيهما بمعين أو موصوف في الذمة بخلاف ما إذا رضي وكيل أو قصر فلا يعتبر بل للموكل الرد إن سماه الوكيل أو نواه وصدقه البائع وإلا رده على الوكيل انتهى ثم قال في الإرشاد عطفا على إن رضي موكل أو اشترى أي الوكيل بعين ماله أي لا يرد الوكيل انتهى وفي الروض وشرحه مثله فقال لا إن اشترى بعين مال الموكل فلا رد له بالعيب لأنه لا يقع له بحال فلا يتضرر به انتهى ( قوله ولو رضي به امتنع على الوكيل رده ) لو رده قبل علمه برضا الموكل ثم تبين أنه كان راضيا به حين الرد فينبغي أن يتبين بطلان الرد .

                                                                                                                              ( قوله لأنه لما استقل بالرد إلخ ) يتأمل فيه فإن الكلام على تقدير منعه من الرد فما معنى استقلاله بالرد حينئذ ( قوله فإن كان الشراء بالعين بطل الشراء ) لو تعذر الرد على [ ص: 323 ] البائع في هذه الحالة بأن قصر الوكيل ولم يصدق البائع أن الشراء للموكل وأخذ الثمن المعين فينبغي أخذا مما سيأتي في مسائل الجارية أن يقال يرده الموكل على الوكيل ويغرمه بدل الثمن وللوكيل بيعه بالظفر واستيفاء ما غرمه من ثمنه



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله ولو لمعين ) إلى قول المتن وليس في النهاية إلا قوله ولم ينظروا إلى ولعيب طرأ ( قوله عيبه ) بياء فباء ( قوله ضعيف ) عبارة النهاية غير صحيح ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله أي لا ينبغي له ) أي لا يحسن له ا هـ ع ش وعبارة المغني أي يمتنع عليه ذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله في أكثر الأقسام ) احترز بقوله في أكثر الأقسام عما لو اشترى بالعين وكان عالما بالعيب فإنه لا يقع لواحد منهما ويحرم لتعاطيه عقدا فاسدا انتهى زيادي ا هـ ع ش

                                                                                                                              ( قوله وذلك ) أي عدم اشتراء المعيب ( قوله واشتراه إلخ ) جواب سؤال فكان الأولى زيادة إنما عبارة النهاية وإنما جاز لعامل القراض شراؤه إلخ قال الرشيدي قوله وإنما جاز إلخ أي جاز له ذلك دائما وبه يحصل الفرق بينه وبين الوكالة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ومنه يؤخذ ) أي من التعليل ( قوله لو كان القصد ) اسم كان مستتر عائد على الربح والقصد خبرها ا هـ سم ( قوله جاز له شراؤه ) قال في شرح الروض وبه جزم الأذرعي وغيره ا هـ سم ( قوله ولم ينص له على السليم ) أما لو نص له على السليم لم يقع للموكل كما قال الإسنوي إنه الوجه لأنه غير مأذون فيه نهاية ومغني ( قوله إذ لا مخالفة ) أي لإطلاق الموكل الشراء

                                                                                                                              ( قوله ولا تقصير ) أي لجهل الوكيل العيب ( قوله لإمكان رده ) أي رد كل من الوكيل والموكل المعيب ( قوله بهذه الشروط ) هي عدم النص على السليم ومساواته لما اشتراه به وجهل الوكيل العيب ا هـ ع ش ( قوله رده ) أي الآتي ا هـ سم ( قوله فالتقييد ) أي بقوله في الذمة ( قوله عن هذا ) أي قوله إلا أنه ليس إلخ ا هـ ع ش عبارة المغني ففائدة التقييد أولا بالذمة إخراج المذكور آخرا وهو رد الوكيل فلو قيد الأخير فقط فقال للموكل الرد وكذا للوكيل إن اشترى في الذمة لكان أولى ا هـ قول المتن ( وإن علمه فلا ) أي وإن كان الموكل عينه قال في شرح الروض نعم إن علم عيب ما عينه وقع له ا هـ وظاهر أنه ليس لواحد منهما الرد حينئذ فلو كان الوكيل فقط جاهلا فالوجه أنه ليس له الرد لرضا الموكل به فلو رد ثم تبين حال الموكل فينبغي فساد الرد فليراجع ا هـ سم

                                                                                                                              قول [ ص: 322 ] المتن ( وإن لم يساوه ) أي سواء كان الشراء في الذمة أو بالعين ا هـ ع ش ( قوله إذ قد يتعذر إلخ ) يتأمل تقريبه عبارة المغني وقد يهرب البائع فلا يتمكن الموكل من الرد فيتضرر ا هـ وهي ظاهرة قول المتن ( وإذا وقع إلخ ) في الإرشاد ولكل رد لا لراض ولا لوكيل إن رضي موكل قال الشارح في شرحه أو قصر في الرد والشراء فيهما بمعين أو بموصوف في الذمة بخلاف ما إذا رضي وكيل أو قصر فلا يعتبر بل للموكل الرد إن سماه الوكيل أو نواه وصدقه البائع وإلا رده على الوكيل ا هـ ثم قال في شرح الإرشاد عطفا على إن رضي موكل أو اشترى أي الوكيل بعين ماله أي لا يرد الوكيل ا هـ .

                                                                                                                              وفي الروض وشرحه مثله ا هـ سم وفي المغني بعد ذكر مثل ما مر عن الإرشاد وشرحه ما نصه فرع لو قال البائع للوكيل أخر الرد حتى يحضر الموكل لم يلزمه إجابته وإن أخر فلا رد لتقصيره ولو ادعى البائع عن الوكيل رضا الموكل بالعيب واحتمل رضاه به باحتمال بلوغ الخبر فإن حلف الوكيل على نفي العلم رد وإن نكل وحلف البائع لم يرد لتقصيره بالنكول فإن حضر الموكل في الصورة الأولى وصدق البائع في دعواه فله استرداده المبيع منه أو في الثانية وصدق البائع فذاك وإن كذبه وقع الشراء للموكل وله الرد خلافا للبغوي نبه عليه في أصل الروضة

                                                                                                                              أما إذا لم يحتمل رضاه فلا يلتفت إلى دعوى البائع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لما مر ) أي قبيل قول المتن وإن علمه إلخ ثم هذا تعليل لتقييد الشراء بالذمة ( قوله شرط رده ) أي الموكل ( قوله وإلا رده إلخ ) عبارة المغني وإلا وقع الشراء للوكيل لأنه اشترى في الذمة ما لم يأذن فيه الموكل فانصرف إليه ا هـ مغني ( قوله ولو رضي به ) أي الموكل بالمعيب أي أو قصر في الرد كما مر عن سم والمغني ( قوله امتنع على الوكيل رده ) لو رده قبل علمه برضا الموكل ثم تبين أنه كان راضيا به حين الرد فينبغي أن يتبين بطلان الرد سم على حج ا هـ ع ش ومر عن المغني ما يوافقه ( قوله بخلاف عكسه ) عبارة سم عن شرح الإرشاد كما مر آنفا بخلاف ما إذا رضي وكيل أو قصر فلا يعتبر بل للموكل الرد إن سماه إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فلأنه لو منع لربما لا يرضى به الموكل إلخ ) قد يقال عدم رضا الموكل به بعد الحكم بوقوع العقد له لغو فلا عبرة بعدم رضاه ولا يقع بذلك للوكيل اللهم إلا أن يقال إن المراد بعدم رضاه أن يذكر سببا يقتضي عدم وقوع العقد له كإنكار الوكالة بما اشترى به الوكيل أو إنكار تسمية الوكيل إياه في العقد أو نيته فليتأمل ا هـ ع ش ( قوله ومن ثم ) أي من أجل أن العلة تضرر الوكيل ( قوله لأن منعه ) تعليل لعدم النظر

                                                                                                                              ( قوله ولا إلى أنه إلخ ) عطف على قوله إلى أنه لو مع إلخ ( قوله لأنه إنما استقل إلخ ) يتأمل فيه فإن الكلام على تقدير منعه من الرد فما معنى استقلاله بالرد حينئذ ا هـ سم وفيه أن المراد بالرد هنا الرد من حيث هو بقطع النظر عن منعه وجوازه ( قوله لذلك ) أي المشاورة ( قوله ولعيب طرأ إلخ ) خبر مقدم لقوله حكم المقارن .

                                                                                                                              ( قوله في الرد ) أي وعدمه ا هـ نهاية قال ع ش قوله م ر في الرد وعدمه أي لا في عدم وقوعه للموكل لأنه مأذون له في شرائه وقت العقد لسلامته عنده وقد تقدم أنه إن كان الشراء بالمعين فلا رد للوكيل أو في الذمة فلكل منهما الرد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله فإن كان الشراء بالعين بطل الشراء ) لو تعذر الرد على البائع في هذه الحالة بأن قصر الوكيل ولم يصدق البائع أن الشراء للموكل وأخذ الثمن المعين فينبغي أخذا مما سيأتي في مسائل الجارية أن يقال يرده الموكل على الوكيل ويغرمه بدل الثمن وللوكيل بيعه بالظفر [ ص: 323 ] واستيفاء ما غرمه من ثمنه سم على حج ا هـ ع ش ( قوله وإلا وقع للوكيل ) والكلام في العيب المقارن أما الطارئ فيقع فيه للموكل مطلقا سواء اشتراه بالعين أو في الذمة ا هـ ع ش ( قوله وعند الإطلاق ) أي إطلاق الموكل التوكيل ( قوله شراء من يعتق إلخ ) أي وإن علم بكونه يعتق عليه ولا نظر إلى ضرر الموكل لتقصيره بعدم التعيين وظاهره وإن كان الغرض من شرائه التجارة فيه من الموكل وعبارته م ر كحج فيما مر بعد قول المصنف فإن وكله في شراء عبد وجب بيان نوعه ولو اشترى من يعتق على الموكل صح وعتق عليه بخلاف القراض لمنافاته موضوعه ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية